الثورة السورية من جهاد البيان الى جهاد السنان .. فحي على الجهاد

الكاتب : مجاهد بن حامد الرفاعي
التاريخ : ٢ ٢٠١٢ م

المشاهدات : 8133


الثورة السورية من جهاد البيان الى جهاد السنان .. فحي على الجهاد

الجهاد مصطلح قرآني لم يُعرف له مثيل في ثقافة البشر من قبل نزول القرآن ورسالته الربانية الإنسانية الخالدة.. ومصطلح الجهاد يعني: بذل كل جهد ممكن لتجلية سبل الحق وبناء الحياة العادلة.. وتحقيق الأفضل والأكرم لحياة الناس وباقي المخلوقات..  والجهاد في الأصل جهاد كلمة وحجة وبيان .. وأول آية ذُكر فيها الجهاد جاءت في سورة الفرقان وهي سورة مكية حيث لم يُؤمر الرسول بقتال بعد.. وذلك في قوله تعالى " فلا تطع الكافرين وجاهدهم به ( أي القرآن) جهاداً كبيراً ".. أي بالحوار والحجة والبيان والقول الحسن وذلك لأن الإسلام يُجلُ العقلَ .. ويعتمده مدخلاً سليماً إلى الحقيقة الخالصة والإيمان الصادق بها ..

 

وما عدا ذلك فهو إكراه واعتداء على حرية الإنسان وإرادته واختياره .. والجهاد له وسائله الاستثنائية المرتبطة بالضرورات مثل جهاد السنان والقتال وتزول بزوالها .. ومن الضرورات التي تبيح جهاد السنان والقتال: (الظلم والطغيان والبغي والاعتداء ).. وذلك لقوله تعالى: "فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم واتقوا الله " ونلفت النظر هنا لعبارة (واتقوا الله) أي مخافة الله التي ينبغي أن تكون حاضرة في سلوك المؤمن حتى وهو يرد الاعتداء عن نفسه.. ويتوقف جهاد السنان والقتال بزوال مبرراته المشار إليها أعلاه.. "فإن انتهوا فلا عدوان إلا على الظالمين " .. وهذا الاستثناء في الجهاد من أجل الدفاع عن النفس أقرته الشرائع الدينية والأعراف عبر التاريخ البشري .. مثلما أقرته المواثيق والشرائع الدولية المعاصرة .. ولكن للأسف مع غياب ضابط الإسلام وأخلاقياته المتمثلة بقول الله تعالى:  ( واتقوا الله . ( ومن وسائل الجهاد في الإسلام التعاون والتضامن والتحالف  بين أهل الحق والعدل والأمن والسلام من ملل الأرض في مواجهة أهل الباطل والظلم والرعب والعدوان .. وذلك لصرف فسادهم ودمارهم عن أهل الأرض وبيئتها .. كما هو في قوله تعالى: " ولولا دفع الله الناسَ بعضَهم ببعض لفسدت الأرضُ ولكنّ الله ذو فضلٍ على العالمين " .

أجل فالجهاد مصطلح قرآني رباني فريد في فلسفته ونهجه وأخلاقياته .. ندعو البشرية لأن تتأمل هذا المصطلح وتحاول أن تستفيد من دلالاته الإنسانية الحضارية الراشدة .. والثورة السورية اليوم بممارساتها الحضارية تجسد بعضاً من جوانب موسوعية دلالات الجهاد وفلسفته الإنسانية الرائدة .. فقد بدأت ثورتنا السورية المباركة بجهاد الكلمة والحجة والبيان واستمرت على ذلك شهور عديدة .. فلما أوغل الطغاة في طغيانهم .. وتمادوا في سفك الدماء وانتهاك الحرمات وأفسدوا في البلاد فساداً كبيراً وأجرموا إجراماً ليس له مثيل .. وجد فرسان الثورة أنفسهم مضطرين ومكرهين للجوء إلى جهاد السنان والقتال .. لكونه جهاد الاستثناء مقرر في دين الله وفي كل شرائع الكون قاطبة من قبل ومن بعد .. ليكون رديفاً لاستمرارية جهاد البيان .. وعلى أساس من هذا التكامل المشروع بين جهاد الكلمة وجهاد السنان .. فإن المجلس الأعلى للثورة السورية أعلن النفير العام في سورية وأطلق صرخته المدوية ( حي على الجهـــــــــــــاد )  بأصله السلمي وباستثنائه القتالي حتى تزول سطوة العصابة القرداحية وتسقط  ويدمر ملكها وتتلاشى كل مقومات سلطانها الجائر الفاسد ..  والله أكبر والعزة والمجد للثورة السورية ولشعبنا السوري البطل الأبي الأشم .. و المذلة والقهر والموت للعصابة القرداحية وحلفائها والمتواطئين معها .. ولكل العابثين بقدسية دماء شهدائنا الأبرار.

 

المصادر: