هل أخفقت مباحثات “فيينا” حقاً؟

الكاتب : الاتحاد برس
التاريخ : ٢٤ ٢٠١٥ م

المشاهدات : 2443


هل أخفقت مباحثات “فيينا” حقاً؟

ما تزال عقدة الأسد هي العائق الأبرز أمام الوصول إلى تسوية حقيقية للحرب السورية من الباب السياسي، وهو ما أفصحت عنه المحادثات الرباعية التي اختتمت أعمالها في العاصمة النمساوية فيينا يوم أمس الجمعة، بين وزراء خارجية السعودية وتركيا والولايات المتحدة وروسيا.


ورغم ما أشيع عقب المحادثات عن التوصل إلى مدخل دولي جديد، قد يمهد للحل في سوريا، إلا أن مصير الأسد بقي الشوكة العالقة التي قد تحول الحل إلى أزمة ثانية، لا يلبث الفاعلون الدوليون في الأزمة إلى الوقوع بها مجدداً، والدخول في لعبة المتاهات والالتفافات التي دخلوا بها طوال السنوات الخمس من عمر الحرب الدائرة في سوريا، إذ مازال التمسك الروسي في دور للأسد خلال المرحلة الانتقالية يمثل العائق شبه الوحيد أمام الحل وفق ما تناقله الوزراء الثلاثة في ختام المباحثات.
ولئن كانت المحادثات الدبلوماسية تخفي وراءها ما تخفي، فإنه من بات من الواضح أن إطاراً ما قد توصل إليه حول شكل العملية الانتقالية، ومراحل تكونها، وأن المعارضة السورية الحالية ليس دور حقيقي وفاعل في المشاركة السياسية، وأن الحل في سورية سيكون على شكل اتفاق دولي يملى على المعارضة لتحجز دورها بين موافق ثم مشارك في الحل، وبين معارض له يعود إلى موقعه الهامشي القديم في الشارع السوري، وهو ما سينسحب بالضرورة على الكتائب العسكرية، وإن كانت الترشيحات تفضي بحسب المراقبين إلى تطعيم النظام القادم بعناصر من النظام القديم سياسيين وضباط عسكريين للمشاركة في المرحلة الانتقالية.
لكن الوزراء الثلاثة أنفسهم لم ينسوا التأكيد على التمسك بوحدة سوريا، كخط أحمر عريض، في مايوحي بأن روسيا تطرح التقسيم، وإقامة دولة للعلويين تحت رعايتها، بحيث تحافظ على مصالحها بالساحل السوري وتثبت حليفها الأسد كورقة من أوراق التفاوض لتصرف النظر عن مناقشة مصير الأسد أو تحظى بثمن أكبر جراء مقايضته.
ويرى محللون سياسيون أن عقدة الأسد سيصار إلى حلها باحتمالات ثلاثة في حال التوصل إلى اتفاق شامل، فإما إكمال الأسد لولايته مع تخفيض بالصلاحيات وبالتالي المحافظة الرمزية على موقعه لحين اتمام مراحل الانتقال السياسي، ويرون في ذلك ما يدعم التصريحات الروسية بأن الحكومة السورية ستحاور معارضيها لتشكيل حكومة مشتركة وأن الأسد وافق ضمناً على ذلك، وهو ما يتخوف منه الأطراف الدولية الفاعلة الأخرى المطالبين أصلاً بالحل بالاستناد إلى شرعية جنيف1، إذ يرون أن استبعاد الأسد عن الترشح مرة أخرى يحتاج إلى ضمانات تسعى روسيا للالتفاف عليها، أو أن يصار إلى الاتفاق على مرحلة انتقالية يستمر الأسد بالحكم فيها مدة ست أشهر لحين الإعلان عن الانتخابات مع خروج أمن للأسد وبعض من أتباعه، وهو ما تحاول روسيا أيضاً التنصل منه من خلال زعمها أن مصير الأسد يحدده السوريون أنفسهم وبالتالي انتخابات شكلية ستجد طريقها إلى التزوير وتلاعب السلطات الأمنية، أو إغلاق الحدود السورية على من بقي فيها واستمرار نزيف السوريين مع بقاء الأسد لحين إنهاك الجميع والعودة إلى المفاوضات.
في حين ينصرف آخرون إلى التأكيد أن محادثات فيينا أخفقت إخفاقاً شديداً في التوصل إلى مفاتيح الحل في سوريا جراء التمسك الروسي بالأسد، وأن روسيا ابتدعت زيارة الأسد ومسلسل الاتصالات الدبلوماسية للتغطية على عملياتها العسكرية في سوريا، وإضاعة الوقت بمبادرات جديدة لن تمهد للحل، فالحل مازال مبكراً والروس لم يختبروا بشكل حقيقي الميدان في سوريا، وثمن الأسد في سوق البازار الدولي مازال منخفضاً، بالنسبة إلى المصالح الروسية في الشرق الأوسط، وهم في ذلك يرون مايدعم وجهات نظرهم من خلال الاتفاقيات التي وقعتها موسكو مع واشنطن حول التنسيق العسكري لتفادي الاشتباك في الأجواء السورية.
وبرغم التصريحات الداعية إلى عقد جولة أخرى من المباحثات الموسعة ودعوة أطراف دوليين أخرين، فإن ذلك لايوحي بأن الأطراف الأربعة قد توصلت إلى قرار سيصار إلى فرضه على الأطراف الفاعلة الأخرى، بل إن ذلك يحمل فيما يحمل إطالة المباحثات والتوه في التفاصيل وتعقد الموقف، بانتظار التوصل إلى صيغة واضحة حول دور الأسد في مستقبل سوريا وهو السؤال الذي لم يتوصل الجميع إلى اتفاق حوله منذ بدء النزاع هناك.

 

 

 

المصادر: