الظواهري شوه الخلافة والجهاد

الكاتب : جابر الجلاهمة - محمد الحصم
التاريخ : ١٤ ٢٠١٦ م

المشاهدات : 3192


الظواهري شوه الخلافة والجهاد

الحمد لله ولي المؤمنين وناصرهم والصلاة والسلام على إمام الموحدين وقائدهم من رفع الله ذكره وشرح صدره وجعل الذلة والصغار على من خالف أمره نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

وبعد:
فهذا خطاب مفتوح للإخوة قاعدة الجهاد وعلى رأسهم الدكتور أيمن الظواهري -هداه الله ووفقه-
فبعد أن رأينا انحرافاً واضحاً في التنظيم وتوافقاً مع الأهداف الصفوية ومضادة صريحة للتيار السني في العالم، وبعد تبني التنظيم بكل وضوح لتنظيم دولة العراق وأخيراً تبنيه للأعمال العبثية في بلاد الحرمين والثناء على رموز أغرار من أهل الغلو واتخاذ مراجع للتنظيم ممن عرف بالغلو واشتهر به.
فنقول وبالله التوفيق:
إن الناظر في تنظيم قاعدة الجهاد اليوم يجد تحولاً كبيراً في أدبياته وأعماله ومراجعه وظهر هذا جلياً بعد أحداث سبتمبر.
بداية من الأعمال العبثية في بلاد الحرمين التي لم يترتب عليها مصلحة تذكر أما مفاسدها فكثيرة سقط بها الكثير من الشباب وضيق على المصلحين وامتلأت بهم السجون وغيرها من المفاسد.
والقتال كان تحت عنوان "أخرجوا المشركين من جزيرة العرب" ومعلوم تفسير العلماء لهذا الحديث والإشكال الكبير في معناه.
وقد يكون ذلك بغير مشورتكم لكنكم لم تنكروه ولم تناصحوا أهله وهم يحملون اسمكم ويرفعون شعاركم ويسمعون منكم، حتى فقدتم الكثير من المؤيدين والمتعاطفين من أهل العلم وعامة الناس.
هذا ما بلغنا أنهم اجتهدوا في بلاد الحرمين بغير مشورتكم لكن بعد خطاب الدكتور الأخير الذي صرح فيه بشكل واضح تبني هذه الأعمال يثبت مسؤولية كاملة للتنظيم عن هذه الأعمال.
لقد أعطيتم بتبنيكم أو سكوتكم عن هذه الأعمال التي ترتكب باسمكم صورة سلبية عنكم ألا وهي أنكم لا تبالون بدماء المسلمين لعدم استنكاركم لهذه الأعمال التي سقط فيها مسلمون أبرياء.
ويبقى السؤال الذي لم نجد له جواباً مقنعاً أن رأس الشر إيران القريبة منكم والأكثر خطراً سلمت إلى هذه اللحظة من مشاريعكم مع ما يعانيه أهل السنة فيها وفي غيرها من بطش الرافضة الذي ترعاه وتدعمه إيران!!!
حتى أصبح ذلك مدخلاً لاتهامكم بالاختراق، وإلا ما الذي يمنعكم من العمل فيها على ضعف الأمن وسهولة الاختراق وكثرة المعارضين للنظام الإيراني من أهل السنة كالبلوش والأكراد وغيرهم كالأحواز وكأن إيران خط أحمر قفزتم منها للعراق والشام وأخيراً الهند.
وأخطر ما في هذه الحقبة -أعني بعد أحداث سبتمبر- هو تبنيكم ومباركتكم لتنظيم ما يسمى زوراً وبهتاناً دولة العراق الإسلامية، هذا التنظيم الذي أفسد في العراق وسفك الدماء وشتت شمل أهل السنة.
فالدولة المشؤومة المزعومة أعلنت في الأنبار وفي الرمادي تحديداً وكانت محاصرة فلم يكن ثم تمكين يذكر.
والدليل على ذلك أن هذا التمكين الموهوم تبدد وتلاشى في أقل من شهرين فخرجوا من الأنبار بعد تدميرها ولم يزالوا في انحسار حتى استقر بهم الحال في صحراء الموصل.
وأما "أمير المؤمنين" الذي ينبغي أن يكون جنة يتقى به ويقاتل من ورائه فهو لا يستطيع حماية نفسه فضلاً عن الدفاع عن رعيته.
ثم بعد الإعلان بفترة ظهر الخطاب الأول لمن يسمى بأمير المؤمنين أبي عمر البغدادي ذكر فيه أن إعلان الدولة واجب العصر علماً أن العدو الصائل يجوس خلال الديار وسجون الرافضة ملأى بنساء أهل السنة، وكانت المرأة السنية في تلك المناطق تنام في بيتها بكامل ثيابها ترقباً للمداهمة والاعتقال، وليت شعري كيف يكون إعلان الدولة مقدماً على دفع الصائل؟!
وهذا فقه أعوج لا ندري لماذا لم يكن لكم توجيه أو تصحيح؟
خاصة وأنكم تذكرون أنكم لم تستشاروا فيه لخطورته لكنكم استمرأتم ذلك وأقررتموه مع علمكم بخطورته وضرره على الشعوب المسلمة.
وفي نفس الخطاب جعل هذا الأمير المزعوم المجهول كل من لم يبايعه من العصاة وتعاملوا مع إخوانهم الذين لم يدخلوا في مشروع الدولة على أنهم عصاة يشقون الصف وأن حكمهم شرعاً هو القتل فاستحر القتل في المجاهدين فكانت نكايتهم في المجاهدين عظيمة وخاصة جيش المجاهدين وأنصار الإسلام وغيرهم بل لم يسلم منهم إلا جيش عزت الدوري المسمى بــــ "جيش الطريقة النقشبندية" وهذه ترسم علامة استفهام كبيرة حول التنظيم وقياداته!!!
وأنتم في هذا كله تباركونهم وتتبنونهم ولم تسمعوا من الناصحين لا من داخل العراق ولا من خارجه وقد شهد عندكم شاهد من أهلها وهو أبو سليمان العتيبي رحمه الله "قاضي الدولة" وكتبت لكم الفصائل تشتكيهم إليكم لأن الكل يعرف تبعيتهم لكم وكتب لكم الناصحون من غيرهم فلم ترفعوا بذلك رأساً ولم تلقوا له بالاً بل استمررتم على التزكية والثناء وكنتم تدعون الجميع إلى الدخول تحت هذه الدولة المشؤومة.
وخطابكم الشهير في إثبات تبعية تنظيم الدولة لكم والذي أثبتم فيه أنكم لا تعرفونهم حتى طلبتم منهم التعريف بسيرهم الذاتية فكانت تلك طامة كبرى، لعلكم لم تستوعبوا بعد معنى هذه التزكية وهو سقوط الثقة في التنظيم الذي يجعل على رقاب المسلمين مجهولين وهذه خيانة للأمانة.

ومما لا يمكن تناسيه في الحقبة العراقية عمليات مدريد التي استهدفتم بها القطارات فمهما كانت نتائجها إلا أنها لم تكن موفقة ولا مشروعة فما الذي يبيح هدفاً مثل هذا يختلط فيه المسلمون والكفار؟!
وأيضاً ما المبرر في استهداف هؤلاء الكفار الذين كانوا يخرجون في مظاهرات ضد مشاركة بلادهم في الحرب؟!
ثم كانت الشام ففضحت تنظيم الدولة وظهر غلوهم وفسادهم بل وعمالتهم، فلم تكن ردة فعلكم على مستوى الحدث بل استمر صمتكم في وقت لا يسعكم فيه السكوت ثم كان حكمك المنتظر برجوع الدولة للعراق وتقييم العمل عاماً وكأن هذه السنين الكثيرة لم تثبت لك بعدُ فساد هذا التنظيم!!!.
وأعجب من هذا أنهم قلبوا لك ظهر المجن وكشروا عن غلوهم وفسادهم ورموك بما ظاهره التكفير لك ومع ذلك لزمتم الصمت بينما كانت مفخخات البغدادي ولواصقه وأحزمته الناسفة وكواتمه تفتك بالمسلمين في الشام وتنكي بالمجاهدين وقادتهم نكاية عظيمة، حتى قتل أبو خالد السوري فأظهرت له رثاء -وهو يستحق ذلك- رحمه الله وتقبله وكأن دماء من تعرفهم دماء ودماء باقي المسلمين ماء!!!
لكن لا بأس كان خطاباً قوياً استبشرنا به خيراً ووصفتهم بأحفاد بن ملجم وهم كذلك؛ لكن سرعان ما نسخت هذا الخطاب بخطاب آخر ترفقت فيه بهذا المجرم.
والعجيب أنك تغافلت عن جرائمهم في العراق وفي الشام وقد أمرته بالرجوع للعراق ودعمه وقلت "سنكون لك عوناً!!!" كأن دماء المجاهدين من غير فصيلك لا تعنيك وكأن دمارهم وتدميرهم للعراق لا يهمك.
وكأنك أعطيته صك براءة من الدماء التي سفكها في الشام بمفخخاته ولواصقه وأحزمته الناسفه وكواتمه!!!.
ثم بعد هذا كله وهي طامة وبلية تزيد من عزلتكم وتثبت نزعة الغلو أن تجعل من بعض الشيوخ أصحاب الغلو والتجارب الفاشلة مراجع للقاعدة وتزهدهم بعلماء الأمة فأي حكمة هذه التي توسع الفجوة بينكم وبين علماء الأمة؟! وترمي تنظيمك في أحضان الغلو باتخاذهم مرجعاً.
وفي خطابكم لبيعة الملا أختر محمد منصور مع ما دار فيه من تساؤلات جديرة بالاهتمام ومبعث للشك والتساؤل لنا فيه مأخذان:
الأول: أنك بايعت أمير حركة بيعة عظمى وهذا ما يفعله الدواعش في فقههم البدعي الأعوج!
مما يؤكد أن مسألة البيعة عندكم لا زمام لها ولا خطام.
الثاني: الشروط الغريبة والكثيرة التي تعلم يقيناً أنها خارج نطاق قدرتهم وسياستهم الحالية، وكأنك تريد منه مع ما هو فيه من ضعف أن يعلن حربا كونية على أهل الأرض لا تبقي ولا تذر!
كقولك: «نبايعكم على البراءة من كل حكم أو نظام أو وضع أو عهد أو اتفاق أو ميثاق يخالف الشريعة، سواء كان نظاماً داخل بلاد المسلمين، أو خارجها من الأنظمة أو الهيئات أو المنظمات التي تخالف أنظمتها الشريعة كهيئة الأمم المتحدة وغيرها».
وقولك: «ونبايعكم على الجهاد لتحرير كل شبر من ديار المسلمين المغتصبة السليبة من كاشغر حتى الأندلس، ومن القوقاز حتى الصومال ووسط أفريقيا، ومن كشمير حتى القدس، ومن الفلبين حتى كابل وبخارى وسمرقند».
وقولك: «ونبايعكم على جهاد الحكام المبدلين للشرائع الذين تسلطوا على ديار المسلمين، فعطلوا أحكام الشريعة، وفرضوا على المسلمين أحكام الكفار، ونشروا الفساد والإفساد، وسلطوا على المسلمين أنظمة الردة والعمالة التي تحتقر الشريعة، وتعلي عقائد الكفار وفلسفاتهم، وتسلم بلاد المسلمين وثرواتهم لأعدائهم».
وقولك: «ونبايعكم على إقامة الخلافة الإسلامية التي تقوم على اختيار المسلمين ورضاهم، وتنشر العدل وتبسط الشورى، وتحقق الأمن وترفع الظلم وتعيد الحقوق وترفع راية الجهاد».
فلا ندري عندما كتبت هذه الشروط هل كنت تتصورها؟!
أم لك مغزى ومقصد آخر؟!
وأخيرا يا دكتور لم نفهم إلى ما يرمز إليه أو تريدونه من إصدار حمزة بن الشيخ أسامة –رحمه الله-
ما هي خبرته؟!
ما هو تاريخه؟!
ما هو علمه؟!
عندما يوزع على مجاهدي القاعدة الألقاب والتزكيات ويثني على من ثبت غلوه وإجرامه كأبي الزبير الصومالي!
هل أفلست القاعدة من كوادر علمية وقيادية حتى يتم تصدير من لا خبرة له ولا دراية؟!
- لقد ساهمتم وللأسف في تشويه الجهاد وتشويه مشروع الخلافة من حيث لا تشعرون بسبب صمتكم وعدم وضوحكم في قضايا وأمور كان ينبغي أن يكون لكم فيها رأي واضح حيث لا يسعكم فيها السكوت.
- ويؤسفنا أن نقول إن تنظيم القاعدة اليوم مع تضحياته الكثيرة أصبح وبالاً على كل أرض يحلها ولا ندري عن سر التمسك بهذا الاسم مع ما يترتب عليه من أضرار لا تخفى عليكم.
والله سبحانه إنما تعبدنا بالجهاد لا بتنظيمات ولا بأحزاب فمن اختزل الجهاد في تنظيم أو حزب فقد ابتدع في دين الله.
فيتوجب عليكم فك الارتباط مع جبهة النصرة لما يلي:

١- مصلحة الاندماج مع الفصائل الأخرى فالكثير منها يتحفظ وله الحق في ذلك.
٢- تحويل الجهاد من جهاد تنظيم إلى جهاد أمة.
٣- حرية التنقل وسلامة الداعمين للجهاد والذي أصبح اسم القاعدة بعبعاً يطاردهم وعذراً استطاع به المنافقون تشويههم والتحريش عليهم.
4- الدولة قضت على كل ما هو جميل في تاريخ القاعدة ونحن نعرف الفرق بينهم لكن الناس يجهلون هذا.
5- التعجيل في فك الارتباط يحتمه الحرص على جمع الكلمة والتفاف الناس حول المجاهدين ويحرج أعداءنا ويضعفهم.
٧- بقاء الارتباط ليس فيه أي مصلحة أو منفعة تذكر.
لذلك نوصيكم بتقوى الله والرجوع إلى الحق فهو خير من التمادي في الباطل والاعتذار عما ارتكب باسمكم من الفساد المترتب على مواقفكم السابقة.
ويجب عليكم النأي بالنفس وعدم التدخل في مواطن لا تحسنون التعامل معها لبعدكم عنها ووضعكم الأمني، والشام لا ينقصها علماء وحكماء وقادة وساسة.
خاصة وأن دوركم كان سلبياً في الشام ولم يكن على مستوى الحدث ولم يكن لخطاباتكم أي إضافة، فاتركوا الشام لأهله.. اتركوا الشام لأهله.
وبعد هذا كله فإنا ندعو الإخوة في تنظيم القاعدة إلى حل التنظيم ومراجعة مواقفهم المخالفة للشرع واستشارة العلماء الثقات فيما ذكرناه ونشهد الله على براءتنا من الطواغيت والغلاة ونسأل الله التوفيق والسداد وأن لا نكون ممن زُيّن له سوء عمله فرآه حسناً.
نسأل الله لنا ولكم الهداية والتوفيق وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

 

 

حساب الكاتبَين على تويتر

 

المصادر: