جبران باسيل وورقة اللاجئين السوريين

الكاتب : بشير البكر
التاريخ : ٨ ٢٠١٩ م

المشاهدات : 2053


جبران باسيل وورقة اللاجئين السوريين

بين حين وآخر، يرمي وزير خارجية لبنان، جبران باسيل، قنبلةً صوتيةً لإثارة الخوف من وجود اللاجئين السوريين في لبنان. مرة هم "قنابل موقوتة" يهدّدون الاستقرار اللبناني، ويشكلون خطرا إرهابيا على أوروبا، وثانية يعطّلون تصدير التفاح اللبناني، وأخرى يفسدون موسم السياحة. وجديد ما جادت به قريحة الوزير أن اللاجئين باتوا خطرا على النسيج الاجتماعي اللبناني
تقول إحصاءات دولية إن تعداد اللاجئين السوريين في لبنان قبل نهاية عام 2017 أقل من مليون نسمة، وعاد منهم عشرات الآلاف منذ ذلك الحين لأسباب مختلفة، أهمها الممارسات العنصرية التي يتعرّضون لها على المستوى الرسمي، حيث بلغت عنصرية بعض البلديات حد إصدار أوامر منع تجول ليلي تطاول السوريين، ولقي ذلك استنكارا لدى أوساط لبنانية من منظمات المجتمع المدني الناشطة بين اللاجئين. وجرى تفسير هذا الإجراء المعيب بأنه للحد من التجاوزات التي يقترفها بعض اللاجئين. ومؤكّدٌ أن هناك من بين اللاجئين أشخاصا لا يحترمون القوانين، وقاموا بتجاوزاتٍ لا يقرّها أحد، وهذا حصل في لبنان وغير لبنان من بلدان اللجوء، ومثال ذلك تركيا التي حصلت على أرضها عشرات الحوادث، ولكن الحكومة التركية امتصت تجاوزاتٍ كثيرة بالتعامل معها بوضعها في إطارها، ومنعت بذلك توظيفها لتجريم اللجوء السوري فوق أرضها، والذي استقبلته بتفهم شديد، وأعطته الفرصة كي يقدم أفضل ما لديه، فصار السوريون مثالا للاندماج والإنتاجية في العمل والمثابرة وحسن الجوار
من يستعد تصريحات باسيل على مدار السنوات الماضية يستنتج أن وجود اللاجئين السوريين في لبنان يشكل خطرا على مستقبل التعايش، وهم قنبلة موقوتة ستنفجر لتدمّر الصيغة اللبنانية الحالية القائمة على التوازنات الطائفية. هذا إذا اعتبرنا أن باسيل يرمي من مقولة النسيج الاجتماعي التوطين، وهذا بعبعٌ يلوّح به زعماء سياسيون في لبنان، وسبق لهم أن أشهروا هذا الخوف في وجه الفلسطينيين الذين نفخوا أعدادهم حتى تتضخم المخاوف في ذهن الرأي العام، ثم تبين في الإحصاءات أن عددهم لا يتجاوز نصف الرقم المعلن، ولم يتم تجنيس سوى فئات قليلة منهم. وسواء قاس الوزير أثر تصريحه الأخير، أم أنه أطلقه من دون حساب، فإن سمعة اللاجئين السوريين باتت على لسان باسيل، واستمر يلوكُها بمناسبة ومن غير مناسبة، حتى وصل به التحامل إلى حد تحريض العالم من أجل الضغط على اللاجئين للعودة إلى سورية، من باب وقوفه إلى جانب النظام السوري الذي يلعب ورقة اللاجئين، من باب طلب مساعدات دولية لإعادة الإعمار، وزج الشباب في القتال ضمن قواته ضد الفصائل المسلحة. والغريب أن الائتلاف وهيئة التفاوض يصمّان الآذان عن تطاول باسيل، ولا يحرّكان ساكنا، وفي أيديهم كل الأسباب القانونية لتحريك دعوة قضائية ضد وزير الخارجية اللبناني أمام المحاكم الدولية لحقوق الإنسان، ذلك أن اللجوء واحترام كرامة اللاجئين محفوظان في الاتفاقيات الدولية
يصدر جبران باسيل عن مزاج عنصري، شائع في لبنان منذ زمن طويل. ويتحول هذا العارض المرضي من حين إلى آخر. في الماضي غير البعيد، كان الفلسطيني وأبناء الطوائف الأخرى هم الهدف، وانضاف إليهم اللاجئون السوريون. ويلعب باسيل هذه الورقة، وهو يدرك مردودية الشعبوية، فالرجل الذي وصل إلى منصب وزير خارجية في لبنان من دون كفاءة سياسية، فقط لكونه صهر الرئيس ميشال عون، يذهب بنظره نحو البعيد، ولا يقبل أقل من وراثة الجنرال الذي جاء إلى الحكم على جناح تحالفه مع حزب الله، حليف دمشق التي نفته خارج بلده قرابة 15 عاما، وعاد من باب تقديم الولاء والطاعة.

المصادر:

العربي الجديد