مشاورات تمهيدية في مجلس الأمن حول المشروعين العربي والغربي بشأن سوريا

الكاتب : الشرق الأوسط
التاريخ : ٢٨ ٢٠١٢ م

المشاهدات : 2822


مشاورات تمهيدية في مجلس الأمن حول المشروعين العربي والغربي بشأن سوريا

مع توقع وصول نبيل العربي الأمين العام للجامعة العربية، والشيخ حمد بن جاسم رئيس وزراء ووزير خارجية قطر، إلى نيويورك للاشتراك في مشاورات مجلس الأمن حول سوريا، قال مصدر في الأمم المتحدة إن المغرب (الدولة العربية الوحيدة في مجلس الأمن) يقوم بتنسيق مسودة مشروع عربي مع المشروع الأوروبي الذي يعده سفيرا بريطانيا وفرنسا الدائمان في مجلس الأمن، بالتعاون مع سفير ألمانيا، وسفراء دول أوروبية أخرى.

 

وأمس، بدأ مجلس الأمن مشاورات تمهيدية حول مسودتي المشروعين العربي والغربي، بالإضافة إلى مسودة المشروع الذي كانت روسيا أعلنته الشهر الماضي. وهذه المشاورات التمهيدية هي استعداد لجلسة رسمية ستعقد الأسبوع المقبل، لمناقشة مشروع عربي غربي مكتمل.

وفي الوقت نفسه، كرر فيتالي شيركن، السفير الروسي لدى الأمم المتحدة، موقف بلاده بالاعتماد على مسودة مشروع قدمه الشهر الماضي يرفض إقالة الرئيس السوري بشار الأسد، ويرفض فرض عقوبات عليه من قبل مجلس الأمن. وأشار شيركن إلى تصريحات أدلى بها غينادي غاتيلوف، نائب وزير الخارجية الروسي، قال فيها إن مشروع القرار العربي الغربي المتوقع مرفوض، خاصة لأنه، كما قال، لا يعارض احتمال التدخل العسكري، ويدعو لرحيل الرئيس السوري بشار الأسد. وكان شيركن قال «علينا أن نعالج الوضع في سوريا. ونحن نشارك أعضاء مجلس الأمن في نقطتين.. أولا: قلقنا بخصوص الأزمة المتزايدة في سوريا.. وثانيا: شعورنا بأن مجلس الأمن يمكن أن يلعب دورا مفيدا في محاولة حل هذه الأزمة».

وأشار مصدر مسؤول بالبعثة البريطانية في مجلس الأمن الدولي إلى أن جلسة مناقشة الملف السوري التي قرر مجلس الأمن عقدها في الثالثة بعد ظهر أمس (الجمعة)، قد سبقها عدة مناقشات بين الجانب العربي ومندوب روسيا الذي أصر على حذف أي جملة تنادي بتنحي الرئيس بشار الأسد أو أي عبارة تجيز التدخل العسكري في سوريا، مفضلا أن تقتصر صياغة مشروع القرار على دعم السوريين وانتقال السلطة من خلال إجراء انتخابات حرة وشفافة.

وقال المصدر البريطاني في تصريحات خاصة لـ«الشرق الأوسط»، إن المندوب الروسي أبدى قلقه من عبارة تقول «إن مجلس الأمن سينظر في تطبيق سوريا لقرارات المجلس بالتشاور مع الجامعة العربية وسيتبنى إجراءات أخرى بعد أسبوعين». وأكد أنه من المستبعد إجراء أي تصويت على مشروع القرار العربي - الغربي حول الوضع في سوريا حتى الأسبوع المقبل.

وأوضح المصدر البريطاني أن كلا من البعثة البريطانية والفرنسية والألمانية تعقد اجتماعات دبلوماسية متواصلة مع الدبلوماسيين العرب، خاصة الدبلوماسيين من الجامعة العربية وقطر والمغرب.

ومن جهتها، اعتبرت باريس أنه «سيكون من الصعب» على روسيا الاستمرار في موقف المعارض ونسف أي إمكانية مفتوحة أمام مجلس الأمن للتعبير عن موقف إزاء التطورات الحاصلة في سوريا. وقالت مصادر فرنسية إن ثمة عاملين من شأنهما إحداث تغيير في مواقف دول «الممانعة» في مجلس الأمن، الأول يتمثل في طلب الجامعة العربية من مجلس الأمن دعم المبادرة العربية وتبنيها، والثاني استمرار القمع لا بل وصوله إلى درجة «الوحشية»، طبقا لوصف الخارجية الفرنسية أمس، في إشارة إلى سقوط ما يزيد على ستين ضحية يوم الخميس وحده.

وترى باريس أن طلب الجامعة «خلط الأوراق»، ونقل الملف السوري إلى مجلس الأمن الدولي أدخل تغييرا «نوعيا» على شكل التعاطي معه في الأمم المتحدة. وبعد أن كانت موسكو تدافع عن مبدأ إتاحة الفرصة للجامعة العربية لإيجاد مخرج من «الطريق المسدود» الذي وصلت إليه الأزمة السورية، فإن روسيا «لا يمكنها اليوم أن تكون عربية أكثر من العرب» الذين يقولون أنفسهم إنهم بحاجة لمجلس الأمن.

وثمة عامل آخر تتوقف عنده المصادر الفرنسية وهو يتمثل في بداية التغير في مواقف الدول الناشئة في المجلس، وتحديدا البرازيل والهند وجنوب أفريقيا، التي وقفت في الأشهر العشرة الماضية إلى جانب المقاربة الروسية - الصينية رافضة تدخل مجلس الأمن ومتخوفة من تكرار التجربة الليبية، حيث ترى أن الدول الغربية «تجاوزت» الانتداب الذي أعطاه قرارا مجلس الأمن رقما 1970 و1973، فاستغلتاه لإسقاط نظام العقيد معمر القذافي. ولذا، فإذا أثبتت المشاورات التي بدأت أمس في نيويورك أن لهذه الدول اليوم «مقاربة مختلفة» فإن موسكو ستبدو «معزولة» للغاية. ورغم أن لها الحق في استخدام الفيتو وتعطيل صدور أي قرار لا تكون راضية عنه، فإنها من الناحية السياسية ستكون في وضع «حرج للغاية».

من هذا المنطلق، ترى المصادر الفرنسية أن الكلام المنسوب لنائب وزير الخارجية الروسي غينادي غاتيلوف أمس وفيه أن موسكو ترفض أي قرار ينص على تنحي الرئيس الأسد أو يفرض عقوبات على سوريا «ليس نهاية المطاف»، وأنه ستكون هناك فرصة «للتفاهم» مع روسيا، أي «للمساومة». ولذا، فإن السؤال اليوم الذي تطرحه الدبلوماسيات الغربية يدور حول «الثمن» الذي تريده روسيا للسير بالمشروع العربي – الأوروبي، وبالتالي التخلي عن نظام الأسد، وحول «الضمانات» التي تريدها بالنظر لما تمثله سوريا لها على المستويين الاستراتيجي والسياسي.

وبالنظر لكل هذه العناصر، ترى الدبلوماسية الفرنسية والأوروبية أنه «لا شيء نهائيا» اليوم بخصوص ما سيصدر عن مجلس الأمن الدولي وتحديدا مضمون القرار العتيد، ولا بشأن المهلة اللازمة للاتفاق على نص إما يحظى بقبول روسيا أو على الأقل لا يحرجها وبالتالي تغض الطرف عنه بالامتناع عن التصويت.

وتستمر باريس في الحوار مع موسكو بالقنوات الدبلوماسية العادية وفي مجلس الأمن. وقالت الخارجية الفرنسية أمس إنها تريد «قرار سريعا» من مجلس الأمن يضع حدا للصمت الطويل الذي التزمه منذ البداية، والذي وصفه وزير الخارجية آلان جوبيه أكثر من مرة بأنه «فضيحة».

وبأي حال، ترى باريس أن الملف السوري «دخل حلقة جديدة»، وسيكون هناك سباق بين التصعيد الميداني وتقدم المشاورات في مجلس الأمن.

المصادر: