هم العدو فاحذرهم

الكاتب : أبو أمجد
التاريخ : ٢٩ ٢٠١٤ م

المشاهدات : 7960


هم العدو فاحذرهم

واجه رسول الله صلى الله عليه وسلم في بداية دعوته مع أصحابه اعتداءات المشركين بصبر وثبات، رغم قلتهم وضعفهم ولم تزدهم هجمات المشركين إلا قوة وثباتا وانتشارا في الأرض.
لكن المواجهة مع المنافقين اختلفت مضمونا ومعنى وأسلوبا، فقد استطاع المنافقون في مدينة رسول الله أن يهزوا المجتمع الإسلامي هزات عنيفة، وكادوا أن ينجحوا في تفريق صف هذا المجتمع رغم وجود رسول الله صلى الله عليه وسلم في أوساطهم.

 

بل استطاع هؤلاء المنافقون النيل من عرض رسول الله صلى الله عليه وسلم. وما مقتل الخليفة الراشد عثمان بن عفان رضي الله عنه إلا نتيجة مخططاتهم.
يجب أن يدرك الجميع أن الحرب الآن هي مع المنافقين بالدرجة الأولى، حرب ما أن تبدأ تجد الصف الإسلامي ينقسم إلى صفين كبيرين، لأن المنافقين يستخدمون كتاب الله وسنة نبيه كسلاح للقضاء على الإسلام، وصدقت كلمة الخليفة الرابع علي بن أبي طالب، حين قال فيمن خرجوا عليه بحجة أنه لم يحكّم كتاب الله وإنما حكّم الرجال: كلمة حق يراد بها باطل. إنه تلبيس خطير وخاصة على عامة أبناء الأمة الإسلامية، نحتاج في مكافحته إلى فقه ابن عباس رضي الله عنه حين استطاع رد الآلاف من الخوارج إلى وعيهم حين ناظرهم، وأخرجهم من شباك ومكائد المنافقين.
فهل لمسنا الآن خطورة النفاق.
أمتنا الإسلامية اليوم تعاني من مجموعات كبيرة من المنافقين، وهم الآن في قوة مادية وإعلامية وعسكرية متزايدة يقوم بالإشراف عليها أكبر خبرائهم من اليهود والنصارى، وكل يوم يقتل المئات من المسلمين، في شتى بقاع الأرض كبورما وأفريقيا الوسطى والصين والعراق وسوريا أما إيران فقد تم تصفية المسلمين ولم تعد لهم كلمة أو كيان يعرفون به، وكل يوم يقوم المنافقون بنشر الشائعات التي تسيء إلى الإسلام بل قاموا بصناعة أفلام تسيء إلى نبي الإسلام، وانتشرت هذه الأفلام على أيدي قوم يدّعون أنهم مسلمون، ولم تستطع هذه الأمة ردع هؤلاء المنافقين، إلا عن طريق المظاهرات التي تم اختراقها وتشويهها فانعكس سلبا على هذه الأمة الإسلامية.
المنافقون الذي أقصدهم من يدّعون الإسلام ولا يقيمون للإسلام والمسلمين أي اعتبار، بل تراهم في صف واحد مع أعداء الإسلام.
فقلوبهم منافقة، والنفاق إذا كان في القلب فهو الكفر. فأما إذا كان في الأعمال فهو معصية.
قال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (أربع من كن فيه كان منافقا خالصا ومن كانت فيه خصلة منهن كانت فيه خصلة من النفاق حتى يدعها. إذا ائتمن خان وإذا حدث كذب وإذا عاهد غدر وإذا خاصم فجر) أخرجه البخاري.
وعلامة قوية للمنافقين يعرفها أهل الإيمان وهي أن المنافقين ولاؤهم لغير المؤمنين قال تعالى {بَشِّرِ الْمُنَافِقِينَ بِأَنَّ لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا * الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَيَبْتَغُونَ عِنْدَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا}. بأقبح بشارة وأسوئها، وهو العذاب الأليم، وذلك بسبب محبتهم الكفار وموالاتهم ونصرتهم، وتركهم لموالاة المؤمنين، فأي شيء حملهم على ذلك؟ أيبتغون عندهم العزة؟  والحال أن العزة لله جميعا، فإن نواصي العباد بيده، ومشيئته نافذة فيهم.
وهذا ما نراه اليوم واضحا في بشار سوريا وأتباعه وفي سيسي مصر وبلاطجته وغيرهم، فانظر كيف يقتل نظام الأسد شعب سوريا المسلم، ويستخدم كل آلات القتل الوحشية، وكل أساليب التعذيب، بينما نراه يلين لليهود الذين يقومون بضربه وضرب منشآته العسكرية التي يرونها خطرا عليهم إن وقعت في أيدي المجاهدين، فلا يرد عليهم حتى برصاصة واحدة.
وانظر إلى قادة الإنقلاب العسكري في مصر كيف هدموا بيوتا وهدموا أنفاقا وقتلوا خيرة الناس واعتقلوا كل من كان متدينا وأغلقوا القنوات الإسلامية والمدارس الإسلامية، وبالمقابل نشروا قنوات الرذيلة، ومكنوا النصارى من رقاب المسلمين، كل هذا من أجل أمن اليهود، ومن أجل راحة نصارى مصر.
لكن الله قد تكفل بنصر دينه وعباده المؤمنين، ولو تخلل ذلك بعض الامتحان لعباده المؤمنين، وإدالة العدو عليهم إدالة غير مستمرة، فإن العاقبة والاستقرار للمؤمنين، وفي قوله تعالى {بَشِّرِ الْمُنَافِقِينَ بِأَنَّ لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا * الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَيَبْتَغُونَ عِنْدَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا}.  ترهيب عظيم من موالاة الكافرين؛ وترك موالاة المؤمنين، وأن ذلك من صفات المنافقين، وأن الإيمان يقتضي محبة المؤمنين وموالاتهم، وبغض الكافرين وعداوتهم. (1)

ومن صفات المنافقين: أنه لا يسلم أحد من عيبهم ولمزهم في جميع الأحوال، حتى ولا المتصدقون يسلمون منهم، إن جاء أحد منهم بمال جزيل قالوا: هذا مراء، وإن جاء بشيء يسير قالوا: إن الله لغني عن صدقة هذا.
روى البخاري ومسلم عن أبي مسعود قال: لما نزلت آية الصدقة كنا نتحامل على ظهورنا، فجاء رجل فتصدق بشيء كثير، فقالوا: مرائى.
وجاء رجل فتصدق بصاع، فقالوا: إن الله لغني عن صدقة هذا. فنزل قوله تعالى {الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ وَالَّذِينَ لا يَجِدُونَ إِلا جُهْدَهُمْ} الآية. قال قتادة: {يَلْمِزُونَ} يعيبون. قال: وذلك أن عبدالرحمن بن عوف تصدق بنصف ماله، وكان ماله ثمانية آلاف فتصدق منها بأربعة آلاف. فقال قوم: ما أعظم رياءه؛ فأنزل الله: {الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ}.
وجاء رجل من الأنصار بنصف صبرة من تمره فقالوا: ما أغنى الله عن هذا؛ فأنزل الله عز وجل {وَالَّذِينَ لا يَجِدُونَ إِلَّا جُهْدَهُمْ} الآية
وما يحصل الآن وفي عصرنا أشد وأفضع وأبشع من هذا، فلم يلمزوا المتصدقين فقط، بل سجنوهم وقتلوهم وادعوا أن هذه الصدقات التي تعطى للفقراء والأيتام والأرامل، هي للقتل والتفجير والإرهاب، فأغلقوا الجمعيات الخيرية، وسجنوا الأغنياء من المسلمين، وجمدوا أموالهم بل سرقوها وصادروها.
وصفة كبرى من صفات المنافقين ألا وهي الخيانة لله ورسوله وللأمانات (يا أيها الذين آمنوا لا تخونوا الله والرسول وتخونوا أماناتكم وأنتم تعلمون) أي لا تخونوا أماناتكم فيما بينكم وبين أولياء أموركم من الشئون السياسية ولا سيما الحربية، وفيما بينكم بعضكم مع بعض من المعاملات المالية وغيرها حتى الاجتماعية والأدبية.
فقد ورد في الحديث "المجالس بالأمانة" رواه الخطيب من حديث علي وروى أبو داود عن جابر بزيادة " إلا ثلاثة مجالس: سفك دم حرام، أو فرج حرام، أو اقتطاع مال بغير حق" أيضا "إذا حدث الرجل بحديث ثم التفت فهو أمانة " ورواه أبو يعلى عن أنس، وأشار في الجامع الصغير إلى صحته.
فإفشاء السر خيانة محرمة، ويكفي في العلم بكونه سرا القرينة القولية كقول محدثك: هل يسمعنا أحد؟ أو للفعلية كالالتفات لرؤية من عساه يجيء.
قال أنس بن مالك: " قلما خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا قال: لا إيمان لمن لا عهد له، ولا دين لمن لا عهد له" رواه أحمد وابن حبان في صحيحه. (2)
وحدث ولا حرج كيف يتم نشر أحاديث الدعاة والعلماء والوجهاء الخاصة على الشبكات العنكبوتية والصحف والمقالات، بل والافتراء عليهم، ليتمكن اليهود والدول المعادية للإسلام من رقابهم وأموالهم. وإنه لنفاق عظيم يقوم به العلمانيون والليبراليون وأتباع المذاهب الشيعية المنحرفة على أمتهم، فلا حافظوا على دينهم، ولا أمنوا بلدانهم.
التعامل مع المنافقين:
يجب التعامل مع المنافقين بحذر شديد، وبالطريقة النبوية، حتى تكون النتيجة إيجابية، فقد سب كبير المنافقين نبينا محمد صلى الله عليه وسلم واتهمه في عرضه، وتركه النبي صلى الله عليه وسلم وترك أصحابه وكف عن قتالهم ولم يؤذهم وذلك تحقيقا للمصلحة وبعدا عن المفسدة التي كان يتوقعها عليه الصلاة والسلام من ذلك، لذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: (معاذ الله أن يتحدث الناس أني أقتل أصحابي) (3).
ولكن لا يعني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان لا يقتل المنافقين أن يتركهم يحاربون المسلمين ويهدمون قواعد الاسلام، بل يجب مواجهتهم بالطرق المناسبة.
فقد روى ابن هشام عن عبد الله بن حاتم عن أبيه قال بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ناسا من المنافقين يجتمعون في بيت سويلم اليهودي يثبطون الناس عن تبوك فبعث صلى الله عليه وسلم طلحة بن عبد الله في نفر وأمره أن يحرق عليهم بيت سويلم ففعل.
وفي غزوة تبوك جاءه صلى الله عليه وسلم خبر مسجد الضرار من السماء فدعا مالك بن الدخشم ومعن بن عدي العجلاني فقال انطلق إلى هذا المسجد الظالم أهله فاهدمه وأحرقه فخرجا فحرقاه وهدماه. (4)
ما نحتاجه الآن هو دراسة سيرة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم دراسة واعية، وتطبيقها بصورة دقيقة بعد اجماع من قبل العلماء العدول من أمتنا.
ما يحصل الآن من قيام بعض الجماعات الإسلامية بتصرفات، هي أبعد ما تكون عن سنة نبينا محمد وعد ديننا الإسلامي، رغم أنهم يقتبسونها كما يقولون من الشريعة الإسلامية، لكن لم يبت فيها العلماء المخلصون، المختصون بتفسير الشريعة الإسلامية.
لذلك انعكست هذه الأعمال سلبا، وزادت من حملات التشويه ضد ديننا وساهم المنافقون بصورة فاعلة في ذلك.  

 


============
1- تفسير السعدي
2- تفسير المنار
3- انظر كتاب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في حياة النبي صلى الله عليه وسلم  - تأليف د. طارق محمد الطواري
4- كتاب: نظام الحكومة النبوية المسمى التراتيب الإدراية. للشيخ عبد الحي الكتاني

المصادر: