المراقبون العرب في سورية: الآمال والمخاوف

الكاتب : أخبار الثورة السورية
التاريخ : ٢٢ ٢٠١١ م

المشاهدات : 2674


المراقبون العرب في سورية: الآمال والمخاوف

بينما تستعد دمشق لاستقبال طلائع المراقبين العرب، ما زالت الكثير من الأسئلة تحيط باحتمالات نجاح مبادرة الجامعة العربية والنوايا التي يبيتها النظام السوري تجاه هذه المبادرة.
فهل يدل التصعيد الأخير وخصوصاً في محافظة إدلب المحاذية للحدود مع تركيا إلى محاولة أخيرة يقوم بها النظام لتصفية أي اثر للمقاومة في هذه المنطقة المهمة إستراتيجياً قبل وصول المراقبين ووقف العنف؟
 إن كان الأمر كذلك،  فهذا يشير إلى أن الرئيس بشار الأسد وبطانته جادون بالالتزام بالمبادرة العربية. إلا أن قلة قليلة من المحللين، وقلة أقل من معارضي النظام، يفترضون ذلك.
ويعتقد هؤلاء أن تنفيذ المبادرة العربية سيعني نهاية النظام، لأنه سيضطر إلى التخلي عن القمع المسلح، الطريقة الوحيدة التي تمكنه من بسط سيطرته على الكثير من المناطق في سورية.
 يقول مسؤول عربي بارز ذو خبرة طويلة في التعامل مع الشأن السوري:  "ليس لبشار أي بديل، فهو لا يستطيع الانفتاح حتى مع المبادرة العربية. فإذا فعل، سيسقط. الأمر بهذه البساطة، ولذا فسيستخدم كافة الحيل لتقويض المبادرة".
صمود:
 تنص المبادرة على أن يسحب النظام السوري كافة قواته من المدن والقرى،  وأن يطلق سراح المعتقلين، ويسمح للمئات من المراقبين العرب إضافة إلى الصحافة العربية والدولية بالتجول في أرجاء البلاد دون عائق.
يذكر أن النظام دأب على الإعلان في الأيام الأولى للانتفاضة أنه سحب قواته من المدن -كدرعا وحماة-، ولكنها كانت سرعان ما تعود إليها بعد أن يفقد النظام سيطرته.
ولذا فالتوقع السائد يفيد أن النظام سيفقد السيطرة على أجزاء كبيرة من البلاد إذا ما تم تنفيذ المبادرة العربية.
  ولم تسلم من العنف من المدن السورية سوى مدينتا دمشق العاصمة وحلب، وحتى هاتان المدينتان بدأتا تشهدان عنفاً متصاعداً رغم محاولات النظام قمعه.
  فهل اعترف النظام بالأمر الواقع ورضي بقدره نتيجة تصاعد الضغوط الدولية والداخلية، وقرر التنازل عن الحكم أو البدء في عملية نقل السلطة؟
يصعب تصور ذلك. فالزعماء العرب الآخرون الذين ووجهوا بثورات شعبية كانوا يعيشون في وهم، وكانوا يؤمنون حتى اللحظة الأخيرة أن شعوبهم تحبهم، وأنه يمكنهم التمسك بالحكم عن طريق الصمود بوجه من يصفونهم بالمتطرفين أو الإرهابيين.
ويبدو أن القيادة السورية لا تختلف كثيراً عن هذا النموذج. فالتلفزيون السوري الرسمي يعرض بشكل يومي تقريباً صوراً لمظاهرات "مليونية" مؤيدة للنظام في دمشق وغيرها من المدن ترفع شعارات تندد بالتدخل الخارجي في شؤون البلاد وتدعم "استقلالية القرار السوري".
وفي حقيقة الأمر، ومهما كان مآله الأخير، فإنه يبدو أن الرئيس الأسد يستند إلى أرضية أكثر صلابة مما استند إليها بعض الزعماء العرب الذين راحوا ضحية الربيع العربي.
فثمة قطاعات من الشعب السوري؛ كالعلويين الذين ينتمي إليهم الأسد والمسيحيين وغيرهم، يشعرون بقلق بالغ إزاء احتمال سيطرة الأغلبية السنية على مقاليد الأمور، ويشاركهم هذا الشعور الطبقة الوسطى السنية وطبقة التجار المستفيدة من النظام.
ولكن بتدهور الأوضاع الاقتصادية، يضمحل التأييد الذي يتمتع به النظام من جانب هذه القطاعات، ويقول محللون: إن الانهيار الاقتصادي قد يكون العامل الذي يطيح بالنظام في وقت أقصر مما يعتقده كثيرون.
وقد استأنف الجيش السوري في الآونة الأخيرة إجراء تمارين بالذخيرة الحية وسط تغطية إعلامية واسعة الغرض منها إظهار وحدة القوات المسلحة وقدرتها على مواجهة أي تهديد داخلياً كان أم خارجياً.
وفي حقيقة الأمر، ورغم الضغوط التي لا بدّ أن يكون قد تعرض لها الجيش السوري أثناء مواجهته للمنتفضين، لا توجد أي إشارات إلى احتمال انشقاق وحدات عسكرية كاملة أو أن يقوم الجيش بانقلاب عسكري وهو أمر صعب المنال على أي حال، خصوصاً وأن الوحدة العسكرية الوحيدة المسموح لها بدخول العاصمة هي الفرقة الرابعة التي يقودها ماهر شقيق الرئيس السوري والمشهود لها بالولاء للنظام.
مماطلة؟
يشير ما ورد أعلاه إلى أن الأسد وبطانته قد يعتقدون أنه سيكون بإمكانهم الاحتفاظ بالسلطة فيما لو اظهروا تعاوناً مع المبادرة العربية لكسب الوقت، بينما يواصلون قمع المعارضة بدعوى "محاربة الإرهابيين".
هذا على الأقل ما يخشاه الناشطون ومنظمات حقوق الإنسان، بينما يستعد المراقبون العرب لإطلاق مهمتهم.
فقد ناشد المرصد السوري لحقوق الإنسان جامعة الدول العربية عدم السماح لبعثة المراقبين برمي "طوق نجاة" للنظام بالسماح له بكسب الوقت.
وقال المرصد: إنه من المستحيل أن تتمكن فرق صغيرة من المراقبين لا يتعدى عددها الكلي بضع مئات من مراقبة العشرات من المناطق الساخنة ومئات السجون والمعتقلات التي تديرها أجهزة النظام الأمنية الـ 17 في طول سورية وعرضها.
وكان الأمين العام للجامعة نبيل العربي قد أكد أن مدى جدية النظام ستتضح خلال أسبوع واحد من انطلاق مهمة المراقبين.
وليس ثمة ما يشير إلى أن الأمريكيين والأتراك وغيرهم سيكونون مستعدين لمنح الأسد المزيد من الوقت، خصوصاً عقب أعمال القتل التي وقعت في اليومين الماضيين.
وفي حقيقة الأمر، فإن النظام اعترف بحراجة موقفه عندما وقع على بروتوكول الجامعة العربية يوم الاثنين الماضي، رغم ادعاءاته وتحديه الظاهر للضغوط والعقوبات.
فنظرياً على الأقل، ألزم النظام نفسه عندما وقع على البروتوكول بإنهاء كل أشكال العنف والتحرك نحو تأسيس "نموذج سوري معاصر للديمقراطية والتعددية" حسب ما صرح به وزير الخارجية وليد المعلم.
ولكن يصعب على الناشطين والمعارضين الذين خبروا الجانب المظلم من القوة التي تبقي النظام في الحكم تصديق ذلك.

المصادر: