تصحيح المنهج 1: (حقيقة المنهج وأصوله)

الكاتب : فايز الصلاح
التاريخ : ٤ ٢٠١٥ م

المشاهدات : 8464


تصحيح المنهج 1: (حقيقة المنهج وأصوله)

الحمد لله رب العالمين ، وأصلي وأسلم على المبعوث رحمة للعالمين، وبعد:
1- كلمة المنهج لغة جاءت من مادة نهج ينهج نهجاً , وهو الطريق البيّن الواضح , ويطلق على الطريق المستقيم , والمنهجُ والنهجُ والمنهاجُ بمعنى واحد , وفي التنزيل قوله تعالى: {لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا } [المائدة: 48] ،قال ابن عباس رضي الله عنهما : سبيلاً وسنة. وقال الحافظ في " الفتح " [1/48] : ( والمنهاج : السبيل , أي الطريق الواضح ) .
2- وأما في الاصطلاح فالمنهج : هو السبيل الذي تسير عليه الطائفة المنصورة لتحقيق الغاية التي خُلِقَ من أجلها البشر .
وله إطلاقان : عام وخاص ، فالعام هو الإسلام كله ، وأما الخاص فيتعلق بالطريقة التي يسلكها المسلمون لإعادة حكم الله في الأرض.
3- والسير على المنهج الحق يثمر بإذن الله عز وجل التمكين والاستخلاف لهذه الأمة ؛ فالسير على المنهج يعصم من الانحراف والضلال والهزائم المؤلمة ويثبت الحق في النفوس وفي الأرض حتى يأذن الله بالنصر والتمكين .
فالسير على المنهج هداية ورحمة وبشرى للسائرين في الدنيا والآخرة .
قال تعالى : (ونزلنا عليك الكتاب تبياناً لكل شيء وهدىً ورحمة وبشرى للمسلمين) [النحل : 89] , وقال تعالى : (قل نزله روح القدس من ربك بالحق ليثبت الذين آمنوا وهدىً وبشرى للمسلمين ) [النحل : 102] .
4- ومن هنا يتبين لنا خطورة الانحراف عن المنهج، ويكفي في ذلك , أنه عصيان لله ولرسوله صلى الله عليه وآله وسلم , وانحراف عن سبيل المؤمنين الأولين قال تعالى : (ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى , ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى , ونصله جهنم وساءت مصيراً ) [النساء : 115] .
وتبدو الخطورة واضحة , في أفعال الخارجين عن المنهج , فالخوارج تقربوا إلى الله عز وجل بقتل أفضل البشر في عصره وهو علي بن أبي طالب رضي الله عنه , والمعتزلة من الخلفاء والعلماء تقربوا إلى الله بقتل أحمد بن نصر المروزي , وتعذيب الإمام المبجل أحمد بن حنبل , والأمثلة كثيرة في القديم والحديث.
إن الخطأ في قضية منهجية , أعظم من الخطأ في مسألة فقهية فرعية , فقد يشذُّ العالم بفتوى , وهو فيها مأجور لاجتهاده , ولكن لا يترتب على هذه المسألة فتنة أو فساد , ولكن لو أخطأ العالم في قضية منهجية فقد يترتب عليها مفاسد عظيمة من قتل وتشريد وانحسار في الدعوة , ومن هنا تجد هذه الآثار الخطيرة في العالم الإسلامي إنما هي من آثار فتوى في قضية منهجية ممن لم ترسخ قدمه في أرض العلم , وقلما تجد العلماء الراسخين يقعون في مثل هذا .
ولقد كان السلف يحذرون من علم الكلام ويقولون : لأن يقال لك أخطأت , خير من أن يقال لك كفرت ؛ ولأن يقال لك الآن أخطأت خيرٌ من أن يقال : ضللت , وسفكت دماء المسلمين . بل لأن يقال لك : مخذل مثبط مداهن ، خير من أن تجعل دماء المسلمين في عنقك .
5- وأما مصادر المنهج فهي كتاب الله عز وجل , وسنة الرسول صلى الله عليه وسلم وسيرته العطرة , ثم فهم سلف الأمة من الصحابة ومن تبعهم بإحسان . والكتاب والسنة كافيان في كل صغيرة وكبيرة تهم هذه الأمة في مسيرة حياتها , وذلك لأن الله ( قد بعث محمداً صلى الله عليه وسلم  بأفضل المناهج والشرع ) . ثم القواعد الجامعة التي سطرها السلف الصالح بسيرتهم القولية والفعلية . والأدلة واضحة وبينة في كفاية منهج رب العالمين عن طرق ومناهج المُحْدَثين المنحرفين عن منهج رب العالمين , وطريقة السلف الأكرمين . ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين , والحمد لله رب العالمين .
6- والمنهج يقوم على أساسين عظيمين: الأول :العلم , الثاني: الاتباع .وذلك لقول الله تعالى : (قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني وسبحان الله وما أنا من المشركين ) [ يوسف : 108] , فكل السبل مسدودة إلا السبيل التي سلكها الرسول صلى الله عليه وسلم  ومن بعده من السلف الصالح , فهم يدعون إلى الله عز وجل لا يدعون إلى غيره من الشركاء إن كان صنماً أو وثناً أو رجلاً أو حزباً أو جماعة, وهذه الدعوة على بصيرة , أي على علمٍ وثبات , فالعلم يعطيك سلامة الاعتقاد , والاتباع يعطيك السلامة في الطريق والمنهج . فالاعتقاد هو الركيزة الأولى التي ينطلق منها المسلم إلى غايته المرجوة , ثم كان لا بد للسالك من طريق , فإن لم تكن سليمة فستؤدي به إلى الانحراف و الضياع والضلال عن الهدف فلذلك قال تعالى : (فاستقم كما أمرت ) [هود : 112] , وقال أيضاً : (فاستقيموا إليه ) [فصلت : 6], وقال صلى الله عليه وسلم: (قل آمنت بالله ثم استقم ).
فأيها المسلم : استقم كما أمرت , كما أمرك الله عز وجل , وأمرك به رسول الله صلى الله عليه وسلم , لا كما أمرك به عقلك أو فكرك أو وجدك أو ذوقك أو شيخك أو حزبك أو جماعتك .
7- وأما أسباب الخروج عن المنهج فهي كثيرة جداً ,ولكنها ترجع إلى سببين رئيسين : الأول:سوء الفهم, الثاني:سوء القصد
فسوء الفهم ؛ هو الجهل الذي ينتج عنه التأويل والتحريف . وسوء القصد

 

 

 

 

 

 

نور سورية

 

المصادر: