جبهة النصرة والتصنيف الأمريكي والغربي

الكاتب : ياسر سعد الدين
التاريخ : ٦ ٢٠١٢ م

المشاهدات : 7635


جبهة النصرة والتصنيف الأمريكي والغربي

قال مسؤولون أمريكيون إن واشنطن تدرس إدراج جبهة النصرة السورية في قائمة الجماعات الإرهابية، فيما كشفت صحيفة "ديلي تليغراف"، أن الولايات المتحدة ودولاً غربية أخرى تتجه إلى إدراج جبهة النصرة على لائحة المنظمات ألإرهابية، وسط مخاوف من هيمنة المتطرفين الإسلاميين على المعارضة المسلحة في سورية.


تصنيف جبهة النصرة وربما لاحقا كتائب مقاتلة على قوائم الإرهاب في وقت تتواصل مجازر الأسد وتجاوزاته الرهيبة تترى وتتوالى فيما العالم يراقبها ويتابعها كمسرحية درامية تستوجب ألفاظا متعاطفة مع الضحايا وفعلا سلبيا صفريا، أمور تثير كثيرا من علامات الاستفهام وإشارات التعجب.
من المهم أن نستذكر بأن جبهة النصرة لم تهدد –بحسب معلوماتي- المصالح الغربية ولم تستهدف غير المسلمين سواء كان من السوريين أو الأجانب استنادا لمعتقدات متشددة، كما لم تقم بأعمال دموية غير مقبولة مثل ما حصل في العراق سابقا من استخدام الذبح واختطاف الأبرياء وما شابهه.
وبحسب شهادات العديد من الناشطين على الأرض وأفراد من الجيش الحر فإن جبهة النصرة تختلف في أدبياتها عما يشاع من فكر القاعدة، فهي تتعاون مع الكتائب الأخرى وتنسق مع كتائب الجيش الحر ويتميز أفرادها بالانفتاح على الآخرين إلى حد ما.
ولست هنا بصدد الدفاع عن جبهة النصرة أو تبرئتها من ارتكاب أخطاء هنا وهناك، بل شخصيا أختلف مع أفكار لهم ومع طروحاتهم السياسية.
توقيت إعلان النية الغربية في تصنيف جبهة النصرة حرج ومقلق ميدانيا وسياسيا، فالوضع الميداني يتطلب تعاون جميع المقاتلين وهذا التصنيف وما سيتبعه من تصرفات وتبعات قد يؤدي لصدامات داخلية على الأرض يستفيد منها النظام وبشكل كبير.
أما سياسيا فيأتي قبيل اجتماع أصدقاء سوريا في مراكش والحديث عن اعتزام واشنطن الاعتراف بالائتلاف هناك بعد أن تتلقى (بتقديري) منه التزامات وتوجه له تعليمات.
منذ بضع أسابيع نشرت مجموعة الأزمات الدولية تقريرا جاء فيه أن على الجيش الحر مواجهة التيارات المتطرفة عسكريا إذا أراد أن يكون له دور سياسي، في حين نشرت صحيفة "الشرق الأوسط" مؤخرا نقلا عن مصادر فرنسية قولها: الاعتراف بالائتلاف وسيلة من مجموعة وسائل لمواجهة تنامي الحركات الجهادية في سوريا، والأخرى قيام تنظيم عسكري من أسفل إلى أعلى.
الذي يخشاه كثير من النشطاء أن يكون المطلوب مقابل الاعتراف بالائتلاف وتوحيد الكتائب العسكرية على الأرض ودعمها بالمساعدات اللوجستية والمعلومات المخابراتية، مواجهة ما يراه الغرب تيارات إسلامية متطرفة قد تخرج نتائج الثورة عما يريده الغرب أو ما تطلبه مصالحه ومصالح الدولة العبرية، وهو أمر قد يؤدي لصراعات داخلية ودموية لا تنتهي في مرحلة ما بعد الثورة.
بل إن البعض يخشى من أن تصاعد الحديث عن الأسلحة الكيماوية ودخول الصهاينة على هذا الخط إنما يستهدف التمهيد لتدخل عسكري في سوريا ما بعد سقوط الأسد لدعم تيارات معينة ضد تيارات أخرى وتكرار السيناريو الصومالي في سوريا.
المطلوب من قيادة الائتلاف اتخاذ مواقف سياسية مستقلة تستند للمصالح السورية الوطنية، تراعي الموازيين الدولية ولكن لا تخضع لها ولا تسير في فلكها فيما ترفض بوضوح وصرامة سياسة الإملاءات المدمرة.

المصادر: