سألوني عن جبهة النصرة -10-

الكاتب : مجاهد مأمون ديرانية
التاريخ : ٢٩ ٢٠١٥ م

المشاهدات : 3061


سألوني عن جبهة النصرة -10-

الأمر السابع الذي نطلبه من جبهة النصرة هو التوقف عن "العربدة الثورية". هذا التعبير قاسٍ وقد يصدم كثيرين، لكني لم أجد أفضلَ منه لوصف الممارسات البشعة التي تمارسها النصرة بحق المدنيين والناشطين الثوريين والفصائل العسكرية الصغيرة في المناطق المحررة التي تخضع لسيطرتها في الشمال.من أكبر مظاهر وتجلّيات "العربدة الثورية" التي نطالب جبهةَ النصرة بالإقلاع عنها فرضُ الإتاوات على الفصائل الصغيرة الضعيفة، فهي ترى ما يصل لتلك الفصائل من سلاح وذخيرة حلالاً لها يجوز نهبُه والاستيلاء عليه بالقوة، فصار من سنّتها الدارجة أن تصادر نسبة منه تتراوح بين عشرين بالمئة وسبعين بالمئة، فكلما كان الفصيل أضعفَ وأقل قدرة على الدفاع عن نفسه زادت الإتاوة، عملاً بقانون الغاب الذي شرعته جبهة النصرة وأباحته لنفسها: "القوي يأكل الضعيف".

ومن "العربدة الثورية" التي نطالب جبهة النصرة بالإقلاع عنها اقتحامُ القرى بالأرتال العسكرية، ومصادرةُ أملاك الثوار الذين حاربوا النظام ثم حاربتهم النصرة بحجة أنها أملاك مرتدين، واقتحامُ البيوت الآمنة بحجة اعتقال مطلوبين مع ما يصاحب هذا الاقتحامَ من ترويع للنساء والأطفال وعدوان على الأبرياء، والاعتقالُ العشوائي الذي يطال مدنيين وثوريين وإعلاميين ودعاة وخطباء وقادة وعناصر في الفصائل المختلفة، حتى صارت سجونها ملأى بالأبرياء الذين بلغ عددهم ألفاً إلاّ خمسين، بينهم نساء وأطفال!

إن النصرة تتصرف في المناطق المحررة وكأنها جهاز أمني من أجهزة النظام الأسدي، فتبيح لنفسها ملاحقة كل من يعارض ممارساتها وسياساتها أو يخالف منهجها الفكري. وقد تسببت ملاحقتُها للدعاة والخطباء في تفريغ المناطق الخاضعة لسيطرتها من أهل العلم الذين يحملون مناهجَ دعويةً وفكرية تخالف منهج القاعدة المعروف، ووقع كثير من الأبرياء ضحيةً لممارساتٍ ظالمة قام بها جهازُها الأمني خارج القضاء، وهو يشبه الأجهزةَ الأمنية التي عرفناها في نظام الأسد من حيث الاعتقال التعسفي والتحقيق والتعذيب الذي وصل إلى الموت في بعض الحالات.

بل إن الجهاز الأمني في النصرة بلغ درجة غريبة من العربدة وصلت به إلى الاستهتار بقضاء النصرة ذاته والاعتداء الصارخ على قراراته وأحكامه، وما قضية أبي حسين رحال عنا ببعيد، حيث صدر الحكم ببراءته من دار القضاء التابعة للنصرة، ثم قام أحد أمنيّي النصرة بخرق الحكم واعتقال أبي حسين لاعتبارات عائلية عصبية جاهلية، وسكتت قيادة النصرة عن الحق مجاملةً لأمنيّها الباغي، لأنها تطبق شريعة "إذا سرق فيهم القوي تركوه، وإذا سرق الضعيف أقاموا عليه الحد".

كنا نقول إن الداخل إلى سجون النظام مفقود والخارج منها مولود، وللأسف فإن هذه "العلامة المسجَّلة" صارت مشترَكة بين النظام الأسدي وجبهة النصرة بعد حوادث كثيرة مؤلمة، ليس آخرَها اعتقالُ أبي عبد الله الخولي الذي يعلم الناس وتعلم جبهة النصرة أنه بريء، ثم تصرّ على تلفيق التهم الباطلة المضحكة بحقه للاستمرار في اعتقاله، والله وحده يعلم إن كان ما يزال في الأحياء أم أنهم قتلوه غيلة وغدراً كما صنعوا بغيره من الأبرياء.

لذلك لم يكن مستغرباً هتاف أهل الأتارب الغاضبين ذات يوم: "النصرة صارت جوية"!

إننا نطالب النصرة بأن تتوقف عن كل المظاهر الظالمة التي سردتُها آنفاً، التي تكررت مئات المرات وضَجّ منها الناس. نطالب النصرة بالتوقف عن ملاحقة المعارضين لسلطانها والمنتقدين لتجاوزاتها في المناطق المحررة، نطالبها بإطلاق سراح الأبرياء من السجون والتوقف عن الاعتقال العشوائي والتعذيب الوحشي في السجون، نطالبها بالكفّ عن حماية المعتدين الذين ينتسبون إليها والتوقف عن حمايتهم وتهريبهم من القضاء.

إننا نطالب جبهة النصرة بأن تتوقف عن استغلال قوتها في الظلم والبغي والعدوان.

 

سألوني عن جبهة النصرة -9- 
سألوني عن جبهة النصرة -8-
سألوني عن جبهة النصرة -7-
سألوني عن جبهة النصرة -6-
سألوني عن جبهة النصرة -5-
سألوني عن جبهة النصرة -4-
سألوني عن جبهة النصرة -3-
سألوني عن جبهة النصرة (1،2)

 

الزلزال السوري

المصادر: