الازمةُ السورية.. أزمةٌ كاشفةٌ فاضحة!

الكاتب : رافع علي الشهري
التاريخ : ٢١ ٢٠١٢ م

المشاهدات : 9168


الازمةُ السورية.. أزمةٌ كاشفةٌ فاضحة!

تتعسر القضية السورية وتزداد سوءاً وتعقيداً، وهذا هو ما أُريد لها من أخطر لاعبَين في الشرق الأوسط (إسرائيل وإيران)، فهما الحليفان المتفقان ضد أهل السنة والجماعة، وضد التفوق العربي الذي لم يُولد بعد، وهما الخصمان المتنافسان على الهيمنة على المنطقة وعلى التسلح النووي، وهذا التنافس هو السر في تأخير القسمة الإقليمية بينهما، ولعل هذا من لطف الله ورحمته بالعرب!


منذ أكثر من عام والثورة الشعبية ضد بشار الأسد ونظامه تتأجج يوماً بعد يوم، وتتزايد المعارضة، ويكثر المنشقون والمهاجرون، غير أن القتل يزداد ضراوة، ويتصاعد التعذيب والتنكيل، والخراب والدمار من قِبَل بشار وزبانيته، ومن قِبَل المتحالفين معه!
ولا غرابة أبداً، أن تحرص إسرائيل على أمنها واستقرارها ووجودها، في أرض العرب، ولا غرابة أن تحافظ دبلوماسياً، وإن اقتضى الآمر فعسكرياً، ليبقى نظام بشار الأسد الموروث عن والده حافظ، الذي سلَّم الجولان لإسرائيل، وحرس حدودها الشمالية من أي تسلل جهادي سني ضدها، وأوهم العرب طويلاً أنه القومي العربي الأصيل، وأنه المناضل الصادق الذي لم يُطبِّق مع إسرائيل اتفاقيات سلام كبعض الدول المجاورة لإسرائيل.. غير أنه هو الذي فاوضها من تحت الطاولة، وأحبها وأحبته، وقدم لها كل ما تريد!
غير أن الخيار العسكري لإسرائيل لن يكون في صالحها وهي تعلم ذلك، لأنه سيفتح عليها أبواباً جهادية، ويُضعف علاقاتها أو قد يقطعها مع الدول العربية المطبِّعة معها، وهذا يُعدّ خسارة فادحة بالنسبة لها، ولكنها قد تفعِّل هذا الخيار الصعب، حين تصبح سوريا دولة إسلامية سنية، وستكون إيران متحالفة معها جهاراً نهاراً دون تقية أو مجاملة، والدليل على هذا هو تصريح حسن نصر اللاة.
زعيم حزب اللاة اللبناني الذي، قال وبكل صراحة، ليهدد السنة القادمين إلى قمة الهرم في سوريا: "سنتصالح ونتحالف مع إسرائيل لو استولى الإسلاميون السنة على الحكم في سوريا"!
لهذا فإيران الأم الرؤوم لحسن نصر اللاة، هي التي أملت عليه هذا القول وهي التي ستنفذ جميع الطلبات الإسرائيلية، من أجل بقاء بشار النصيري الذي يَحْرمُ الجهاد في معتقده الفاسد، ومن أجل بقاء إسرائيل العمق الإستراتيجي الخفي لإيران الصفوية، ضد الدول السنية!!!
وفي خِضَم هذا الحدث السوري الشائك، وفي ثنايا هذه الدوامة المتضاربة، فإن الحقائق بدت للناس واضحة جلية، ولم يعد هناك شك في تواطؤ الدول الكبرى والكثير من دول العالم، وبعض دول المنطقة، مع نظام بشار الأسد، فقد كانت هذه الأزمة فاضحة للدول والأنظمة والمنظمات الدولية المتواطئة، لكنها في نفس الوقت، كانت كاشفة عن حقائق الصادقين المخلصين للشعب السوري والأمة الإسلامية، كموقف المملكة العربية السعودية الثابت والمتميز، الذي تبين للناس جميعاً، في تصريحات خادم الحرمين الشريفين، وردِّه على السياسة الروسية، وبيانات مجلس الوزراء السعودي المشرِّفة، وكذلك في مساعي وزير الخارجية الأمير سعود الفيصل، الحثيثة لحماية الشعب السوري والدفاع عنه في المحافل والمؤتمرات!
ولعل المتابع لمجريات الأحداث السورية، يستنتج منها أنها كانت فاضحة، لكل من الدول والأنظمة والهيئات الدولية التالية:
1ـ فضحتْ النظام السوري وعرته أمام العالم بأسره، وأنه عميل لإسرائيل منذ أن استولى حافظ الأسد على الحكم، وأن الممانعة والقومية التي يدندن عليها هو وابنه بشار كذب في كذب، وبينت للناس مدى الوحشية والدكتاتورية التي يؤججها ضد شعبه.
2ـ فضحت حزب البعث العربي الاشتراكي أمام مؤيديه من البسطاء والاتباع، وبينت أنه سند لإسرائيل في الأزمات، وأن مؤسسه ميشيل عفلق لم يكن غافلاً عن هذا أبداً.
3ـ فضحت حزب اللاة اللبناني المسمى (حزب الله)، وبينت للناس حقيقته وأنه من ألد وأشد أعداء هذه الآمة، وأن الممانعة والنضال الكاذب المزعوم، ضد إسرائيل ليس إلا اتفاقيات معها يخدم بها مذهبه الصفوي، المعزِّز لإيران في المنطقة، ويخدم إسرائيل التي سيتخذها حليفاً مسانداً ضد الحكومات السنية في المنطقة.
4ـ فضحت الدول الكبرى وعلى رأسها أمريكا، وبينت للعالم أنها تريد لنظام بشار الأسد البقاء، وأن هذا التباطؤ والتأخر في مساعدة الشعب السوري، ليس إلا أمَلاً في أن يقضي بشار على الثورة السورية، فتصريحات أوباما وكلنتون وساركوزي، باهتة باردة، فحين يخرج أوباما، ويصرح بتصريح هام للعالم أجمع، ويقول: "سيسقط بشار قريباً، ولن يستمر طويلاً"، ثم يعود مرة أخرى ليقول يجب أن يتوقف بشار عن قتل شعبه، وكذلك ساركوزي قال بهذا، إنهم يقولون هذا من أجل لفت انتباه العالم أنهم ليسوا وحوشاً ولا يرضون بدكتاتوريات الأنظمة، وأنهم من المناصرين الحقيقيين للشعوب المضطهدة، ومن الديمقراطيين الذين لا يتوقفون أمام الحريات، غير أن كلنتون، حين خشيت من انتصار الثورة السورية، قالت: "نحن لا نرى تسليح الجيش السوري الحر"!
إنهم هم الذين كانوا يرون ومنذ الأسبوع الأول لثورة ليبيا تسليح الثوار الليبيين، فما الفرق يا ترى؟ الجواب لتضرر إسرائيل من زوال الأسد.
5- فضحت الحكومة العراقية برئاسة الصفوي المالكي، وأنه مع بشار وإيران قلباً وقالباً، وأنه حمّال المدد والعتاد والمليشيات الشيعية الإيرانية والعراقية، المرسلة لبشار.
6- فضحت الحال والمآل العربي وبينت أنه في ضعف سياسي شديد، وأن لا ثقل له في العالم، وأنه مغلوب على أمره، عدا دولة أو دولتين، لكنها لا تكفي لوحدها لحل الأزمات الشائكة.
7- فضحت الجامعة العربية وبينت أنها ضعيفة وغير مفعَّلة البتة.
8- فضحت هيئة الأمم المتحدة، وأظهرت أنها تأتمر بأوامر الأقوياء.
9- أما إيران وإسرائيل فمفضوحتان، سابقاً ولاحقاً ومستقبلاً!!!!!
إذن؛ فلا بدّ أن يعلم أهل السنة والجماعة، أن الأحزاب المعادية لهم لن تنقطع أبداً، وأن ابتلاء المؤمنين مستمر، ليمحص الله الصابرين والمجاهدين، قال –تعالى-: {ولنبلونكم حتى نعلم المجاهدين منكم والصابرين ونبلو أخباركم}، وليعلموا أنهم لن ينتصروا إلا بالعودة إلى دينهم، وأن لا ناصر ولامعين إلا الله، وهذا ما يحدث في سوريا..
فنعم المولى ونعم النصير!!

المصدر: موقع لجينيات

المصادر: