أي بديل لأنان من دون ضمانات داعمة؟ معركة حلب ترسم المسار السياسي المقبل

الكاتب : روزانا بومنصف
التاريخ : ٤ ٢٠١٢ م

المشاهدات : 2813


أي بديل لأنان من دون ضمانات داعمة؟ معركة حلب ترسم المسار السياسي المقبل

أسقطت استقالة المبعوث الأممي العربي إلى سوريا كوفي أنان من مهمته وإعلان فشله في التوصل إلى أي نتائج الستار الذي كانت تختبئ خلفه الدول الكبرى في تذرعها دعم العمل على حل سياسي في سوريا غدا غير متوافر راهنا مع فشل خطة انان وتخليه عنها.
كما أحرجها إعلان أنان في كتاب استقالته عدم تقديم الدعم الدولي له واستمرار مجلس الأمن الدولي منقسما إزاء اسلوب التعامل مع الأزمة السورية موزعا المسؤوليات على الطريقة اللبنانية في الـ6 و6 مكرر مع ترجيح مسؤولية النظام السوري و داعميه في الدرجة الأولى. هذا على الأقل ما اوحاه الأسف الكبير الذي عبرت عنه الدول الكبرى لاستقالة أنان وان كان عدد من الدول يعتبر المهمة ميتة منذ أشهر.


وأثارت مسارعة المسئولين إلى الإعلان عن البحث عن بديل من أنان لتولي مهمة العمل على حل سلمي في سوريا تساؤلات عن السبب الذي يحدو الدول الكبرى إلى ذلك وإصرار بعض الدول كروسيا مثلا على ذلك في الوقت الذي تستمر الأسباب التي أعلنها أنان لفشل مهمته قائمة وفق ما أوضح ، أي غياب الدعم الدولي من جهة والخلافات بين الدول الكبرى إضافة إلى الخيار العسكري الذي اعتمده النظام ويؤكد مواصلته فيه وكذلك الأمر بالنسبة إلى المعارضة. وتاليا من يمكن أن يقبل مهمة مقدرة أن تفشل مسبقا في ظل استمرار المعطيات والظروف نفسها التي أدت إلى فشل الخطة الأساس فتكون بمثابة غطاء لتضييع إضافي للوقت في انتظار أن تتوافق الدول الكبرى على الضغط من اجل حل انتقالي وفقا لعملية سلمية متفق على مبدئها. وتسري التساؤلات نفسها بالنسبة إلى خطة أنان المؤلفة من النقاط الست وهل أن استقالته وفشل خطته تعني سحبها من التداول أو الإبقاء عليها فيما يذهب الشخص كأنما شخصه هو سبب الفشل وليس الخطة علما أن فشله يعود لعدم قدرته على تنفيذ هذه الخطة وعدم تجاوب الأفرقاء السوريين معها وكذلك عدم دعمها على نحو جدي وفاعل من المجتمع الدولي؟
مهمة أنان قيض لها الفشل من الأساس أولا مع تكليفه المهمة لتأمين عملية انتقال سلمي في سوريا في الوقت الذي لم تكن الأمور في سوريا ناضجة وواضحة على النحو الحاصل راهنا وهي لم تقدم شيئا سوى مد النظام بالمزيد من الوقت من اجل السعي إلى حسم الوضع على الأرض لصالحه. وقيض لها الفشل أكثر مع سقوط أبرز بنودها المتعلقة بوقف العنف في إطار التجاذب الروسي – الأميركي بعد اشتراط موسكو دعما للنظام انسحاب متبادل لقوى الجيش النظامي والمعارضة على غير ما كانت نصت عليه خطة أنان في الأصل.
واعتبر كثيرون أنه لم يكن من معنى لاستمرار مهمته في ظل عدم جدواها ثم من خلال مسايرته الرئيس السوري وتهاونه في إيصال الرسالة اللازمة له بعد لقاء جنيف الذي تحدث عن مرحلة انتقالية تعني في ما تعنيه رحيل الأسد. لكن هذه المهمة كانت تملأ فراغاً على المستوى السياسي و الدبلوماسي الدولي. ولذلك فإن هذه الاستقالة ربما تضع الدول الكبرى أمام مسؤولياتها في حال كانت تحتاج إلى بديل من أنان يؤمن لها التغطية أنها تقوم بالجهد اللازم لإنهاء الأزمة. فأي بديل مؤهل لا يفترض أن يقبل المهمة من دون ضمانات دولية وتأكيدات أنه سيتم العمل بجدية على تغيير الظروف إن لم يكن على الأرض في سوريا والحرب الدائرة هناك فعلى الأقل على مستوى الضغط الدولي والدعم الفعلي وليس الكلامي فقط بما يمكن أن يساعده فلا تؤول مساعيه إلى الفشل كما حصل مع أنان فيصيب الفشل مهمته وشخصه.
كما أن الاستقالة تشكل نذيرا للدول الكبرى مفاده أن غياب أي جهد لعملية سياسية والمراوحة في ذلك طويلا سيفتح الباب على الأرجح وواسعا، أمام استكمال الخيار العسكري كخيار وحيد لا بديل منه. وليس واضحا إذا كانت هذه الدول تنتظر نتائج الحرب التي يعتزم النظام شنها على حلب من أجل أن تبني على الشيء مقتضاه في ظل رهانات على أن خسارة النظام ستنهيه عمليا في حين أن استرجاعه المدينة تحت سيطرته سيعزز أوراقه ويزيده تعنتا.
لكن غياب الأفق لحل سياسي في المطلق حتى لو كان ذلك متعذرا في المرحلة الراهنة سيعني أن الأمور قد تفتح على انفلات الوضع من بين أيدي الدول الكبرى بحيث يتعذر عليها ضبطه مع دخول عناصر غير مقبولة على الخط كتنظيم القاعدة والجهاديين وما إلى ذلك إضافة إلى وجود المخيمات الفلسطينية وما بدأ يطاولها من قصف واعتداءات والكلام على الأسلحة الكيماوية كما أن الحرب على حلب قد تطول لأشهر وربما أكثر مع عوامل أكثر تعقيدا كالعامل الكردي الذي بدأ يثير قلق بعض الدول الإقليمية والتحرك الإيراني واستشراس المعارضة وازديادها قوة. فهل يمكن أن تشعر الدول الكبرى بالقلق على نحو كاف من اجل السعي إلى السيطرة على الموقف ما دامت هذه الدول قادرة على ذلك أم أنها ستكمل ما تقوم به في عملية التجاذب وتبادل الاتهامات كما في الأشهر الطويلة التي مرت من عمر الأزمة السورية حتى الآن؟

 

المصدر: سوريون نت

المصادر: