الثورة السورية: نهاية حقبة سايكس بيكو

الكاتب : عبد الغني محمد المصري
التاريخ : ٥ ٢٠١٢ م

المشاهدات : 12070


الثورة السورية: نهاية حقبة سايكس بيكو

اتفاقية سايكس بيكو، كانت بين بريطانيا، وفرنسا، بمصادقة الامبراطورية الروسية عام 1916. اتفاقية وضعت كي تضمن ديمومة وجود  )اسرائيل) حيث تم إصدار وعد بلفور عام 1917، حيث لم تكتف الدول الاستعمارية بتوزيع تركة بلاد الشام إلى ستة دول هي سوريا، ولبنان، والأردن، وفلسطين، وتركيا، والعراق، بل حاولت فرنسا تقسيم سوريا إلى ستة دويلات هي دولة دمشق، دولة حلب، دولة العلويين، دولة لبنان الكبرى، دولة جبل الدروز، ولواء الاسكندرون المستقل.


أنشئت "إسرائيل"، وتم حمايتها ورعايتها غربيا، حتى أصبحت دولة قوية، في إقليم من الدول الضعيفة اقتصاديا، وسياسيا، وبالتالي عسكريا أيضا.
كانت "إسرائيل" تحلم بشعار "أرضك يا إسرائيل من الفرات إلى النيل". شعار كتبه المنظرون، كي يلمسوه حقيقة على الأرض، لكن التمدد السكاني لشعوب المنطقة، مع انتشار التعليم بين أبناء المنطقة، والمقاومة الفلسطينية، وفشل الإمساك بالأرض مع اجتياح لبنان، صدم اسرائيل، وأعاد رسم الوعي لدى نخبها الفكرية والسياسية.
بقي شعار الفرات والنيل، لكن تغير التفسير، فأصبح يعني السيطرة السياسية والاقتصادية على المنطقة، وهذا ما عبر عنه شمعون بيريز في كتابه "الشرق الأوسط الجديد"، والذي يقوم على من ثلاثة أضلاع وهي: العقل اليهودي، والنفط (المال) الخليجي، والثروات، واليد العاملة في الشام، ومصر، والعراق. أي أن يصبح أهل المنطقة عاملين بالأجرة لدى دولة "اسرائيل" العظمى.
جرى تمزيق الصومال، بحيث أصبح لا دولة، كانت هناك محاولات لتقسيم اليمن لأربع دول على الأقل، هي الحوثيين، والجنوبيين في عدن، وجنوبيين في حضرموت، ووسط اليمن، إلا أن انطلاق الثورة اليمنية بلسم كثيرا من الجراح، وقد يتمكن من كي كثير من الجراح، إن أحسنت الثورة المعالجة.
حدث تدمير العراق ضمن مسار تحقيق الهدف، إلا أن المقاومة العراقية أفشلت المشروع، وأرهقت ذراعه القوي، وجعلته يدرك صعوبة طرح التمزيق، وأنه ليس سهلا كما يتناوله المنظرون.
مصر الثورة، قد تتمكن من بلسمة مؤامرة كانت تهدف إلى شرذمتها، عبر زيادة في إفقار الشعب وتجويعه، وإذلاله، مع محاولات لإشعال فتن طائفية هنا أو هناك.
أخيرا، كانت الثورة السورية، ثورة شعبية، على حكم طائفي، عائلي، شمولي، لتدق إسفينا غائرا في صرح سايكس بيكو المهترئ، الذي كان مخرجاته حكم آل الأسد.
لقد كشفت الثورة السورية، عن ضعف إرادة، وقوة عند مختلف القوى العظمى، كما كشفت عن القوة المتنامية لبعض دول الإقليم، واتساع تأثيرها. كما يبدو في الأفق تزايد بوادر فراغ دولي عالمي، سيتمثل مستقبلا في نقل القدرة، على فرض شروط او قوانين دولية من الدول العظمى إلى القوى الإقليمية الناشئة، والقادمة بقوة.
انتقال الصراع في الثورة السورية من محليتها إلى البعد الإقليمي، سينشأ عنه أدوارا جديدة في المنطقة قد تؤدي إلى إعادة رسم خرائط القوة فيها بعيدا عن سايكس بيكو، التي يظهر أنها ستفقد كثيرا من آثارها مع نتائج الثورة السورية.
قد يكون لتركيا حظا، أكبر من إيران في العالم الجديد القادم، كونها دولة قوية اقتصاديا، تركز على البعدين، البعد الإقتصادي للدولة، وكذلك لمستوى معيشة أفرادها، والبعد الدبلوماسي في سياساتها، وانفتاحها على دول الإقليم، بينما تبدو إيران دولة تركز على البعد العسكري، متجاهلة الدور الإقتصادي الحياتي لأبناء شعبها، مع حوار استعلائي، استفزازي مع دول الإقليم، مما سيؤدي إلى عزلتها، وانكفائها، وقد تشهد ثورة ربيعية على أنغام انتصار الثورة السورية القادم.
للننتظر، ونرقب لحظات نادرة للتحول التاريخي في المنطقة.

 

المصدر: سوريون نت

المصادر: