وماذا عن تفاقم آثار الحصار بالغوطة ؟!

الكاتب : زياد الشامي
التاريخ : ١٤ ٢٠١٧ م

المشاهدات : 2686


وماذا عن تفاقم آثار الحصار بالغوطة ؟!

 

تتزاحم الكثير من قضايا المسلمين في هذه الأيام المرتبة الأولى في سلم أولويات اهتمام المسلم المفترض بشؤون إخوانه في العقيدة والدين حتى باتت معظمها من شدة أهميتها وضرورة التفاعل معها وبذل كل ما يمكن أن يساهم بمعالجتها وحلها لا تحتمل التغافل أو التأجيل فضلا عن النسيان والإهمال وعدم الاهتمام .

 

لا شك أن واقع تشتت الأمة وتشرذمها وتراكم أسباب الخلاف التي شقت الصف الإسلامي وأدت إلى اتساع الخرق على الراقع كان له الدور الأهم في تعقيد قضايا المسلمين و تزايدها كمّا وتنامي انعكاساتها السلبية وصعوبة حلحلة عقدها أو حتى التخفيف من آثارها الكارثية دفعة واحدة أو حتى تباعا . 

 

لا يكاد المقام يتسع لسرد محن المسلمين ومعاناتهم وآلامهم التي لم تزدها الأيام إلا تفاقما , فمن قضية القدس التي تصدرت واجهة الأحداث هذه الأيام بعد اعتراف العم سام بها عاصمة للكيان الصهيوني , إلى محنة أهل الشام الذين تكالبت على ثورتهم زبانية الأرض وشذاذ الآفاق , إلى معاناة ومآسي المسلمين في أراكان وتركستان الشرقية و.......الخ .

  

وإذا كان تفاعل أبناء الأمة الإيجابي مع قضية المس بالقدس والأقصى عبر المظاهرات والاحتجاجات التي عمت مدن وعواصم العالم ضد قرار العم سام الأخير بشأنها يعود إلى مكانة المقدسات عموما في قلوب وأفئدة و وجدان المسلمين....فإن ذلك لا ينبغي أن يشغلنا أو ينسينا بقية قضايا الأمة العاجلة وفي مقدمتها ما يعانيه أهل الغوطة الشرقية بريف دمشق جراء الحصار المفروض عليهم من قبل النظام النصيري ومرتزقة ملالي قم منذ سنوات .

 

آثار الحصار الكارثية الذي يحصد يوميا المزيد من أرواح الأبرياء وخصوصا من الأطفال بسبب نقص الحليب والغذاء والدواء لم تتوقف منذ أشهر دون أن يتحرك العالم لوقف هذه المأساة الإنسانية أو حتى التخفيف من آثارها من خلال إجبار الطاغية على فك الحصار وإدخال المساعدات . 

 

آخر آثار الحصار الذي لم يعد يثير اهتمام وسائل الإعلام العالمية ما صدر عن منظّمة الأمم المتحدة للطفولة "يونيسف" أمس الأحد حيث أعلنت وفاة 5 أطفال في الغوطة الشرقية بريف دمشق وفقا لبيانها الذي قالت فيه : إن "خمسة أطفال توفوا، حسبما أفادت تقارير؛ لأنهم لم يتمكنوا من الحصول على الرعاية الطبية التي يحتاجون إليها" . 

 

وأضاف البيان بأن "137 طفلًا تتراوح أعمارهم بين 7 أشهر و17 عاما بحاجة إلى الإجلاء الطبي الفوري لظروف تتراوح بين الفشل الكلوي إلى سوء التغذية الحاد وإصابات ناجمة عن "النزاع" القصف والحصار " .

 

ممثل المنظمة في سورية "فران إكيزا" قال : إن "الوضع الإنساني في الغوطة الشرقية يزداد سوءًا يومًا بعد آخر" مشيرا إلى أن "الأطفال (هناك) يعيشون حالة من الرعب والخوف"

 

التقارير الأممية التي تتحدث عن اضطرار المحاصرين بالغوطة للأكل من النفايات فضلا عن وقوع كثير من حالات الإغماء بسبب الجوع والارتفاع الحاد في سوء التغذية بين الاطفال واستمرار ارتقاء المزيد منهم شهداء ناهيك عن النقص الحاد في الأدوية الضرورية .......لم يعد يحرك وكالات الإعلام العالمية فضلا عن أن يحرك المسؤولين والساسة وأصحاب القرار .

 

شمول الغوطة الشرقية ضمن اتفاق مناطق ما يسمى "خفض التصعيد" لم يفدها شيئا بل على العكس من ذلك فقد تم تشديد الحصار عليها وإحكامه بعد الاتفاق و تكثفت الغارات وازداد القصف عليها بأسلحة جديدة قادرة على إحداث دمار هائل كالصواريخ الارتجاجية وصواريخ بركان وزلزال ....... 

 

الرضيع "محمد" البالغ من العمر 45 يوما توفي ليلة الجمعة الفائت في بلدة زملكا بريف دمشق حسب وكالة الأناضول نقلا عن مصادر محلية بسبب تفاقم حالته الصحية "مرض اتساع الكلية" و عدم تمكن أسرته من معالجته خارج الغوطة الشرقية , وهناك حوالي 500 حالة مهددة بمصير "محمد" إن لم يتم إجلاؤهم خارج الغوطة المحاصرة للعلاج حسب المنظمة الأممية . 

 

حياة أكثر من نصف مليون مسلم محاصر في الغوطة الشرقية بريف دمشق تستأهل انتفاضة من الشعوب الإسلامية شبيهة بما حدث في الأيام الماضية نصرة للقدس والأقصى , وتحركا على مستوى الدول الإسلامية الرسمي , فمن المعلوم أن حرمة دم المسلم أعظم وأقدس في دين الله الإسلام من الكعبة المشرفة فقد ورد في الحديث عن عبد الله بن عمر رضي الله عنه قال : رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يطوف بالكعبة ويقول: (ما أطيبك وأطيب ريحك ما أعظمك وأعظم حرمتك والذي نفس محمد بيده لحرمة المؤمن أعظم عند الله حرمة منك ماله ودمه وأن نظن به إلا خيرا) رواه ابن ماجة وصححه الألباني في صحيح الترغيب 2/630.

المصادر:

المسلم