حوَل سياسي

الكاتب : نجوى شبلي
التاريخ : ١٩ ٢٠١٢ م

المشاهدات : 3879


حوَل سياسي

كانت هتافات الشعب السوري في مظاهراته هذه الجمعة تدعو إلى الإعجاب وليس الاستغراب؛ فقد أظهرت مدى التعاطف الكبير للشعب السوري مع أهله في غزة حتى إن إحدى اللافتات التي رفعت في إحدى المدن تدعو إلى الانطلاق إلى غزة ومؤازرتها بعد تحرير سورية من نظامها المجرم.


إننا لا نرى هذا غريبا على الشعب السوري الذي عاش القضية الفلسطينية ورضعها مع حليب الأمهات, واعتبرها قضيته الأولى, واحتضن أهل فلسطين الذين هُجروا في عام ثمان وأربعين من ديارهم دون أن يراهم إلا جزء من سورية الكبرى وتعامل معهم تعامله مع السوريين الذين عاش آباؤهم وأجداهم في سورية منذ قديم الأزل .
لم يفرق السوريون بينهم وبين أبناء فلسطين لا في الدراسة في المدارس أو الجامعات ولا في العمل, وهذا كله بدافع ديني وعربي وجغرافي وإنساني .
وجاء عدوان غزة ليؤكد هذا الشعور, فدماء أهل غزة هي دماء السوريين, وآلامها هي آلامهم .
وفي الوقت الذي أظهرت الشعوب العربية وشعوب بعض دول العالم تعاطفها الكبير مع غزة من خلال المظاهرات والاعتصامات؛ كان النظام السوري يمارس هوايته التي استمرت ما يقارب العامين في قتل الشعب السوري رغم الفارق في نظر الكثير بين عشرات الآلاف وبين العشرات من الشهداء الذين سقطوا ضحية الإجرام الإسرائيلي .
إن هؤلاء الذين يقارنون بين ما يحدث في غزة وما يحدث في دمشق ينسون أن هناك أناسا يرون أن ما يحدث في سورية هو حدث داخلي, وأن ما يحدث في غزة هو اعتداء دولة معتدية هي إسرائيل على قطاع تحاصره منذ أعوام .
إلا أن هناك فريق من الذين عميت بصيرتهم عما يحدث في سورية ومن الذين ما زالوا يؤمنون بنظام ممانعة دمشق, هذه الممانعة التي افتضحت أخيرا وأكد عليها ما ورد على لسان رأس النظام الذي طلب من أهل غزة أن يقلعوا شوكهم بأيديهم؛ حيث هو مشغول بتفريغ سورية من الشعب السوري .
إننا نعجب ممن خرجوا بمظاهرات ضخمة من أجل كاريكاتير يسيء إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-, ولم يروا المساجد التي تهدم, والمصاحف التي تمزق ويدوس عليها بل ويبول ويتغوط عليها المجرمون من أزلام النظام, ولا يسمعون صرخات المغتصبات, ولم يروا رقاب الأطفال الذين ذبحوا ذبح النعاج .
إننا لا نستغرب من هؤلاء عدم تعاطفهم مع الشعب السوري؛ فقد أصيب هؤلاء بالحول إن لم نقل العمى .
إن أبناء غزة يستحقون النصرة والتأييد؛ فقد ظلموا, وظلموا كثيرا, واعتدي عليهم, وحوصروا وصمدوا وصبروا, وكان النظام الأسدي المجرم من الأب إلى الإبن هو أكثر من ظلم الفلسطينيين ولا أدل على ذلك من قتل اليوم في المخيمات, ومن قتل في مخيمات لبنان.
إن أهل سورية اليوم أيضا يستحقون المؤازرة والنصرة, وأن تخرج المظاهرات الكبيرة مطالبة بدعم العالم, وقد يكون هؤلاء السبب في تأخير العون لهذا الشعب الصابر, ولهذه الثورة اليتيمة .

 

المصادر: