تغير الناس فاستحقوا النصر

الكاتب : مجاهد مأمون ديرانية
التاريخ : ٢٢ ٢٠١٤ م

المشاهدات : 3250


تغير الناس فاستحقوا النصر

أنا لا أظن أن الشعب السوري سينتصر على الطغاة وأنه سينال حريته. هذا أمر لا يدخل عندي في دائرة الظن، بل هو من أمور اليقين.
إنني أعلم علم اليقين أن الشعب السوري منتصرٌ وأن النظام زائلٌ بأمر الله تبارك وتعالى، ليس لأني اطّلعت على الغيب، فلا يعلم الغيبَ إلا الله، وإنما لأن النهايات تُعرَف بالبدايات.

 

 

ولأن شعباً ضعيفاً أعزل وقف ثلاث سنين أبيّاً مرفوع الرأس في وجه نظام من أسوأ وأعتى الأنظمة القمعية في التاريخ لن تخضعَه قوةٌ من قُوى الأرض بعد اليوم بإذن الله رب العالمين.
منذ خمسين سنة كان السوريون مضطهَدين مُهانين يعيشون بلا أمل في حرية أو كرامة، وكذلك كانوا منذ أربعين سنة ومنذ ثلاثين وعشرين.
ما الذي اختلف اليوم؟
هل قرر الطغاة مختارين أن يمنحوا هذا الشعب حريته التي سلبوها وأن يعيدوا له الكرامة التي داسوها بالبساطير؟
ومتى تنازل طاغيةٌ عن جبروته بالتطوّع والاختيار؟ هل تغير الحال لأن الطغاة فقدوا قوتهم وجبروتهم أو لأن الشعب امتلك من القوة أكثر مما يملكون؟
لا، لم يعش الناس عقوداً من الزمن حياةَ العبيد وصاروا يعيشون اليوم حياة الأحرار لأن النظام كان قوياً فصار ضعيفاً؛ النظام لم يتغير بين أول آذار 2011 وآخره، الناس هم الذين تغيروا.
الشعب الذي سكن الخوفُ قلبَه نصفَ قرن قرّر أن يثور على الخوف، فلا خوفَ بعد اليوم، الشعب الذي تحكمت الأصنام في حياته وسيطرت على قلبه حطّمَ في قلبه الأصنامَ فتحطمت على الأرض الأصنامُ.
سكنَتْ قلوبَ الناس في الماضي قابيلةٌ غريبة للاستعباد فاستُعبدوا وملأت بلادَهم أصنامُ الطاغية، وفي لحظة من لحظات التاريخ الفريدة نبذوا من قلوبهم هذه القابليةَ وهتفوا: "لا عبوديةَ بعد اليوم".
في تلك اللحظة تبخر الخوف من النفوس وتحطمت في القلوب الأصنام، وفي اللحظة نفسها فقد الطغاةُ القوةَ التي كانوا يملكون، في تلك اللحظة فقدت أصنامُ الأرض فرصتها في البقاء.
في ذلك اليوم المشهود نال الشعب حريته ورُسمت نهاية الرواية، كل ما بقي بعد ذلك مجرد تفاصيل لا بد منها قبل إسدال الستار على مشهد الانتصار.


الزلزال السوري

المصادر: