تقديرات: ضعف الأسد دفعه لتسليم اللاذقية إلى الروس ودمشق للإيرانيين

الكاتب : مجلة العصر
التاريخ : ٢٥ ٢٠١٥ م

المشاهدات : 3154


تقديرات: ضعف الأسد دفعه لتسليم اللاذقية إلى الروس ودمشق للإيرانيين

فيما التزمت إدارة الرئيس باراك أوباما ترديد الموقف الرسمي القائل إنها لا تزال تجهل الأهداف الروسية في سورية، والتي دفعت موسكو إلى إرسال قوات عسكرية ومقاتلات ودبابات ومستشارين إلى مدينة اللاذقية الساحلية في شمال سورية الغربي، تردد في كواليس الإدارة الأميركية حديث عن قيام الروس بدعم الأسد لتفادي سقوط اللاذقية في أيدي الثوار.

 

ويلفت المراقبون الأميركيون إلى أن موسكو لم تعزز وجودها في مرفأ طرطوس، ذات الغالبية العلوية الساحقة وحيث تحتفظ روسيا بمنشأة بحرية بسيطة. ويقول هؤلاء إنه على عكس الاعتقاد السائد، فإنه منذ استولى "جيش الفاتح" من الثوار السوريين على كامل محافظة إدلب وجسر الشغور، الذي يؤدي إلى سهل الغاب جنوباً، تدور المعارك بين الثوار وقوات بشار الأسد للسيطرة على هذا السهل.

ويعتقد المراقبون الأمريكيون أن الأسد استعان بأفضل قواته للدفاع عن السهل، وأرسل العقيد سهيل الحسن المعروف بـ"النمر"، والذي قدم أداءً عسكرياً متفوقاً منذ اندلاع المواجهات العسكرية في العام 2011. ولكن حتى "النمر" وقواته واجهوا نكبات متعددة أجبرتهم على التخلي عن نقاط أساسية.

ويتابع المراقبون أنه إذا ما استولى الثوار على سهل الغاب، فإن الطريق تصبح مفتوحة أمامهم نحو اللاذقية، التي يبلغ عدد السنّة فيها نحو نصف سكانها، وهؤلاء يعيشون في حالة حصار فرضتها عليهم قوات الأسد منذ أن شاركوا في التظاهرات السلمية التي طالبت برحيل الأسد عن الحكم في الأيام الأولى للثورة السورية في ربيع العام 2011.

كذلك، يقطن شمال اللاذقية عدد من السوريين التركمان من السنّة. وتعززت أعداد السنّة في الجيب العلوي بوفود لاجئين من مناطق القتال في محافظتي إدلب وحماة المجاورتين.

ولطالما حاول الثوار اختراق شمال سورية الغربي، وهو معقل الطائفة العلوية التي ينتمي إليها الأسد. وفي مارس 2014، شنت فصائل إسلامية معارضة ما أسمته "حملة الأنفال"، واستولت على نقاط حدودية مع تركيا.

وأدت المعارك إلى مقتل هلال الأسد قريب الرئيس السوري، فيما اتهمت دمشق أنقرة بمساندة الثوار بإسقاطها مقاتلة سورية كانت تشترك في المعارك. وفي وقت لاحق، وبمساندة من "حزب الله" وميليشيات أخرى تابعة لإيران، نجحت قوات الأسد في استعادة المواقع التي خسرتها في محيط كسب الحدودية.

ويقول الخبراء إن معركة كسب والاشتباكات الدائرة في سهل الغاب دفعت عدداً كبيراً من العلويين إلى ترك اللاذقية والاحتماء بما يعرف بجبال العلويين، وهو ما يشكل تهديداً لقوات الأسد ومقدرة دفاعها عن اللاذقية.

ويتابع المراقبون الأميركيون أن إيران و"حزب الله" يساندان الأسد في الدفاع عن دمشق والمناطق المحيطة به، وكذلك الممر الممتد من العاصمة شمالاً عبر حمص ونحو الجيب الشمالي الغربي. لكن مقدرة القوات الإيرانية على مساندة الأسد تراجعت، يقول خبراء، ما دفع الروس إلى التدخل عسكرياً لحماية اللاذقية ومنع الثوار السوريين من الاستيلاء على منفذ بحري.

وفي هذا السياق، يقول الباحث فابريس بلانش، الأستاذ المشارك في "جامعة ليون" والباحث الزائر في "معهد واشنطن لشؤون الشرق الأدنى"، إن اللاذقية عند إيران لا تتمتع بالأهمية الإستراتيجية نفسها التي تتمتع بها دمشق أو الجولان.

وبما أن روسيا ما زالت تحتفظ بقاعدة بحرية في طرطوس و"تعمل على إعادة بناء قاعدة غواصات سوفيتية في بلدة جبلة الواقعة نحو 32 كيلومترا جنوب اللاذقية"، ستعمل موسكو –حسب الباحث الفرنسي– "على إحياء فرص إقامة دولة علوية على الساحل السوري، بغض النظر إن كانت هذه الدولة العلوية متصلة بدمشق أم لا"، ويتابع القول: "روسيا تحصن مواقعها على الساحل السوري جنوب الحدود التركية مع هدف رئيس هو منع السنّة من الوصول إلى البحر".

ويقول بلانش: "بالنظر إلى حملة الثوار الربيع الماضي، هناك إمكانية حقيقية أن تصل الحرب إلى اللاذقية، حيث سيجد الثوار دعماً قوياً من السكان السنّة الذين لطالما حلموا بالانتقام من النظام الذي سيطر عليهم لعقود".

ولأن الأسد ما عاد بإمكانه الدفاع عن اللاذقية، لم يكن أمامه غير خيار قبول الدخول العسكري الروسي على غرار قبوله الدفاع الإيراني عن دمشق، وفقا للخبراء.

هكذا، فيما اعتقدت واشنطن يوما أن ضعف الأسد سيجبره على التفاوض مع معارضيه للتوصل إلى تسوية سلمية، يبدو أن تقهقر الأسد دفعه إلى تسليم مناطقه إلى الروس والإيرانيين.

ورى المعنيون في واشنطن أنه سيكون مثيراً للاهتمام مراقبة كيفية تفاعل القوات الروسية مع الإيرانية على الأرض السورية في وقت رحبت موسكو فيه برئيس حكومة إسرائيل، قبل أسبوع، فيما طهران تتوعد إسرائيل باستمرار.

المصادر: