اجتماع جنيف يسفر عن إجماع على حكومة انتقالية ويترك مصير الأسد غامضا

الكاتب : الشرق الأوسط
التاريخ : ١ ٢٠١٢ م

المشاهدات : 2479


اجتماع جنيف يسفر عن إجماع على حكومة انتقالية ويترك مصير الأسد غامضا

اتفقت القوى الدولية المجتمعة في جنيف أمس السبت على ضرورة إقامة حكومة انتقالية في سوريا يجب أن تضم أعضاء من الحكومة الحالية ومن المعارضة، وخرجت الأطراف بتفسيرات متضاربة حول مصير الأسد فبينما لمح كوفي أنان في رده على أسئلة الصحافيين على أنه يتوقع في المفاوضات إذا طلب من الأسد التنحي أن يتنحى قال سيرغي لافروف وزير خارجية روسيا إن الاتفاق لا ينص على رحيل الأسد..

 

وقال أنان: الأمر متروك للشعب للتوصل إلى اتفاق سياسي لكن الوقت ينفد مؤكدا. نحتاج إلى خطوات سريعة للتوصل إلى اتفاق. يجب حل الصراع من خلال الحوار السلمي والمفاوضات وأضاف أنه يتعين على الأطراف أن تقدم محاورين لمساعدته في العمل من أجل تسوية.

من جانبها اعتبرت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون في مؤتمر صحافي أن الاتفاق الذي تم التوصل إليه أمس في جنيف في إطار مجموعة العمل حول سوريا يمهد «الطريق لمرحلة ما بعد الأسد، وأن الرئيس السوري يجب أن يسمع الرسالة الواضحة من اجتماع جنيف بأن أيامه معدودة».

وأضافت أن الولايات المتحدة ستعرض على مجلس الأمن الخطة الانتقالية التي تم التوافق في شأنها والتي تنص على تشكيل حكومة انتقالية في سوريا. لكن لافروف أكد أن الاتفاق لا يتضمن أي نص على رحيل الأسد، معتبرا أن ذلك يجب أن يترك للشعب السوري، كما انتقد تسليح المعارضة وأبدى أسفه لعدم دعوة السعودية وإيران إلى الاجتماع باعتبارهما طرفين فاعلين، وقال لافروف إن الأسلحة التي تقدمها روسيا إلى النظام للدفاع الجوي ولا يمكن استخدامها ضد المتظاهرين.

من جانبه قال وزير الخارجية الصيني يانغ جيشي في جنيف إن الخطة الانتقالية لسوريا يجب أن تحظى بموافقة جميع الأطراف السوريين من دون أن تفرض من الخارج. وقال الوزير الصيني في مؤتمر صحافي عقده في جنيف في ختام اجتماع حول سوريا إن الخطة الانتقالية «لا يمكن إلا أن تكون بقيادة سوريين وبموافقة كل الأطراف المهمين في سوريا. لا يمكن لأشخاص من الخارج أن يتخذوا قرارات تتعلق بالشعب السوري».

وأعلن الموفد الدولي كوفي أنان أن اتفاقا حول المبادئ والخطوط الكبرى لعملية انتقالية في سوريا تم التوصل إليه السبت في جنيف خلال اجتماع مجموعة العمل حول سوريا.

وكان أنان قد تلا البيان الختامي الذي يلحظ منه إمكان أن تضم الحكومة الانتقالية في سوريا أعضاء في الحكومة الحالية. وأوضح أن المشاركين «حددوا المراحل والإجراءات التي يجب أن يلتزمها الأطراف لضمان التطبيق الكامل لخطة النقاط الست والقرارين 2042 و2043 الصادرين عن مجلس الأمن».

وتنص خطة النقاط الست التي تبناها مجلس الأمن في مايو (أيار) على وقف لإطلاق النار اعتبارا من 12 أبريل (نيسان)، لكنه لم يدخل أبدا حيز التطبيق.

ولفت أنان إلى أن «الحكومة الانتقالية ستمارس السلطات التنفيذية. ويمكن أن تضم أعضاء في الحكومة الحالية والمعارضة ومجموعات أخرى، وينبغي أن يتم تشكيلها على أساس قبول متبادل».

وقال أنان في مؤتمر صحافي «أشك في أن يختار السوريون أشخاصا ملطخة أيديهم بالدماء لحكمهم».

وردا على سؤال عن مستقبل الرئيس بشار الأسد، شدد أنان على أن «الوثيقة واضحة في شأن الخطوط الكبرى والمبادئ لمساعدة الأطراف السوريين وهم يتقدمون في العملية الانتقالية ويشكلون حكومة انتقالية ويقومون بالتغييرات الضرورية». وأكد في السياق نفسه أن مستقبل الأسد «سيكون شأنهم».

ومجموعة العمل حول سوريا التي شكلها أنان تضم وزراء خارجية الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن، أي الولايات المتحدة والصين وروسيا وفرنسا وبريطانيا، وثلاث دول تمثل الجامعة العربية هي العراق والكويت وقطر، إضافة إلى تركيا والأمين العام للجامعة العربية والأمين العام للأمم المتحدة ووزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي.

أما وزير الخارجية الفرنسي، لوران فابيوس، فقال في مؤتمر صحافي في جنيف إن الحكومة الانتقالية السورية التي تم الاتفاق على تشكيلها في جنيف، «سيتم اختيار أعضائها بتوافق متبادل، ما يستبعد منها مرتكبي المجازر».

وتابع فابيوس في ختام اجتماع لمجموعة العمل حول سوريا، أنه في هذه الظروف «لا مجال للشك في أن على الأسد مغادرة السلطة».

وأضاف الوزير الفرنسي: «لا يمكن لأحد أن يتصور للحظة أن الأسد سيكون في عداد هذه الحكومة، كما لا يمكن بالمقدار نفسه لأحد أن يتصور أن الأسد سيكون قادرا على تأمين أجواء محايدة» كما هو وارد في الاتفاق.

وقال فابيوس أيضا إن هذا الاتفاق يشكل «خطوة إلى الأمام لأن النص أقر بالإجماع بموافقة روسيا والصين»، ونظرا إلى «التحديد الذي أعطاه للمرحلة الانتقالية».

وتابع وزير الخارجية الفرنسي أنه في حال لم يطبق هذا الاتفاق «فسيتم التوجه إذا دعت الحاجة إلى مجلس الأمن».

وقال إن المرحلة المقبلة ستكون عبر اجتماع أصدقاء الشعب السوري المقرر في السادس من يوليو (تموز) في باريس، والذي «سيشارك فيه أكثر من 100 دولة إضافة إلى ممثلين للمجلس الوطني السوري» المعارض.

واعتبر فابيوس أن اجتماع باريس هذا سيؤمن «دعما متزايدا من المجتمع الدولي» للمعارضة، و«سيفرض ضغوطا على النظام» على أن يؤدي «لاحقا إلى إرسال مساعدة ملموسة على الأرض».

وكان مبعوث الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية بشأن الأزمة السورية، كوفي أنان، ناشد القوى العالمية أمس التوحد بشأن خطة سلام في سوريا، بما في ذلك وضع مبادئ لتحول سياسي يقوده السوريون. وقال أنان في كلمة افتتاحية لاجتماع وزراء المؤتمر الدولي لمجموعة العمل حول سوريا في جنيف، إن الوضع قد يشعل المنطقة ويفجر أزمة دولية إذ لم يجر التوصل لحل. وأضاف: «تلوح في الأفق أزمة دولية بالغة الخطورة. نحن هنا للاتفاق على خطوط رئيسية ومبادئ لتحول سياسي في سوريا يلبي الطموحات المشروعة للشعب السوري». وقال أنان إن السوريين «سيكونون أكبر الضحايا, وقتلاهم لن يكونوا فقط نتيجة أعمال القتل, بل أيضا نتيجة عجزكم عن تجاوز انقساماتكم».

وأضاف: «من دون وحدتكم, ومن دون قراركم المشترك وعملكم في الوقت الراهن, كما سمعنا من الأمين العام, لا أحد يمكن أن يربح, وسيخسر الجميع في شكل من الأشكال». وأوضح أنان أن «حكم التاريخ علينا سيكون قاسيا إذا ما عجزنا عن سلوك الطريق الصحيح اليوم, ومخاطر فشل العمل معا واضحة, والمنافع المتأتية من سلوك الطريق نفسه واضحة». وقال أنان إنه آن الأوان لأن تعمل المجموعة الدولية بأقصى سرعتها, بعدما أقرت مبدأ إرسال المراقبين. وأضاف: «يجب أن نتخذ اليوم التزامات تقود إلى أفعال يتعين أن نقوم بها بصورة جماعية وتطبيقها في الأيام والأسابيع والأشهر المقبلة». وخلص أنان إلى القول: «آمل أن يكون هذا اليوم مثمرا, اتحدوا, اعملوا معا وتحركوا معا من أجل المصلحة المشتركة, وخصوصا لما فيه مصلحة» الشعب السوري.

فيما دعا وزير الخارجية البريطاني، ويليام هيغ، أمس مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة إلى البدء في إعداد قرار هذا الأسبوع يقضي بفرض عقوبات على سوريا. ودعا إلى اتخاذ قرار سريع بموجب الفصل السابع، أثناء كلمته. بينما أبدت وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي أشتون تفاؤلها بشأن التوصل لحل ملائم. وقال هيغ إن الرئيس السوري بشار الأسد وأقرب رفاقه لا يمكنهم قيادة تحول. وأضاف أن المحاسبة على الجرائم يجب أن تكون جزءا من مثل هذه العملية. وأضاف هيغ: «الخطوات التي سنتفق عليها اليوم, وهنا أنا أختلف مع زميلي الروسي سيرغي لافروف, ستحتاج إلى إقرار سريع من مجلس الأمن في شكل قرار بموجب الفصل السابع. العالم مسؤول عن القتلى في سوريا إذا استمر (الانقسام) حول الأزمة فيها». وحين سئل وزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري الذي يحضر الاجتماع أيضا عما إذا كان يحدوه التفاؤل أجاب بنعم. فيما حذر بان كي مون المجتمعين في جنيف من أنه إذا لم يتم حل الأزمة في سوريا فسيتطلب الأمر سحب بعثة المراقبين, وقال وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس، الذي وصل لحضور المحادثات: «من الضروري للغاية أن يتوقف العنف وأن يبدأ تحول سياسي, بينما أبدت كاثرين أشتون، مسؤولة الشؤون الخارجية بالاتحاد الأوروبي، تفاؤلها بشأن توصل المحادثات الخاصة بسوريا لحل ملائم. وأبلغ دبلوماسي عربي «رويترز» الليلة الماضية بعد اجتماع تمهيدي انتهى في جنيف بأن وضع الخطة يبدو سيئا. وأضاف: «إذا لم يكن هناك اتفاق فإن بشار الأسد سيعرف أن لديه كل فرصة ممكنة لتقوم طائراته بحرق البلدات وأن المجتمع الدولي لن يفعل شيئا». وتعترض روسيا والصين على ما يراه البلدان تدخلا غربيا في الشؤون الداخلية لسوريا.

المصادر: