النقد سهل والتشكيك أسهل منه : سبيل الخروج من المأزق‎

الكاتب : موفق بن عبد الله الغلاييني
التاريخ : ٢٠ ٢٠١٢ م

المشاهدات : 6725


النقد سهل والتشكيك أسهل منه : سبيل الخروج من المأزق‎

كتب أحد الأشخاص المتسترين بأسماء وهمية والذين من دأبهم إثارة معارك فيسبوكية تشغل الناس بمعارك جانبية، وسمى نفسه (سراج الدين الحموي) عدة مقالات في صفحته وتعليقات بثها في موقع الرابطة يهاجم فيها الائتلاف الوطني ويشكك في النيات والمقاصد، ومما قاله  وفي مقالته:


ألم تدركوا أن ما حصل هو تغيير في الأشخاص والوجوه والأقنعة؟  بعد أن افتضح السابقون .
أولا تدركون أن هذا الكرنفال الضخم بكل ما يحيط به من هالة إعلامية، واهتمام إقليمي و عالمي، و دعم مالي ضخم لم يحظ به ثوارنا وجرحانا ومشردونا في يوم من الأيام : هو المحاولة الأخيرة المستميتة - بإذن الله - لسحب البساط من تحت أقدام الثوار المخلصين، و تمرير ما تريده أمريكا وإسرائيل ودول المنطقة من وأد لهذه الثورة المباركة ، وسرقة لثمارها. مقابل ثمن بخس دراهم معدودة ، ومناصب محدودة .
وليس لأعضاء الرابطة من الأوقات التي يضيعونها مع هؤلاء المجاهيل ، الذين يقصون الآخرين ، ويدعون الحق المطلق لأنفسهم ، وقد تفضل الأخ الكريم الدكتور موفق الغلاييني بتعقيب على كاتب تلك المقالة ، بأسلوب علمي رفيع، وننشر رده تحصينا للعقول، وتحذيرا من دعاوى هؤلاء المثيرين للمعارك، المحتكرين للحق ، المقصين لغيرهم من العاملين ، المبتغين للبرءاء العنت

قال حفظه الله :
السلام عليكم ورحمة الله
أنا لا أعرف الأخ سراج الدين الحموي ، ولكني أفترض بادئ ذي بدء أن الأخ قد كتب مقالته بإخلاص متناه ونيَّة طيبة لأننا مأمورون إسلاميا بحسن الظن بالمسلمين، وبما أن المقصد واحد وهو إنقاذ بلدنا الحبيب سورية مما تعانيه من حرب إبادة، فإني أرجو منه رجاء أخويا أن يسمع هذه الكلمات من أخ بلغ من العمر أربعا وستين سنة، وهو قد أرغم على البعد عن بلده لمدة ثلاثين سنة لمعارضته للنظام.
أخي الكريم: النقد سهل ، وأسهل منه التشكيك، وقريب منه الشعور بالتآمر في أي خطوة ولأي عمل يقوم به الآخرون.
أرجو أن نتذكر أن العالم كله عربيه وأعجميه كان متواطئا ضدنا نحن أغلبية الشعب السوري خلال حكم هذه الطغمة لأن هذا النظام يحقق لهم رغباتهم في التخلي عن الجولان ومسالمة اسرائيل، ومن هنا أطلقت يد النظام النصيري ليعبث داخل سورية وخارجها، واليوم وعندما بدا الشعب السوري ثورته وظهر وجه سورية الإسلامي ناصعا تركنا في البداية لوحدنا، وهذا ما جعل شعبنا ينادي من أعماقه: يا الله مالنا غيرك يا الله.


دعونا الآن نفكر تفكيرا واقعيا:
كيف لنا أن نخرج من هذا المأزق؟
البلد يدمر، الأعراض تنتهك والأقوات تنفد... والناس بدؤوا يتساءلون إلى متى؟
أنا لا أنتمي لحزب أو لجماعة معينة .
أنا مواطن سوري أتألم لشعبي كما يتألم كل السوريين، وقد منحني الله قليلا من الفقه في الدين -فهذا تخصصي والحمد لله- فنحن هنا في أمريكا نعلم طلابنا في الجامعة الإسلامية أنه لا بد عند الاجتهاد من العلم بالواقع ، وهو ما يسمى بفقه الواقع لننزل النازلة  الجديدة عليه
الملتزمون بالإسلام في سورية لا ينضوون الآن تحت راية واحة بل هم مبعثرون.
ومسلمو سورية عموما مضطهدون من نحو نصف قرن ولا قيادة إسلامية واحدة توجههم.
هل نستطيع بواقعنا الحالي التفرد بقيادة المسيرة؟
هل نحن قادرون وجاهزون في المرحلة الحالية على ذلك أم لا بد من التنازل لإخواننا في الوطن لنتفق معهم على المطالب المشتركة التي ينادي بها الشعب السوري اليوم بكل شرائحه بشرط عدم التخلي عن ديننا و قيمنا وحرية بلدنا وكرامته ومستقبله؟
إن من الحق أن نقول أنه رغم أخطاء المجلس الوطني الكثيرة فإن علينا الاعتراف له بفضيلة عدم قبوله الشروط التي تربط سورية باتفاق يتنافى مع مستقبل تحرير الأرض المغتصبة- الجولان- أو التخلي عن حقوق المسلمين في أراضي فلسطين الطاهرة ولعل هذا هو السبب الحقيقي لنقمة الغرب عليه، ومن لا يعرف هذه الحقيقة فعليه بالتحري.
أخيرا أليس رسول الله -صلى الله عليه وسلم- هو قدوتنا المثلى؟
ألم يحالف قبيلة خزاعة وهي على الشرك بعيد صلح الحديبية؟
ألم يستشرصلوات الله وسلامه عليه قادة الأنصار في التخلي عن ثلث ثمار المدينة لأهل الأحزاب يوم الخندق ليكف شرهم عن المسلمين؟
ألم يحدثنا عن حلف الفضول حين تعاقد المشركون وتعاهدوا على أن لا يجدوا بمكة مظلوما من أهلها وغيرهم ممن دخلها من سائر الناس إلا قاموا معه ، وكانوا على من ظلمه حتى ترد عليه مظلمته.
روى الحميدي عن سفيان عن عبد الله عن محمد وعبد الرحمن ابني أبي بكر قالا : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لقد شهدت في دار عبد الله بن جدعان حلفا لو دعيت به في الإسلام لأجبت. تحالفوا أن ترد الفضول على أهلها ، وألا يعز ظالم مظلوما
فلماذا تطالبنا اليوم بالانعزال عن بقية شرائح الشعب السوري تاركين بلدنا للمجهول مما يؤدي إلى مزيد من إتاحة الفرصة لحكام سورية ليستمروا في تدمير البلد العزيز.
لا تخف يا أخي فالشعب السوري واع ولن يضحك عليه أحد بعد اليوم، ولو وجد في المستقبل القريب أو البعيد أي تحايل عليه من الإئتلاف أو من غيره فلن يسكت.
ليكن عندك ثقة بالله أولا ثم بهذا الشعب الذي صنع ثورة العصر ،وأسأل الله لك ولجميع أبناء سورية الحبيبة ولبناتها النصر والتوفيق عاجلا غير آجل
أخوك المهجر من بلدة: موفق بن عبد الله الغلاييني

 

المصدر: رابطة العلماء السوريين

المصادر: