من قصص الصمود في الغوطة المحاصرة

الكاتب : حسام حمدان
التاريخ : ٢١ ٢٠١٧ م

المشاهدات : 2876


من قصص الصمود في الغوطة المحاصرة

 

نداء أسمعه كل يوم ولكنه اليوم مختلف، طفل في الرابعة عشرة من عمره، هادئ محتقن وجهه، يحاول كتم ألمه رغم ان جزءاً من أمعائه يتدلى من جدار بطنه، نظر إلي بحزم: هل انت من سيجري عمليتي؟

-قلت: نعم

-قال: لو سمحت توصّ فيني كتير، عم تستناني أمي برا، ووعدتها أرجع بسرعة

-سألته: وأين والدك

-استشهد منذ شهرين مع إخوتي جميعهم بقصف السوق، وبقيت مع حبيبتي أمي..تنتظرني لأعود اليها فأنا كل أسرتها

 

لم أملك إلا الصمت..قمت بتخديره

وما إن أمسكت مشرطي حتى أصابني شعور بأنني أفتح بطناً لأسرة كاملة وأخيط تمزقاً لأب وكل أطفاله، وأنقل دماً لروح أم تتعطش لرؤية ما أبقاه لها العالم من أسرتها.

ترتعش يدي ويبصر قلبي عين أمه وقد اغرورقت بدموع قهر وعجز، وأسمع ضربات قلبها وقد تسارعت لحد التوقف بانتظار خروجي أطمئنها

أنهيت عملي..خرجت تتسابق قدماي لأمه أبشرها بانتهاء الجراحة

لم أجدها في ردهات الانتظار المكتظ، ولا على بوابة القاعة، وليست تخط طريقها جيئة وذهابا بالممرات.

خرجت للشارع وعلى الرصيف تحت شجرة ممزقة كقلبها وجدتها،لا كما تخيلت.....

وجدتها يعلو جلبابها غبار القصف... ساجدة بهدوء تتنهد تنهد الباكي الحزين

آه يا أماه اصبت الطريق، ارفعي له شكواك فلا أحد سواه سيسمعك

قولي له قتلني المسلمون وخذلني المسلمون وغدرني المسلمون وأبكاني خذلانهم، وأنا أراهم على دمائي يرقصون، وانتظري أماه الجبار المنتقم، فدعاؤك تجاوز ملكوت الارض والسماوات ووصل لعرش الرحمن بلا وسيط ولا جامعة دول ولا أمم متحدة.

وقفت طويلا أنتظر زف البشرى حتى سلمت والتفتت وقالت

ابني بخير أعلم ذلك وجزاك الله خيرا

المصادر: