لماذا يكرهون شريعة الله؟

الكاتب : عدنان سليم أبو هليل
التاريخ : ١٨ ٢٠١٣ م

المشاهدات : 7173


لماذا يكرهون شريعة الله؟

وصول الإسلاميين للحكم في مصر عبر صناديق الاقتراع أثار خصومهم فقاموا يرفضون هذا الوصول، وفي سياق ذلك رجعوا يجادلون في أحقية الحكم بالشريعة الإسلامية ابتداء، ومع أن هذا التصرف يعتبر خروجا على مفهوم الديمقراطية واحترام رأي الأغلبية بل وعلى مفهوم الاحترام الوطني والأخلاقي..

 

 

إلا أن الأخطر هو ما ينطوي عليه موقف هؤلاء من رفض لحكم الشريعة الإسلامية، فهم بذلك من حيث يعلمون أو يجهلون إنما ينكرون معلوما من الدين بالضرورة.. وهنا المشكلة؛
وأرى أن الحقائق الثماني الآتية ترد الأمور لنصابها:
الحقيقة الأولى:
أن تحكيم شريعة الله تعالى ليس مسألة خلافية أو عائمة من دون هداية حتى نكون مخيرين بين قبولها ورفضها.. والله تعالى يقول: (وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ وَلاتَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ) ومن المعلوم أن حكم الله تعالى هو دينه المقرر في الكتاب والسنة والمنقولُ والمحفوظُ والصالحُ والمصلحُ لكل زمان ومكان. .
 الحقيقة الثانية:
أن حكم الله لا يقوم من دون رجال يقيمونه، فإن رفض خصوم الشريعة أن يقوم بذلك الإخوان أو السلفيون أو الأزهريون أو – حسب وصفهم - " الإرهابيون والمتخلفون والمتزمتون والرجعيون والحجريون والخشبيون والظلاميون " فليأتونا برجال نعرف علمهم وصلاحهم ليوصفوا لنا هذا الحكم وليقرروا لنا أصول الشريعة وفروعها..
وسنكون سعداء أن يتنافس الناس على ذلك ووفق فهم صحيح ورؤية منضبطة..
وإذن فالقضية ليست قضية أشخاص أو أحزاب، كما لا يجوز اتخاذ أخطاء التطبيق - إن وجدت – بابا لرفض الشريعة كلها بكل فهومها وتطبيقاتها.. وهذا ما نجد عليه مواقف معظم الرافضين..
 الحقيقة الثالثة:
أن أعداء الشريعة الإسلامية –كما رأيناهم- لا يتورعون عن استخدام الكذب والإشاعة والقمع وحتى الخيانة والقتل والحرق.. وربما يبررون ذلك بفهم خاطئ أو ترخص زائف..
وقد رأينا قضاءهم وإعلامهم وأخلاقهم الفاسدة وسياسييهم المخترقين.. (الصحفي اﻹسرائيلي "بن شفيت" وصف الفريق السيسي في صحيفة هآرتس العبرية قبل أيام بأنه البطل اﻹسرائيلي الجديد!
ثم قال "في إسرائيل وبدون أي شك نحن مع السيسي، ومع اﻻنقلاب العسكري على نظام الإخوان الإرهابي المتطرف، وكلنا مع جنراﻻت حليقي اللحى").
الحقيقة الرابعة:
أن الأمة جربت حكم شريعة الله تعالى لأكثر من 1300 عام قبل إسقاط الخلافة 1923 من القرن الماضي على يد الهالك "أتاتورك" وقد سجل التاريخ أن حكم الشريعة قد أثمر كل هذه القرون فضيلة ورقيا وأنه أضاف للبشرية الكثير من التقنيات المادية والقيم المعنوية والخبرات الحياتية.. وأنه كان يأخذ بروح كل عصر حكم فيه..
وأصل ذلك في قوله صلى الله عليه وسلم "الحكمة ضالة المؤمن أنّى وجدها فهو أحق بها" وإذن فلا منطق لاتهام الإسلام أو رفضه بحجة عدم الصلاحية..
الحقيقة الخامسة:
أن الذين يرفضون حكم الشريعة في مصر –وغيرها بالطبع– قد ثبت أنهم من دون قوة السلطة لا يملكون مشروعا حقيقيا يناسب بلادنا واستقلالاتنا وطموحات شعوبنا..
ثبت ذلك بالتجربة أيضا.. فقد حكموا وجربناهم سواء منهم من ينتسب للاشتراكية أو للرأسمالية أو للدكتاتورية والفساد فما أورثوا الأمة إلا الفقر والهزيمة والتخلف والتبعية للأجنبي ونهبوا الأمة وجرّفوا خيراتها..
بالتالي فهم لا يقبلون أن يقوم حكم صالح رشيد يفضح فسادهم وتخلفهم ويسترجع الحقوق منهم..
الحقيقة السادسة:
أن حكم الله تعالى لا يعادي الإبداع ومصالح الناس ولا يمنع الاجتهاد والتجديد، ولا يحارب الفن والانفتاح والعلم- كما يشيع أعداء الشريعة الإسلامية - فالله تعالى أطلق العِنان لقدرات البشر ليجتهدوا ويبدعوا في كل المجالات حتى لو وصلوا إلى السماء..
فقال سبحانه: (إن استطعتم أن تنفذوا من أقطار السماوات والأرض فانفذوا لا تنفذون إلا بسلطان) ؛ ولكن الإسلام إنما يحارب الظلم والانفلات والفساد والإباحية والتخريب والغرق في ثقافات الآخرين وتسليم البلاد ومقدراتها وكرامتها لإرادات أعداء الأمة التاريخيين وإن تسمت هذه الاتجاهات أحيانا بأسماء محترمة تدليسا وتزويرا..
الحقيقة السابعة:
أنه قد يوجد بين دعاة الإسلام من يسيء بسلوكه أو بفكره أو بتزمته أو باعتقاده أنه يملك كل الحقيقة؛ لكن هؤلاء قلة مرفوضة حتى عند الإسلاميين أنفسهم، ثم إن صناديق الاقتراع ستعزلهم.. فما الخوف أو التخويف منهم إذن؟
الحقيقة الثامنة:
أن حكم الشريعة هو حكم مدني بمرجعية إسلامية بديلا عن المرجعية الماركسية أو الرأسمالية أو الدكتاتورية التي ابتليت بها الأمة ردحا من الزمن وحان وقت التخلص منها.. وليس حكم الشريعة هو الحكم الديني بالمعنى الثيوقراطي اللاهوتي الذي عرف في أوروبا في عصور التخلف والذي كان يقدس الحاكم حتى لو كان ظالما أو مخطئا.. فالطاعة في الإسلام طاعة راشدة وعلى المعروف لا على المنكر..
آخر القول: لا يجوز تجميد ولا تعويق أو رفض الحكم بشريعة الله تعالى بأي ذريعة.. والله تعالى يقول (فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) ويقول (وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالا مبينا)..

 

 

الشرق
 

المصادر: