إضعاف سوريا - يضعف الجميع

الكاتب : فواز بغدادي
التاريخ : ٣ ٢٠١٢ م

المشاهدات : 8777


إضعاف سوريا - يضعف الجميع

جميع المؤشرات والمعطيات والحقائق على الأرض في سوريا منذ اندلاع الثورة السورية المباركة وحتى تاريخ كتابة هذا المقال تشير إلى أنه هناك تآمر ممنهج، من جميع الأطراف المعنية والمشاركة والداعمة والمتفرجة، بهدف تدمير سوريا، التاريخ، الحضارة، الإنسان، الدولة.
ولكن لماذا سوريا ؟؟!!!!

 


التاريخ يجيب على هذا السؤال وذلك من خلال الاطلاع على تاريخ سوريا الحديث والقديم حيث أثبتت سوريا أنها مهد الحضارات القديمة ومهد الأبجدية الأولى ومهد الديانات، مما جعلها موضع أطماع جميع الأمم والحضارات الأخرى، فسوريا بموقعها الجغرافي والحضاري على الخريطة العالمية كانت وما تزال مسرحاً للأحداث السياسية والعسكرية على مدى آلاف السنين.
ولكن التاريخ أثبت أيضاً بأن سوريا ضعيفة سوف تضعف الجميع، جميع من يحاول إضعافها أو من يشارك أو من يمول أو حتى من يقف مكتوف الأيدي.
إن السياسة الممنهجة من قبل جميع الأطراف لضرب سوريا وتدمير بنيتها الاقتصادية والسياسية وتدمير النسيج الاجتماعي لأبنائها، ستعود بالوبال الشديد على من يقوم بذلك.
قد يبدو للوهلة الأولى أن تدمير سوريا سيريح جميع الأطراف من هذا العبء الحضاري العظيم، فهذه الأطراف قد تبدو متنافرة أحيانا أو متحالفة مع بعضها أحيانا أخرى، وذلك حسب السياق التاريخي الموجودة فيه، ولكننا نجد أن نظرتهم متوافقة لما يجري الآن في الداخل السوري.
أما بالنسبة للأعداء التاريخين لسوريا المعاصرة (الكيان الصهيوني) ستكون سوريا غير قادرة على المواجهة بعد تدميرها بالكامل بأيدي أبنائها.
وبالنسبة للقوى الغربية، فسوريا "ضعيفة" أقل إزعاجا لهم من سوريا قوية متماسكة.
وبالنسبة لقوى الشرق الصاعدة، فسوريا هي ساحة صراع لإثبات وجودهم وبالتالي لابأس أن تتدمر ساحة الصراع فهي بالنهاية ورقة لعب مع القوى الغربية.
وبالنسبة للمحيط الإقليمي فمنهم من يحلم باستعادة إرثه التاريخي على أرض سوريا والسيطرة على موقعها الاستراتيجي واستخدامها كورقة تفاوض مع القوى الغربية.
ومنهم من يخاف على سلطته من وجود "سوريا قوية" قد تزلزل عروشهم.
ومنهم من هو مرتهن بأيد هؤلاء أو هؤلاء، لا قدرة له سوى السمع والطاعة.
فهل ما يحدث الآن لسوريا يحقق أمنيات جميع هؤلاء!!!
هل فعلا إضعاف سوريا سيعود بالمصلحة والفائدة على جميع هذه الأطراف المتنازعة المتحالفة؟
إن أي باحث استراتيجي مهني متمرس سيدرك بالتأكيد أن سوريا ضعيفة...ستضعف الجميع.
وهذا ما أثبتته الحقائق التاريخية وهذا ما سيثبته استقراء وتحليل مجريات ما يحدث الآن على أرض سوريا.
سوريا ضعيفة... هي بؤر مستقبلية للتطرف بجميع أشكاله
سوريا ضعيفة... غير قادرة على صياغة تفاهمات وتحالفات إقليمية، والتي سيحتاجها جميع الأطراف في المستقبل بحكم موقعها المهم في العالم.
سوريا ضعيفة... ستكون عامل لعدم الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط .
سوريا ضعيفة... ستخلق فوضى سيدوم أثرها عقود وعقود من الزمن ولن يسلم أحد من شذراتها.
سوريا ضعيفة... ستكون مثالاً يحتذى ومرتعا يقصد لجميع التناقضات الغير مرغوبة.
سوريا ضعيفة... ستخلق صراعات حضارية متأججة سيتخطى أثرها البحار والمحيطات.
سوريا ضعيفة ستضعف الجميع.... أوربا، أمريكا، العرب، تركيا، إيران، روسيا والصين، وحتى الكيان الصهيوني لن يسلم من تبعات إضعاف سوريا.
وبالمقابل، سوريا قوية ستكون مفيدة للجميع بدون استثناء، لأنها ستكون قادرة على استعادة المبادرة والاستفادة الفعالة من موقعها الجيوسياسي بما يخدم مصالحها التي ستكون على الدوم تخدم مصالح جميع الأطراف بشكل أو بآخر وهذا ما أثبتته مجريات التاريخ القريب والبعيد.
فهل يدرك صناع القرار في العالم هذه المفارقة التاريخية ، ويبدؤوا بالتفكير بشكل استراتيجي؟؟!!!!!
عاشت سوريا حرة أبية

المصادر: