تعزيز الفكر المؤسساتي

الكاتب : عباس شريفة
التاريخ : ٢١ ٢٠١٥ م

المشاهدات : 4631


تعزيز الفكر المؤسساتي

هناك من يريد أن يوحد الأمة بضبط الإطار والفكري والسلوكي بحيث نكون متشابهين بالفكر والحركة، والحقيقة الإصرار على ذلك يزيد هوة الشقاق بسبب احتمالية النصوص وحظوظ النفس في استظهار الحق والبغي على المخالف
قال تعالى
{وما اختلف الذين أوتوا الكتاب إلا من بعد ما جاءهم العلم بغياً بينهم}
لذلك جعل الله تعالى اجتماع الكلمة من مقتضيات الألفة القلبية {وألف بين قلوبهم}
وقد شبه الحديث الشريف المسلمين بالجسد الواحد ضمن معاني قلبية وجدانية (توادهم وتراحمهم وتعاطفهم)
حتى إدارة الاختلاف الاجتهادي مع غياب الرابطة العاطفية ضرب من المستحيل.
تحول الجماعات الإسلامية والفصائل إلى نظام المؤسسة، هو الحل الوحيد للتخلص من الفردية والتسلط والاستبداد والبيروقراطية والمحسوبيات.

والنظام الإداري ضمن المؤسسة ربما يكون كفيلاً في كفكفة الرعونات النفسية والمراهقات الفكرية. وذلك من خلال ضبطها بالأنظمة الداخلية الصارمة ولا سيما مع ضعف الجانب التربوي والالتزام الذاتي.
فلا حيدة عن الضبط الإداري ضمن صرح العمل المؤسساتي، لذلك تجد ثقافة المؤسسة غائبة عندنا لحساب ثقافة الأمير المطلق المطاع والشورى الصورية، فكلما غاب نظام المؤسسة دخلنا في مشابهة العصابة وحالة العجز التي نعانيها من إنشاء مؤسسة ثورية واحدة تنال احترام العالم مأزق إداري كبير.
نحن المسلمين نحمل ثقافة عجيبة نحافظ على الشخص المتفرد بأرواحنا ونتعصب له ونضحي بالمؤسسة لأتفه الأسباب.

الجماعة التي لا تنضبط بنظام المؤسسة فهي عصابة، ننحي العلم وندوس الأنظمة نحيي القائد وندوس القانون.
في دول العالم الثالث عندما تُبنى مؤسسة كل الأفراد يسعون بهدمها مع أننا أول أمة أرست مبدأ العمل المؤسساتي.
عندما دخل نابليون لمصر ذهل من فكرة مال الوقف الذي يحافظ عليه الجميع ولا يمتلكه أحد.
حديث النبي صلى الله عليه وسلم (إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث) وذكر الصدقة الجارية، وهي ما يدوم نفعه ويبقى عينه وقد أورد الإمام مسلم الحديث في باب الوقف.
ففي الحديث تشجيع على بناء المؤسسات التي يستمر نفعها دون أن يستهلك عينها، وقد عرف في تاريخ المسلمين أكثر من مئة نوع للوقف كله ينفق على مؤسسات المجتمع المدني من التعليم إلى الصحة إلى الرفق بالحيوان.
فكرة الوقف التي قضى عليها نظام الطغيان كانت تؤمن موارد مالية ثابتة لتمويل العمل المؤسساتي الخيري؛ فحصرها المسلمون جهلاً ببناء المساجد مع أنها تشمل كل مؤسسة خيرية تعود بالنفع على المجتمع.
عندما يمنحك الله نعمة القوة فمن لوازم شكر هذه النعمة أن تسخرها لنصرة الحق والمظلومين وأن لا تجعلها ظهيراً للطغاة والمجرمين فتكفرها، قال تعالى عن موسى عليه السلام (قال ربي بما أنعمت علي فلن أكون ظهيراً للمجرمين) القصص

 

 

مشاركات نور سورية

المصادر: