غلاة التيار الجهادي (1)

الكاتب : أحمد عبد العزيز القايدي
التاريخ : ٧ ٢٠١٤ م

المشاهدات : 3980


غلاة التيار الجهادي (1)

مشكلة النقد
هكذا يقول أبو مصعب السوري (ص 37) عن حالة داخل المجاهدين في كتابه (مختصر شهادتي على الجهاد في الجزائر 1988 - 1996) – الكتاب هو مصدر كل النصوص في هذه الورقة - هذا الكتاب يعد شهادة مشارك في واحدة من أكثر التجارب الجهادية فتنة ودموية في الداخل الجهادي وفي الخارج الشعبي والإسلامي.

 

وقد نقل أبو مصعب جانباً من ذلك بالتفصيل والتحليل، وقد وصف الشيخ سليمان العلوان هذا الكتاب بأنه عظيم النفع، وكثيراً ما يوصي بقراءته، ويعد أبو مصعب السوري في الداخل الجهادي والخارجي الأجنبي واحداً من أكثر العقول التي نظرت للمجموعات الجهادية المعاصرة، لذا فقد أعلنت الحكومة الأمريكية بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر عن جائزة قدرها خمسة ملايين دولار لمن يسلم الرجل.

هنا رحلة قصيرة مع التجربة الجزائرية بمراكب أبي مصعب...
النقد:
يقول أبو مصعب السوري: ( وقبل أن أشرع في هذا الموضوع ألفت النظر إلى أمر بالغ الأهمية والحساسية وهو مسألة منهج إحقاق الحق، وإثبات المبادئ وأداء الشهادة على وجهها، حتى ولو تعلق الأمر بمعظّم لدينا، أو عند الناس بحق أو بغير حق:
فقد تلكأ وانكفأ أمام هذه العقبة الكؤود كثير من الأكابر قديماً وحديثاً. فإن أكثر الناس اليوم، بل ومن قديم الزمان يستنكرون أن يوجه النقد أو يذكر النقص والخطأ في المعظمين عندهم، حتى ولو كان حقاً واقتضت الأمانة، أو الشهادة ذلك، وكان فيها مصلحة للمسلمين. والذي فهمته من منهج الكتاب والسنة، ومنهج السلف الصالح في استخلاص الدروس والعبرة من دروس الأخطاء التي تعرض في مسار البشر , بمن فيهم كبار الصالحين، بل حتى الصحابة هو عكس ذلك. والشواهد في القرآن الكريم، وفي السنة النبوية، وما خصه العلماء في كتب الجرح والتعديل وكتب التاريخ والسير، أشهر وأكثر من أن يشار إليه) ص 28

الإصلاح من الداخل:
انتقل أبو مصعب من أسبانيا إلى بريطانيا وكان في نيته الدخول إلى الجزائر، للعمل مع المقاتلين هناك، ولكن الأمور تغيرت وطُلب منه البقاء في بريطانيا، وممارسة دور توجيهي وإعلامي فيها، وقد كان يطمح إلى تدويل التجربة الجزائرية والقيام بدور إصلاحي وإرشادي، يقول: (فقد ثبتني على البقاء -رغم ذلك- شغفي في تدويل ذلك الجهاد، والآمال التي انعقدت عليه، والأمل في إمكانية إصلاح كثير من الأمور عندما أدخل الجزائر، وأكون على مقربة من أمراء الجماعة الذين يستطيعون ذلك الإصلاح) ص 22
أثناء عمله مع المجموعة في لندن التحق بهم رجل من الغلاة، وخلال فترة قصيرة ارتقى هذا الرجل حتى صار المسؤول الأول في المجموعة، يحدد أبو مصعب طبيعة دوره الشخصي مع المجموعة حينها فيقول: (بالنسبة لي اخترت الكتابة مع الأنصار عن بعد، نصحتهم ما أمكن، وإرسال النصائح للداخل عن طريقهم) ص 31
في مرحلة متقدمة ومع بروز أفكار الغلو بشكل أكبر في المجوعة يصف أبو مصعب مرحلة جديدة في علاقته معهم فيقول: (وقررت التوقف عن العمل وعدم الكتابة معهم نهائياً، ثم طفقت الوفود من الجهاديين تراجعني وتدعوني للعودة للكتابة، وأن لا نترك الإخوة وقضيتهم بغير سند، وأن هذا وقت النصرة والثبات، وقررت بعد أن راجعني كثير من الإخوة ووعدوا بتحسين أداء النشرة أن أعطي فرصة للإصلاح) ص 33

في مرحلة أخيرة وبعد ظهور جانب الغلو عندهم بشكل كبير، قرر مقاطعتهم تماماً يقول: (بالنسبة لي كان هذا آخر المطاف معهم من جهتي ومن جهتهم.. فقد تبين لي أن أمر الأنصار قد آل لمجموعة رعاع لا يقدرون تبعات ما يفعلون لا شرعاً ولا سياسة ولا عقلاً ولا أمنياً ولا على أي مقياس.. و بالنسبة لهم كان أسهل شيء لديهم أن يرمونني بالجبن والتخاذل وفساد العقيدة وتنكب طريق السلفية) ص 35

إعلان النقد:
بعد أن استبان الانحراف وظهر المنكر عنده وإصرار الغلاة في الجزائر ومن يدعمهم في لندن على تلك التجاوزات، قرر الرجل أن يخرج من عملية الإصلاح الداخلي إلى العلن، وأصدر وغيره بيانات نشرت في صحيفة الحياة اللندنية، وكان أبو مصعب وراء فكرة تلك البيانات، وخروجها على صحيفة الحياة (ص 34) يصف وصوله إلى هذه المرحلة في علاقته مع المشروع الجزائري فيقول: (ومع تكشف الحقيقة والتوجه الإجرامي والمنحرف للقيادة الجديدة للجماعة الإسلامية المسلحة.. انفض عنها المؤيدون في الداخل والخارج. وأصدرت الشخصيات والجماعات الجهادية البارزة التي أيدت الجماعة المسلحة خلال مسارها بيانات عديدة بذلك، وكنت من أوائل من وقف ذلك الموقف وندب الناس البراءة من قيادة الجماعة الإسلامية المسلحة) ص 17

في مواجهة النقد:
كما سبق اختار أبو مصعب نقد هذه التجاوزات علانية والبراءة منها، وقبل الإعلان اعترض البعض على خيار المواجهة وفضل خيار النصيحة السرية وتأجيل النقد، والبعض الأخر راح يبرر تلك التجاوزات الشرعية، مع قناعة الجميع بوجود الغلط! وكانت حجج الفريقين متقاربة .
عندما أعلن المقاتلون في الجزائر تشريع قتلهم للمجاهدين، أخرج صوتهم الغالي في لندن مقالاً يدعمهم في ذلك ينقل أبو مصعب مبرر ذاك الرجل فيقول: (وبرر أبو قتادة ذلك بأن الإخوة الجزائريين جاؤوه يتوسلونه أن لا يتخلى عنهم) ص 34
بعد خروج مقالة ذاك الغالي في دعم منهج المقاتلين الجزائريين اجتمع في لندن عدد من الجهاديين وانتقدوا ذاك المنهج، واشترك معهم رمز الغلاة في نقدهم عندها تعجب الحضور من دعمه المعلن ونقده السري، ينقل أبو مصعب جوابه لهم عن هذا التناقض فيقول: (ولما أبدينا دهشتنا لهذا التناقض في يوم وليلة، حاول تبرير ذلك بوجوب نصرة الجماعة التي تحمل المنهج السلفي!.. ووعد بأنه سيوجه توبيخاً وانتقادات في رسالة لأبي عبد الرحمن أمين) ص 36
وفي سياق أخر يحدثنا أبو مصعب عن معرفته بالخلل مبكراً، وعرضه على كل أولئك الجهاديين في لندن مواجهة هذا الانحراف مبكراً، ولكنهم في البداية رفضوا ذلك، وقد نقل الرجل مبرراتهم والأجواء التي قادتهم إلى رفض النقد المبكر فيقول: (وأؤكد على أمر بالغ الأهمية، وهو أني تنبهت للانحراف في وقت مبكر -  بحكم الخبرة التنظيمية والتجارب الأمنية وذلك  فضل الله – وطرحت بين أصحابنا فكرة الضغط الجدي على الجماعة لفهم أسباب ذلك الانحراف. وحَدَسْتُ مبكراً بإمكانية دخول الاستخبارات الجزائرية على خط قيادة الجماعة. ولولا أن أبا قتادة فرض على مؤيدي الجماعة في لندن جو الإرهاب الفكري، واتهم بالبدعة والتخاذل ومعاداة السلفية!! كل من حاول انتقاد الجماعة وأميرها (أبو عبد الرحمن أمين)، وكان يسمي احتياطاتي الأمنية وشكوكي مستهزئاً بها: (أفكار جيمس بوند).. لولا ذلك، لكان بالإمكان أن يبكر موقفنا بالبراءة منهم أشهراً قبل ذلك.
كما أن طيبة الأوساط الجهادية وترجيح العواطف وحسن الظن بالإخوة كما كانوا يقولون، ساهم بالتأخير، بل إن بعض كبار الجهاديين طالبنا بتأخير البراءة منهم بعد أن جاءت الأدلة بجرائمهم وكتبنا البيانات، وقالوا: نرسل لهم رسالة نصيحة! فإن لم يستجيبوا أعلنا البيانات!!! ولكن موقفي وبعض الإخوة كان صارماً وحدياً) ص 58

ماذا لو أعلن أبو مصعب موقفه ذلك؟! ألم يكن ذلك سبباً في كشف الغلاة إعلامياً وشرعياً؟! وبالتالي سحب الشرعية عن أي عمل يحاولون القيام به، ومحاصرة المشكلة قبل وقوعها، عبر قطع الطريق على أولئك الغلاة ومنعهم من السير في مشروع إجرامي تكون عواقبه على كل المشروع الجهادي، أو على أقل تقدير تخفيف الأضرار التي تقع مع عدوانهم وحفظ اسم الجهاد من التشويه ونفور الناس عنه بسبب أعمال أولئك الإجرامية التي ترفضها الشريعة.
العجيب حتى بعد ظهور الأمور بشكل صارخ واعتراف مقاتلي الجزائر بقتل قيادات المجاهدين وتبريرهم ذلك في بيانات معلنة وصريحة كان هناك أشخاص مقتنعون تماماً بعدم النقد حفاظاً على الجهاد!! يقول أبو مصعب: (وبدأت أعمل مع كبار الأخوة في لندن على ضرورة كشف ذلك والبراءة منهم، ودعوة المجاهدين للخروج عليهم في الداخل ووقف دعمهم  من الخارج، ولكن أوساط الجهاديين، وحتى بعض كبارهم كانت تخشى على مسار الجهاد ذاته، وتفضل أسلوب نصيحتهم بالحجة الشرعية!!) ص 53
كل هذه المبررات السابقة للصمت أو اختيار مسار النصيحة السرية، وأحوال الصامتين وظنونهم، تتكرر اليوم في تجاوزات البغدادي الشرعية في سوريا، وكأننا لم نستفد من الدرس!
ومع مطالبة هؤلاء بالتأجيل أو سرية النصيحة إلا أنهم جميعاً كانوا متفقين على غلط أولئك الغلاة يقول أبو مصعب: (وزع أبو قتادة والعاملون في الأنصار بإدارته كتاب منهج الجماعة ونشرة الأنصار في وقت واحد بعد صلاة الجمعة في مصلاه. ولم يأت صباح اليوم التالي إلا وكافة من يعتد بفهمه من الجهاديين منكر للمنهج، مسفه لمعظم ما فيه، متعجب من الكم الهائل من الغلو والتطرف والتقنين للإجرام فيه) ص 48
ولكن صمت هؤلاء الذين ظهرت بوادر المشكلة عندهم، هو الذي سمح لذلك المشروع الإجرامي بالنمو والتهام المجموعات العسكرية الجهادية في لحظة غفلة، وتشكيل قوة سمحت له فيما بعد بإقصاء بقية المجاهدين وقتلهم، الأمر الذي تحققت به مفسدة الفتنة والفرقة وجاء معها التشويه الإعلامي وتلطخ اسم الجهاد بالجريمة!
إنه مشهد درامي عجيب: يراعي فيه الناصحون المفسدة المتوهمة البعيدة فلا يدفعون المفسدة المتحققة القريبة ليقعوا بصمتهم في أعلى درجات المفسدة المتحققة والمتوهمة!
إن سكوت أولئك، وسيطرة الغلاة على بعض كتائب المجاهدين يتكرر اليوم في سوريا مع البغدادي، فهو يلتهم جبهة النصرة شيئاً فشيئاً وبالقوة والحيلة أيضاً بمبررات شرعية مغلوطة تمرر بطرق يستغل فيها جهل الأتباع بالشريعة وفقر تجربتهم وحداثة سنهم، والذين يعجبهم اعتدال الجولاني في الخارج والداخل في حالة صمت رهيب! والأعجب منه أنهم يرون المشكلة تتفاقم ونصيحتهم السرية وصمتهم لم يقربهم من حل الأزمة بل الطرف الغالي يأخذ الأمور باتجاه التأزم!

في مواجهة نقد الفشل:
والأعجب من كل المحاولات في الداخل الجهادي لتعطيل وإيقاف نقد التجربة الجهادية أثناء قيامها، هو رفضهم نقدها بعد انتهاء التجربة الجزائرية تماماً وتكشف الأمور بالكلية، وصارت خبراً في التاريخ لن يكون لأي حديث عنها أثر فيها، بعد كل ذلك يُرفض نقدها! فقد أعد أبو مصعب هذه الدراسة وأراد نشرها في 1998 ولكن هناك أشخاص من الوسط الجهادي نصحوه بعدم نشرها، وهو الأمر الذي التزم به أبو مصعب لأكثر من ست سنوات! وبعدها نشر هذه الدراسة، ينقل أبو مصعب اعتراضهم وسببه (ولكن الذي حصل، أني بعد عرضها على العديد من كبار الجهاديين وقدماء الإخوة، من جنسيات مختلفة، وخاصة من أطراف كان لها دور وعلاقة بتلك القضية، نصحوني جميعاً تقريباً بحفظها وبعدم نشرها في ذلك الوقت وذلك لسببين بحسب رأيهم: من أجل عدم إثارة بلبلة في ساحة المجاهدين الأفغان العرب الذين كانوا يتجمعون من جديد هناك، وحيث أنهم كانوا منقسمين في الآراء حول قضية الجزائر والموقف من أطرافها وجماعاتها المتعددة. فاعتقد الإخوة أن نشر هذه التفاصيل سيثير خلافاً في ساحة جديدة حول قضية قديمة، وآثروا أن لا يحصل ذلك. حتى أن بعض كبار الإخوة بالغ في رجائه بأن أؤجل النشر خوفاً من تبعات ذلك) ص5
وهذا يؤكد أن هناك حالة شعور بقداسة التجارب الجهادية تسربت إلى وجدان هؤلاء حتى صار كل نقد يوجه إليها مرفوض بحجج واهية تفترض أن النقد يسبب فرقة واختلافاً أو فتنة أو تشويهاً، وهي حالة مرضية نعيشها حتى اليوم مع جملة من الغلاة والمتعاطفين معهم، وهو مشهد لا علاقة له بالمنهج السلفي الذي لا قداسة عنده للمشاريع والأفراد، وإنما القداسة للمنهج، وكان الواجب على هؤلاء أن يتربوا ويربوا أتباعهم على منهاج نقدي شرعي بدلاً من مواجهة النقد ورفضه تحت مبررات لا حقيقة لها؛ الأمر الذي خلف الانحراف والضلال، وهذه الحالة من الغلو المبطن في التجارب والمشاريع تستعدي مزيداً من المعالجة بالنقد حتى تزول كل تلك الجدران الوثنية.
أحوالهم مع الناصح:
ويصف الرجل جانباً من حاله مع مجموعة لندن المتعاطفين مع المقاتلين الجزائريين وهو ينصحهم سراً فيقول:
(وقد أدت محاوراتي معه إلى أنه كان يعلن في المجالس أني من المبتدعة!، وكان يحذر الشباب من كتاباتي ومنهجي!!) ص 36
ويقول أيضاً: (ولكن الشيخ أبا قتادة لم يجد إلا أن يسفهنا متهماً إيانا بأننا لم نقرأ إلا نتفاً من السنة والسيرة، وبعض القرآن بلا تدبر. وأننا نستمد القدوة من ماوتسي تونغ وجيفارا) ص 52
ويقول أيضاً: (وقد اشتريت النشرة مثلي مثل غيري مع ملحقها الذي تضمن ذلك المنهج السلفي العظيم على حد وصف أبي قتادة، اشتريته من على باب مصلى أبي قتادة.. حيث أنهم قاطعوني ولم يعودوا يرسلوها لي إلى البيت بكل إجلال واحترام كما قبلاً. وسبحان مقلب القلوب والأحوال..
وهذا دائماً نهج هذه الشراذم من أهل الهوى.. عندما توافقها على الحق الذي عندها تمجدك، ثم لما تنكر عليها العوج الذي عندها تهوي بك إلى أسفل سافلين..) 35

سراً وكانت النتائج بهذا الشكل!
خيار المقاطعة:
يصرح أبو مصعب في أخر التجربة بخيار كان من الممكن أن يتخذه مع هؤلاء الغلاة فيقول: (وأقول أخيراً للإنصاف بأني لوكنت أكثر خبرة كما أنا اليوم بعد تلك التجربة، وبعد تجربتنا مع طالبان ومن جاورهم من العرب. وبعد تداعيات سبتمبر 2001 . ولو كنت أقل حماساً وتعاطفاً وإصراراً على العمل ولو في معطيات سيئة، ومع أناس غير مؤهلين كما كنت قبلاً. لكنت تركتهم منذ اطلعت على أحوالهم أول ما وصلت لندن. أو على الأكثر بعد العدد (120)  من نشرة الأنصار واعتقال مديرها وسيطرة أبي قتادة على تلك الزمرة من الجهلة المخلصين كما أحسبهم) ص59

الصراحة والقسوة:
كان أبو مصعب صريحاً وقاسياً في نقد تلك التجربة، فقد وصف الأفكار والأفراد والجماعات بمعانٍ ثقيلة، وألفاظ مباشرة تصف حالهم، هنا بعض هذه العبارات التي استخدمها (الممارسات الشاذة) ص 32 (هذه التوجهات الخرقاء) ص 17 (التوجه الإجرامي والمنحرف) ص 18 (البيانات المنحرفة ) ( الجرائم المرعبة ) ص 57 وصف إدارتهم بـ(العبثية) ص 21 وصف أعمالهم بـ(الموبقات) ص 24 وصف بعض مبرراتهم بقوله (التسويغات الحمقاء) ص34 وصف رأي بعض الغلاة بأنه (منتهى الجهل والحمق) وصف أحد الكتب بقوله (حمل الكتاب من فنون الجهل، وألوان التطرف والتكفير، وقواعد الإجرام وقتل الأبرياء) ص 17 ويصف بعض الغلاة (وهو المدعو "عنتر الزوابري"، الذي تابع مسلسل الإجرام) ص 18 (وقد جمع إلى ذلك الجهل والإجرام) ص 22 (الأوباش المنحرفين) ص74 (هذه الشراذم من أهل الهوى) ص 35 (ومجموعته المنحرفة) ص 57 (وهكذا بسطوا المسألة واعتقدوها بكل سذاجة) ص 26 ص 39 ويصف أحدهم بـ(الجهل) ص 58 و(مجموعة من الجهلة المجرمين) 62 ويصف مجموعة لندن بقوله (مجموعة رعاع) ص 36 و(الجهلة المخلصين) 58
قد يتعجب القارئ للوهلة الأولى عندما يرى هذا الحجم من الأوصاف لكن في الحقيقة الواقع كان أكثر قتامة من الوصف، ومن تطفل على المسيرة الجهادية ولم يقرأ عن التجارب السابقة أو يتابع الساحة الحالية ويحتك بهؤلاء الغلاة سينكر ذلك أشد النكير، بينما هذه الأوصاف لا تعدو أن تكون هي أقل الصفات المتحققة فيهم، فلا وجود لتجاوز هنا وإنما تسمية الحقائق بأسمائها.
مشكلات النقد التي عرضها أبو مصعب هي مشابهة كثيراً لواقعنا اليوم حيث صارت تجارب القلة القليلة جداً من المجاهدين مشروعاً مقدساً -بلسان حالنا- فصرنا نرى الغلط ونسكت عنه، ونؤجل النقد بمبررات فارغة إلا من مؤثرات نفسية غير موضوعية، وهو الأمر الذي جعل مجموعة من الغلاة الجاهلين يتسلقون على الجهاد في لحظة صمتنا أو تبريرنا، ويستبدون بقراره ويأخذونه إلى الهاوية ولم يجدوا أحداً يقول لهم توقفوا، بل كان البعض يدفعهم وآخرون يتفرجون بصمت حتى سقط الجهاد والمجاهدون في هاوية الفشل.
إلى لقاء قريب بإذن الله في رحلة جديدة مع تجربة أبي مصعب الجهادية ... الحلقة الثانية من غلاة التيار الجهادي

 

 

المسلم

 

المصادر: