جنيف2 والبراميل المتفجرة

الكاتب : حسان الحموي
التاريخ : ٢١ ٢٠١٣ م

المشاهدات : 6436


جنيف2 والبراميل المتفجرة

جميع القوى اليوم تقر بأن الحرب في سوريا تحولت إلى “أم المعارك” يتشكل من خلالها نظام دولي جديد، لذلك يخطئ من يراهن على روسيا أو أمريكا أوالغرب، فكل هؤلاء يسيرون حسب أجندة محددة مسبقا.
وعلى هامش هذه الأجندة تسعى إيران وعراق المالكي وحزب الله الى تحقيق مشروعهم الشيعي الكبير.

 


في حين روسيا والصين تعتبران سوريا حصان طروادة لعقد صفقات مربحة مع الغرب تنهي خسائر الحرب الباردة وتعيد “التوازن الإستراتيجي” للمصالح والقوى في هذا النظام الجديد.
لهذا كله يلتقي اليوم الموفد الدولي للأمم المتحدة والجامعة العربية بشأن سوريا، الأخضر الإبراهيميالجمعة 20/12/2013م، مندوبين من روسيا والولايات المتحدة للتحضير لمؤتمر جنيف-2 المقرر عقده في يناير المقبل.
أما رئيس الائتلاف الغير مدرك للحقائق الماثلة أمامه-أحمد الجربا-فهو يقود وفد المعارضة السورية في المحادثات التحضيرية.
ليؤكد على ضرورة فتح المعابر والإفراج عن المعتقلين ورحيل بشار الأسد.
ويتطلع الآخرون الذين من المتوقع أن ينضم مندوبيهم إلى الاجتماعات؛ إلى ممارسة الأدوار المحددة لهم في الأجندة المرسومة لجنيف2.
لذلك وجدنا في ذات الوقت الذي تُرسم فيه الأجندة المستقبلية لمنظومة الشرق الأوسط الجديد؛ يتعالى نعيق العصابة في دمشق بأنه لا يمكن لأحد أن يمنع بشار الأسد من الترشح لولاية رئاسية جديدة بعد انتهاء ولايته الحالية العام المقبل.
هذا التأكيد جاء على لسان فيصل المقداد، بعد أن انتقد نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف تصريحات الأسد عن احتمال ترشحه للرئاسة، وقال المسؤول الروسي إن على الأسد الامتناع عن الحديث عن إمكانية الترشح لفترة رئاسية جديدة، وهذا ليس اعتراضا على ترشحه وإنما لأن ذلك يمكن أن يزيد توتر وحرج فريق المعارضة قبل محادثات جنيف-2.
لذلك نجد أنه في الوقت الذي تنتقد فيه الدبلوماسية الروسية تصريحات الأسد تسعى جاهدة إلى عرقلة صدور قرار عن مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، يدين الحكومة السورية على هجماتها بالصواريخ والبراميل المتفجرة في الآونة الأخيرة على المدنيين.
وأفشال مجلس الأمن في الموافقة على بيان صاغته الولايات المتحدة، بسبب طلبها حذف أي إشارة إلى حكومة الأسد.
حتى أن «كيرتس كوبر» المتحدث باسم البعثة الأمريكية لدى الأمم المتحدة صرح بأنه "يشعر بخيبة أمل شديدة من عرقلة صدور بيان لمجلس الأمن، يعبر عن غضبنا الجماعي من الممارسات "الوحشية والعشوائية" التي يستخدمها النظام السوري ضد المدنيين."
وأضاف قوله "هذه البراميل المتفجرة وما تحتويه من مواد متفجرة تؤكد مرة أخرى "وحشية نظام الأسد"، والمدى الذي سيذهبون إليه في مهاجمة أفراد شعبهم وقتلهم بما في ذلك النساء والأطفال."
وقال «كوبر» "لا شك أنه على أقل تقدير يجب أن يكون مجلس الأمن قادراً على استهجان مثل هذه التصرفات الوحشية." متناسيا أن حكومته قادرة على ردع الأسد بعيدا عن مجلس الأمن كما فعلت في موضوع الكيماوي مؤخرا.
إن فشل مجلس الأمن في إصدار بيان الإدانة ضد العصابة الأسدية ليس بسبب معارضة روسيا وغيرها..الخ، وإنما بسبب معارضة إسرائيل التي كُشف أخيرا النقاب عن تحالف رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو مع الإرهابي بشار الأسد، وعن قيامه بحملة لإعادة تأهيله أوروبيا وأمريكيا بوصفه خيارا مقبولا وبديلا أفضل من الخيار الإسلامي، معتبرا أن “إسرائيل” تواجه تحديا جديدا في سوريا يتمثل بـ “قوى تابعة للجهاد العالمي”، ولم يتوانَ عن التهديد بالتدخل عسكريا في سوريالدعم نظام الأسد “غير المؤذي” لإسرائيل، وهذا يفسر لماذا تعقدت الأمور في سوريا؛ ولماذا تأخر انتصار الثورة في نضالها وجهادها ضد حكم الطاغية، فالإرهابي نتنياهو يقول حرفيا: “نحن قلقون من الأسلحة النوعية التي يمكن أن تغير ميزان القوى في الشرق الأوسط ويمكن أن تقع في أيدي الإرهابيين، ونحتفظ بحق التصرف لمنع حدوث ذلك..
وأن قلق إسرائيل يرتبط بمعرفة “أي متمردين وأي أسلحة؟” وأوضح أن “الأسلحة الرئيسية التي تقلقنا هي الأسلحة الموجودة بالفعل في سورية، أي الأسلحة المضادة للطائرات والأسلحة الكيماوية وأسلحة أخرى خطيرة جداً قد تغير اللعبة، وستغير شروط توازن القوى في الشرق الأوسط وقد تشكل خطراً إرهابياً على مستوى عالمي”، ورأى “أنه ليس فقط من مصلحة إسرائيل منع وصول هذه الأسلحة إلى الأيدي الخطأ وإنما كذلك من مصلحة دول أخرى”.
هذا ما أدلى به نتنياهو في مقابلة مع تلفزيون هيئة الإذاعة البريطانية التي أضافت إليها إذاعة الاحتلال العبرية أن نتنياهو ناقش منع تسليح المعارضة السورية مع رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون ورئيس الوزراء الكندي ستيفن هاربر، وحجته في ذلك أن “النظام السوري يتفكك إلى قوى جديدة، وعناصر أكثر تطرفا ضد إسرائيل تابعة للجهاد العالمي باتت تترسخ على الأرض”.
هذه هي الخريطة الحقيقية لما يجري في سوريا، والأسباب التي تحول دون انتصار الثورة بسرعة، فإسرائيل وإيران وعراق المالكي وروسيا والصين وحزب الله يقاتلون الشعب السوري علنا، سياسيا وعسكريا، وأمريكا وبريطانيا وفرنسا يعملون على “تجميد الوضع” على ما هو عليه للحيلولة دون انتصار أي طرف والهدف هو تدمير سوريا وحماية إسرائيل.
هذه الخريطة الجديدة التي تسعى كل القوى الإقليمية والدولية لرسمها على حساب الشعب السوري وثورته، وهي خريطة لن يستطيع أن يلغيها إلا ثورة قوية وثوار مسلحون جيدا وموحدون ومعارضة قوية واعية مدركة لما يجري، فلا وقت للمساومة أو المقايضة، فمواقف القوى الدولية والإقليمية واضحة بدعم نظام الأسد الإرهابي وعدم الرغبة بسقوطه.
فالخنزير المجوسي نصر الشيطان يقول أن معركته بسوريا هي معركة وجود وإسرائيل  تقول كذلك، وهذه هي الحقيقة لأنه إذا سقطت العصابة الأسدية سيسقط الخنزير وحزبه للأبد وستنتصر ثورة مصر ويصبح أمن الكيان الصهيوني في مهب الريح، وسيعاد بناء مجتمعنا على أسس إسلامية سليمة تحقق مصالحه وليس مصالح إسرائيل والغرب والمجوس.

المصادر: