النبي صلى الله عليه وسلم... وثورة الإسلام

الكاتب : حسن قاطرجي
التاريخ : ١٦ ٢٠١٣ م

المشاهدات : 2977


النبي صلى الله عليه وسلم... وثورة الإسلام

صدق الله العظيم القائل: (قد جاءكم من الله نور).
ومن أصدقُ من الله قيلاً؟ وأيُّ شهادة أعظم من شهادة الله؟
فبالتأكيد واليقين جاء النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى الوجود وجاء معه النور... فقد أضاءت الدنيا بعد ظلام، وارتقت بعد انحطاط وإسفاف.
ولقد كانت (ثورة الإسلام الأولى) على يد أعظم عظماء التاريخ سيِّد العالمين ـ
رسولِ الله محمد بن عبد الله ـ ثورة حقيقية بعيدةَ الغَوْر، متّسعة الشمول، ممتدّة الأثر، جذرية التغيير، متميِّزة النُّبْل في خيريّتها للبشرية...

 


وإذا كان السياسيون وعلماء الاجتماع اختلفوا في تحديد: ما هي الثورة؟ وما هي مقوّماتُها؟
إلا أنّ مؤرّخ الحضارات الفيلسوف الفرنسي غوستاف لوبون تكلم عن روح الثورات في كتابه الذي عَنْونه بهذا العنوان ((روح الثورات)) المترجم إلى العربية...
وبهذا الاعتبار فإن أمَّ الثورات في التاريخ الفكري والحضاري هي ثورة الإسلام وهي الثورة التي يحتاجها العالم اليوم...
ولقد كتب المستشرق الإنكليزي يهوديّ الديانة برنارد لويس (1916 ـ ...) الذي لا يزال حيّاً، وهو من أخطر المستشرقين وأدهاهم وأوسعهم خبرةً بدهاليز السياسة... كتب في كتابه الخطير (الغرب والشرق الأوسط) فصلاً بعنوان: ثورة الإسلام!
إن الثورة التي قادها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- هي ثورة حقَّقتْ التغيير الجذري في عدّة ميادين:
الميدان الأول: العقيدة والفكر...

فحاربتْ (ثورة الإسلام) الوثنية والشرك والخرافة وحققت للإنسان أعظم ما يتماهى مع كرامته الإنسانية وهو توحيد الله الخالق وعبوديتُه وإفرادُه بالحاكمية (ألا له الخَلْقُ والأمر ـ إنِ الحكمُ إلاّ لله أمر ألاّ تعبدوا إلاّ إيّاه)... في آياتٍ أخرى كثيرة جداً.
والميدان الثاني: فلسفة الحياة

وفهم الإنسان لمقصِدِ وجوده فيها، ومكانةُ الدنيا من الآخرة، ومهمتُه في العُمران الحضاري في رحلة الامتحان التي يقضيها على الأرض.
والميدان الثالث: عالَم الأخلاق...

فارتقت (ثورة الإسلام) بالإنسان إلى آفاق مُذهلة في النُّبْل والرحمة والعدل والمشاعر ليزهُوَ التاريخ بتفرُّد أخلاق أجيال المسلمين الأولى التي هي من أثر (أخلاق النبي -صلى الله عليه وسلم-) ... أخلاقِهِ التي اعتُبرت إحدى أهم مقاييس اختياره أعظم عظماء التاريخ الإنساني حتى عند الدارسين الغربيين، فمثلاً اعترف غوستاف لوبون في كتابه (حضارة العرب) ـ ص15 ـ فقال: (أخذ علماء الغرب يُنصفون محمداً مع أن التعصّب الديني أعمى بصائر مؤرّخين كثيرين عن الاعتراف بفضله!)
كما سَجّل المفكِّر الفرنسي والقانوني مارسيل بوازار في كتابه (إنسانية الإسلام) ـ ص46 ـ اعترافاً مهماً أيضاً عندما قال: (لا بدّ أن يكون محمد ـ الذي عرف كيف ينتزع رضا أوسع الجماهير إنساناً ـ فوق مستوى البشر حقاً، ولا بدّ أن يكون نبيّاً حقيقياً من أنبياء الله)... صلوات الله وسلامه عليه، علماً أن المسلمين تغنيهم شهادة الله رب العالمين...
والميدان الرابع: نظام الحكم:

إذ الإسلام دين ودولة، وعبادة وحُكْم... ولقد أحدثَتْ (ثورة الإسلام) في مجال العلاقة بين الحاكم والمحكوم والعلاقات الدَّوْلية وفلسفة الحروب والفتوحات انقلاباً إنسانياً وسياسياً تفتخر به البشرية وإنْ كان أعداء الإسلام أشدَّ ما يحاربون فيه هو هذا الجانب لأنه يَنْقُضُ فرعنَتَهم وطغيانهم وهَوَس تفرُّدهم بالسلطة ومتاع الدنيا!
كل ما تقدم لا ينبغي أن نقتصر فيه على التغنِّي بالأمجاد وقراءة صفحات التاريخ... بل يجب أن نُنتجه من جديد وهو ما تنتظره البشرية بفارغ الصبر من (قوةٍ رحيمةٍ عادلةٍ) تتقدم لتنقذها من وَهْدَتها وعذابها!
وليسمَعْ المسلمون ما توصَّل إليه أول بريطاني ترجم معاني القرآن الكريم إلى الإنكليزية أدق ترجمة وأبلغها ـ وقد أسلَم والحمد لله ـ وهو البحّاثة الذي كان يُتقن عدّة لغات منها العربية مارمادوك باكثول (ت1936رحمه الله): يمكن للمسلمين أن ينشروا حضارتهم في العالم بالسرعة نفسِها التي نشروها سابقاً بشرط أن يرجعوا إلى أخلاقهم السابقة، لأن هذا العالم الخاوي لا يستطيع الصمود أمام روح حضارتهم.
وها إنّا وإنْ كنّا غَفَلنـا فإنّا بعد صَحْوتنـا نقـولُ:
                  هو الإسلام دينُ الله يَبْقَى  ***   ويحمل صَرْحَه جيلٌ فجيلُ

 

 

 

رابطة أدباء الشام

المصادر: