السلاح الكيماوي السوري هل حقيقة أم أوهام؟

الكاتب : إلياس بجاني
التاريخ : ١١ ٢٠١٢ م

المشاهدات : 10109


السلاح الكيماوي السوري هل حقيقة أم أوهام؟

من يتابع قراءة التقارير الأميركية والأوروبية والإسرائيلية والتركية حول أسلحة الأسد الكيماوية والجرثومية يعتقد, من دون أدني شك, أنه يشاهد فيلما أميركيا وهوليووديا طويلا لا نهاية له.
ولكنه مجرد فيلم قد يقوى فيه البطل حينا ويضعف في أحيان أخرى.

 


والغريب في هذه المعمعة المخابراتية المتناقضة في كل تفاصيلها أن كاتب سيناريو الفيلم الأميركي والإسرائيلي والتركي بالتعاون مع مساعدين من الدول الأوروبية والعربية يستمر في تغيير وتبديل الأبطال والضحايا كما مواقع المعركة المفترضة, والتي لم تقع بعد ويبدو أنها لن تقع أبدا, كما يتفنن في توصيف نوعية الأسلحة المحكي عنها ومواقع تواجدها.

فقد كثرت في الأسابيع الأخيرة التقارير المثيرة التي تروي حكاية هذه الأسلحة, وأكثرها تشويقا جاء من وسائل الإعلام الإسرائيلية التي وصلت إلى ذروتها أمس واليوم حيث أفادت معظم الصحف والمواقع الالكترونية الإسرائيلية وفي مقدمها موقع دبكة المخابراتي الالكتروني أن الثوار في سورية قد استولوا خلال الأيام القليلة الماضية, وفي شرقي حلب تحديدا, على مصنع كلوريد وهو من اكبر المصانع السورية للأسلحة الكيماوية, وهو أيضا طبقا للموقع مخزن ضخم لصواريخ سكود المزودة برؤوس تحمل أسلحة كيماوية ومجهزة لضرب اسرائيل.
وأكمل السيناريو ليفيد بان تهديد الأسد باستعمال الأسلحة الكيماوية هو في الحقيقة إنذار للثوار الذين استولوا على المصنع في حلب هذا ليمتنعوا عن استعمال الأسلحة التي غنموها ضد قواته, وفي نفس الوقت التحذير هذا قد يكون مبررا قويا ليستعمل هو الأسلحة الخطيرة هذه ضد الثوار.
وتكمل التقارير لتقول أن الأردن وإسرائيل وتركيا وأميركا يأخذون أمر الأسلحة الكيماوية على محمل من الجد وأن قواتهم العسكرية موجودة داخل الأراضي السورية لمتابعة الأمر عن قرب وهي على أهبة الاستعداد للتدخل عسكريا ومنع الأسد من استعمال هذه الأسلحة.
وكان الرئيس الأميركي أوباما حذر قبل يومين الأسد بلهجة مرتفعة جدا من مغبة استعمال أسلحته الكيماوية, ورد النظام السوري فورا مدعيا بأنه لن يستعملها في حال أنها موجودة لديه.
في هذا السياق الهوليوودي, صرح وزير خارجية بريطانيا وليم هيك من البحرين السبت الماضي أنه توافرت للأميركيين والبريطانيين معلومات تفيد أن الأسد ينوي استعمال الأسلحة الكيماوية ما استدعى وبسرعة تحذيره بصرامة وشدة غير مسبوقتين.
بدورها أعلمت المخابرات البريطانية محطة (بي بي سي) أن أسلحة الأسد الكيماوية مخزنة في خمسة مواقع وجميعها مراقب عن قرب من الأميركيين والبريطانيين, وهناك استعدادات عسكرية كبيرة للتحرك في حال قرر الأسد استعمالها بأي شكل من الإشكال.
اليوم أيضا كثرت التقارير وهي في مجملها تقول أن الأسد بدا بتحريك أسلحته بعد أن جهزها للاستعمال وخصوصا غاز السارين.
وفي حين ذكر بعض هذه التقارير أنها بطريقها إلى حلب لضرب الثوار هناك, ذكرت تقارير أخرى أنها بالواقع سترسل ليس إلى حلب بل إلى المنطقة الساحلية والى جبل العلويين حيث سيلجأ الأسد مع القوى العسكرية الموالية له بعد سقوط دمشق.
وفي نفس التقارير أفيد أن الأسد يحضر أسلحته لضرب القوات الغربية في حال تدخلت عن طريق البحر لإسقاط نظامه.


أين الحقيقة وأين الخيال في كل هذه المعمعة, وأين المصداقية من عدمها في كل هذا العرض الهوليوودي؟
الأجوبة بما يخص الأسلحة الكيماوية غير واضحة, لكن الأكيد عسكريا أن الغرب ومعه الحلفاء العرب وإسرائيل وتركيا بإمكانهم إنهاء عرض الفيلم الأسدي الإجرامي ووقف مجازره وارتكاباته الوحشية في أي لحظة يريدون ويسقطون نظامه إلى غير رجعة.
يبقى السؤل الأهم: لماذا يكتفي العالم الحر حتى الآن بالحروب الكلامية في مواجهة إجرام نظام الأسد, علما أن الأسد وبطانته, كما النظام الملالوي الإيراني وكل منظمات الإرهاب لا يفهمون غير لغة القوة والردع العملي.
فهل سيتم التحدث معهم باللغة الوحيدة التي يفهمونها?
نتمنى ذلك واليوم قبل غد. 

 

المصدر: السياسة

المصادر: