بوتين… ليحزم بشار الأسد حقائبه

الكاتب : راجح الخوري
التاريخ : ١٦ ٢٠١٦ م

المشاهدات : 2812


بوتين… ليحزم بشار الأسد حقائبه

قال فلاديمير بوتين لصحيفة “بيلد” الألمانية: “أعتقد أنه من السابق لأوانه البحث في مسألة إعطاء الرئيس بشار الأسد حق اللجوء… وأنه يجب تغيير الدستور في سوريا”، هذا الكلام يعني ضمناً أن مسألة إعطاء الأسد حق اللجوء شبعت درساً في موسكو، وأن هناك موعداً يقترب ليحزم الأسد حقائبه ويرتدي معاطفه السميكة ويطير نهائياً إلى روسيا.

ليس في فهمنا لكلام بوتين أي مبالغة، وخصوصاً عندما يقول “إن روسيا منحت إدوارد سنودن العميل الأميركي السابق في وكالة الأمن القومي الأميركي اللجوء، وكان الأمر أصعب من فرضية منح الأسد اللجوء”، بما يوحي أنه إذا كان سنودن حصل على اللجوء على رغم معارضة واشنطن وانعكاس القرار سلباً على علاقات البلدين، فإن لجوء الأسد إلى روسيا سيقابل بالتصفيق.
هذا التصفيق سيأتي ليس من غالبية الشعب السوري وحده بل من دول العالم، وربما حتى من إيران التي تعبت من فواتير دعمها لنظام لم يعد قابلاً للبقاء، ومن “حزب الله” الذي يَخسر في دعمه للأسد عدداً غير قليل من رجاله، وأيضاً صورته السابقة كمناضل يقاتل العدو الإسرائيلي!
كل هذا ليس خافياً على بوتين وإن كان يكرر دائماً أنه يجب إعطاء الشعب السوري الفرصة لتقرير مصيره، وهو يدرك تماماً أن قرار من تبقى من السوريين بعد الذين ذهبوا إلى المقابر وإلى اللجوء والتيه، ليس طبعاً التمسك بالأسد بل بحل ينهي القتال الذي دمر بيوتهم وقراهم والذي يسمح لهم بالعودة للملمة جروحهم وجروح بلدهم.
بوتين لم يتردد في القول إن الأسد ارتكب أخطاء عدة منذ اندلاع النزاع في عام ٢٠١١، وهو يدعو صراحة إلى وضع دستور جديد لسوريا، في إشارة واضحة إلى أنه كان في وسع الأسد تقديم بعض الإصلاحات التي طالبت بها المعارضة في البداية بدلاً من مقابلة الأمر بالعنف، الذي سرعان ما وجد من يرد عليه من الخارج بدعم المعارضة، وهذا يذكّر الكثيرين بأن حسن نصرالله الذي يقاتل إلى جانب الأسد سبق له أن قال صراحة، إن على الأسد أن يستجيب للمطالب الشعبية.
يعرف بوتين أنه لن يتمكن من أن يعيد سلطة الأسد على كل سوريا، ربما يستطيع أن يقيم له الكانتون العلوي الممتد من مرفأ طرطوس إلى مدينة اللاذقية مروراً بمدينتي بانياس وجبلة، وسيكون هذا مثل “الدونباس” الذي أقامه للمتمردين في شرق أوكرانيا، وكلامه عن احتمال لجوء الأسد يذكر بما قاله في مؤتمره الصحافي السنوي في ٢٠ كانون الأول عام ٢٠١٢: “نحن ندرك أن عائلة الأسد موجودة في السلطة منذ أربعين عاماً ولا ريب في أن التغيير لا بد منه”… فهل آن آوان اللجوء والتغيير؟

 

 

النهار اللبنانية

المصادر: