يبرود .. مدينة سورية قديمة قدم التاريخ

الكاتب : ويكيبيديا
التاريخ : ١٧ ٢٠١٤ م

المشاهدات : 9899


يبرود .. مدينة سورية قديمة قدم التاريخ

يبرود مدينة سورية قديمة قدم التاريخ ما تزال مأهولة وجدت فيها أقدم كهوف عصور ما قبل التاريخ (كمغارة وادي اسكفتا).
تقع مدينة "يبرود" شمال العاصمة "دمشق" بـ80 كم بين أحضان "جبال القلمون" المتاخمة لجبال لبنان الشرقية ضمن وادي يفصل التقاء الهضبة الثالثة بالهضبة الثانية من سلسلة جبال القلمون والمحاطة من أغلب جهاتها بجبال شاهقة تعلو رؤوسها تيجان صخرية تكاد تنفرد بها جبال "يبرود" وضواحيها.

 

من أبرز جبالها جبل مار مارون وجبال الجرد الشرقي لسلسلة الجبال السورية.
جغرافية يبرود:
تقع مدينة "يبرود" شمالي العاصمة السورية دمشق بـ80 كم وجنوبي مدينة حمص بـ80 كم الى يسار الأوتستراد الدولي بين أحضان "جبال القلمون" المتاخمة لجبال لبنان الشرقية حيث تتألف جبال القلمون من ثلاثة هضاب تتجه من الغرب الى الشرق وتقع مدينة يبرود ضمن وادي يفصل التقاء الهضبة الثالثة بالهضبة الثانية ويحيط بالمدينة من أغلب جهاتها جبال شاهقة تعلو رؤوسها تيجان صخرية تكاد تنفرد بها جبال "يبرود" وضواحيها، من أبرز جبالها جبل مار مارون وجبل العريض وجبال الجرد الشرقي لسلسلة الجبال السورية.
منطقة يبرود:
تقع منطقة يبرود ضمن محافظة ريف دمشق وتضم منطقة يبرود إضافة إلى مدينة يبرود كمركز منطقة إداري عدة قرى وبلدات مجاورة للمدينة هي: رأس العين, رأس المعرة, عسال الورد, الجبة, بخعا أو الصرخة, ويتبع لها أيضا قسم من مزارع ريما الفاصلة بين مدينتي يبرود والنبك.

يبرود
مناخ يبرود:
تتميز مدينة يبرود ببردها القارس في الشتاء وجوها المعتدل البارد نوعا ما صيفا، حيث تشير بعض الدراسات التاريخية إلى أن الملكة "زنوبيا" كانت تصطاف في المدينة أيام حكمها لمملكة "تدمر"
تاريخ يبرود:

تعتبر "يبرود" من أهم مناطق سكن إنسان ما قبل التاريخ حيث اكتشفت مغاور طبيعية محفورة في الجبال وفي الأودية المحيطة بالمدينة، وذكر الباحث "ألفرد روست" مكتشف هذه المغاور أن وادي "اسكفتا" أشهر وديان الشرق الأدنى في عصور ما قبل التاريخ.
الأستاذ والباحث السوري " نور الدين عقيل" قال في تعريفه للمدينة: "يبرود كلمة آرامية ورد ذكرها في كتابات الرقم الفخارية في بلاد ما بين النهرين، وذكر اسم "يبرود" في كتاب البلدان الذي وضعه الجغرافي اليوناني "بطليموس القلوذي" الذي عاش في القرن الثاني للميلاد.
أصبحت "يبرود" في العهد الروماني مركزا عسكريا ويستدل على ذلك من بقايا أحد الحصون الرومانية الذي ما تزال بقاياه ظاهرة، في العهد الآرامي بني معبد ضخم لعبادة الشمس، ولا تزال الحجارة الباقية تحمل كتابات ونقوشاً تدل على حالته التاريخية السابقة.
جرت أولى عمليات التنقيب في مدينة "يبرود" مع بداية عام /1930/ على يد العالم الألماني "ألفرد روست" واستمرت ثلاث سنوات اكتشف من خلالها أبرز معالم الحضارة اليبرودية، ليصدر بعدها كتابه باللغة الألمانية "مغاور يبرود" في عام /1950/.
و على ضوء تلك الاكتشافات قدمت بعثة أمريكية في عام /1965/ تضم باحثين من جامعة كولومبيا في "نيويورك" برئاسة البروفسور "رالف سوليكي" Solecki, Ralph S الذي عاد مجددا في عام /1987/ ليكتشف بقايا للإنسان اليبرودي الذي اعتبر أقدم من سكن الأرض وأقام الحضارة فيها، ومع مطلع التسعينيات زارت بعثة يابانية مدينة "يبرود" لمتابعة عمليات التنقيب والدراسة، هذه الاكتشافات لعبت دورا بارزا في تقديم صورة ومادة علمية استفاد منها الباحثون في حقل دراسات العصور الحجرية في العالم.
وفي يبرود تعتبر كنيسة "يبرود" من أقدم المعالم الأثرية في سورية ففي بداية الألف الأولى قبل الميلاد أصبحت "يبرود" مركزا لإحدى الممالك الآرامية في سوريا وبلاد الشام وازدهرت هذه المملكة سياسيا واقتصاديا وعسكريا، تم في ذلك العهد بناء أكبر وأفخم معابد الشمس في البلاد في وسط المدينة بسعة كبيرة قياسا إلى معابد تلك الأزمنة الغابرة، بحجارة ضخمة منحوتة من الصخر محاطاً برواق محمول على أعمدة طويلة رشيقة اسطوانية غاية في الجمال والإبداع، لا تزال بعض قواعدها ظاهرة للعيان حتى وقتنا هذا كذلك حجارته القاعدية الضخمة التي يبلغ أحجامها بحدود المتر المكعب, تحول هذا المعبد بعيد الاحتلال الروماني لبلاد الشام إلى معبد لعبادة جوبيتر كبير آلهة الرومان آنذاك، في سنة /331/م تحول هذا المعبد الوثني إلى كاتدرائية مسيحية باسم القديسين "قسطنطين وهيلانة" تيمنا بالإمبراطور الروماني "قسطنطين" الذي سمح بالحرية الدينية بالبلاد، وأمه لقديسة هيلانة التي أقنعته بالتسامح الديني وتحولت الدولة الرومانية فيما بعد إلى الديانة النصرانية.
وفيما بعد قام إبراهيم باشا والي مصر أثناء حملته في سوريا بوهبه للأهالي والتعهد بصيانته والحفاظ عليه وبقي على ماهو عليه ككنيسة.
وفي يبرود مسجد وجامع الخضر الذي لم يتبق منه سوى مئذنته القديمة والتي انتهت ورشات الترميم من إعادة الحياة إليها وأعادت إليها أيام مجدها فهذه المئذنة تشبه مئذنة المسجد الأموي بدمشق إلى حد كبير كما يقال أنها بنيت في فترة زمنية قريبة جداً من العهد الأموي في بلاد الشام، وحتى الآن لا تزال الدراسات حول مسألة تحديد عمر الإنسان الحجري في "يبرود" هل هو قبل إنسان "النياندرتال" أم بعده؟
مسألة غير قابلة للتحديد نتيجة توقف الحملات الاستكشافية وورشات التنقيب عن البحث أكثر في تاريخ يبرود وماضيها، غير أن للباحث السوري "نور الدين عقيل " مستنداً إلى معلومات معينة ونتائج متحققة رأي أخر فهو يقول أن سكان مغاور وملاجئ "وادي إسكفتا في يبرود"، وخاصة الملجأ الأول استوطنوا المكان على امتداد زمن يزيد على /150/ ألف سنة، إضافة إلى /25/ مجموعة بشرية لكل منها حضارتها الخاصة، وأكثرها أصالة كانت الجماعات اليبرودية التي دلت عليها أدواتها الصوانية.
وقد جمعت مكتشفات مغاور يبرود في قاعة خاصة ضمن متحف دمشق الوطني في دمشق التنقيبات لم تتوصل بعد لكثير من أسرار الحضارة اليبرودية، التي مايزال الكثير منها جاثماً ينتظر من يكشف عنه عباءة التراب.
يبرود دينياً:
كانت سوريا إجمالا تدين بالمسيحية وببعض الديانات الأخرى خاصة الوثنية " عبادة الاصنام " وبعد الفتوحات الإسلامية بدأ الإسلام يتغلغل عميقا في كافة الوديان والهضاب والسهول من جنوبها وحتى شمالها ومنها يبرود.. وتفخر يبرود بتعايش سكانها القديم دون تمييز بالدين حيث يتعايش الإسلام والمسيحية جنبا إلى جنب حيث لاتفصل كنيسة يبرود عن مسجدها القديم سوى عشرات الأمتار كما أن زيارات الأهالي لبعضهم اليومية لم تتوقف والتعاضد فيما بينهم بالسراء والضراء لم ينقطع.


يبرود ديموغرافياً:
يبلغ تعداد السكان المقيمين في يبرود حتى عام 2010 التقريبي حوالي 80000 نسمة تقريبا والجدير بالذكر أن هذا التعداد لا يشمل المغتربين في قارات أمريكا الجنوبية والشمالية وأوروبا وحتى ودول الخليج العربي فيبرود قد ملأ شبابها المهاجر أصقاع الأرض من أمريكا إلى آسيا.
يبرود زراعياً:
كانت يبرود ولغاية الثمانينات من القرن الماضي تعتبر مدينة زراعية يعتمد أهلها على الزراعة المروية بالبعل (المطر) ومن أشهر منتجاتها الزراعية: البطاطا اليبرودية والكرز والتين والمشمش واللوز والقمح اليبرودي الذي يجاري في جودته القمح الحوراني إضافة لبعض الأعشاب التي تعرف باستخداماتها الطبية مثل البابونج وغيره.
نهضة يبرود:
شهدت يبرود نهضة صناعية وعمرانية وسياحية وتجارية ضخمة منذ نهاية الثمانينيات في القرن الماضي وحتى عام 2010 حولتها من بلدة صغيرة إلى مدينة تعتبر ثاني أكبر المدن الصناعية في سوريا حسب إحصاءات وزارة الصناعة السورية وإتحاد غرف التجارة السورية وتضم حالياً مقر غرفتي التجارة والصناعة لمحافظة ريف دمشق كما تعد من أوائل المدن السورية التي تملك أكبر نسبة من عدد سكانها من ذوي الدراسات العليا أو الدراسات الجامعية وبجميع الاختصاصات وأصبحت مقصداً للهجرة الداخلية كونها تؤمن فرص عمل مميزة نظراً لمكانة المدينة الصناعية.
ولمدينة يبرود عدد كبير من مواطنيها المغتربين يتوزعون بين الخليج العربي وأوربا وأميركا الجنوبية كان أبرزهم الرئيس الأرجنتيني السابق كارلوس منعم ومن ناحية الحركة الثقافية والفكرية فمن أشهر رواد هذه الحركة المرحوم الشاعر الدكتور خالد محيي الدين البرادعي والمرحوم الشاعر زكي قنصل أخر شعراء العرب في المهجر.

 


 

المصادر: