لماذا لا نكون على قلب رجل واحد

الكاتب : موفق مصطفى السباعي
التاريخ : ١٤ ٢٠١٢ م

المشاهدات : 3710


لماذا لا نكون على قلب رجل واحد

لماذا لا نكون على قلب رجل واحد؟؟؟
لماذا لا نتآلف ..ولا نتعاون مع بعضنا البعض..ولا نتكاتف ..ونضع أيدينا ببعض ..ونطبق مقولة ..تعالوا يا قومنا إلى كلمة سواء بيننا ، ألا نعبد إلا الله وحده ..وألا نخون دماء شهدائنا ..ونزيف جراحنا ..وعذابات مسجونينا ..وآهات ثكلانا ..وصرخات مغتصباتنا ..وبكاء أيتامنا ..واستغاثات محاصرينا ومهاجرينا ...


لماذا لا نركز همنا الأول ..ونشغل فكرنا بهدفنا الأساسي ..وهو إسقاط النظام الأسدي ..وتحرير سورية من سطوته وجبروته ؟؟؟
لماذا لا نزال نتذلل ..ونستجدي العبيد الصعاليك ..المهابيل – الأمريكيين والأوروبيين – للتدخل لحمايتنا والدفاع عنا ..وهم قد أعلنوها مئات المرات صريحة واضحة ..لن يتدخلو في سورية لإسقاط النظام الأسدي ..لأنهم يعتبرون هذا شأناً داخلياً ،  لا علاقة لهم به ..علاوة على ما فيه من تهديد ، لسلامة وأمن الجالية اليهودية ، المسيطرة على فلسطين ؟؟؟

أتكلم باسم الضحايا ... باسم الدماء المسفوكة .. باسم الأطفال المذبوحة .. باسم النساء الأرامل والمغتصبة .. باسم الأرض المحروقة .. باسم حمص الشهيدة المدمرة...
أنادي ضمائركم ... أنادي أخلاقكم .. أنادي إنسانيتكم .. أنادي قلوبكم المكلومة ..أناشد حبكم لسورية الجريحة ..
إننا نتهم الآخرين بأنهم قساة قلوب ..لأنهم لا يتحركون لمساعدة شعبنا المذبوح ..
ألسنا نحن أشد قساوة منهم .. لأننا نختلف على أشياء جزئية ..تافهة ؟؟؟
يا قومنا .. لنضع دائما في الآخرين حسن النية .. ولا نسيء الظن بهم وبنياتهم ..
لنردد معاً قول أحد عظماء صانعي التاريخ الحديث : ( لنتعاون فيما اتفقنا عليه .. وليعذر بعضنا بعضاً فيما اختلفنا فيه ..)
أقول لكم .. وقلبي يتفطر ألماً .. ويتقطع حزناً .. وكذلك قلوبكم ..
أقبل أياديكم .. بل حتى أرجلكم .. أن تتفقوا على أدنى مقومات الإتفاق .. تعالوا نتفق على الأساسيات ، وهي إسقاط النظام الأسدي .. وندع الاختلاف في الجزئيات ، إلى مرحلة ما بعد التحرير ..
إذا كنتم حريصين على الانتصار ..فيجب أن تلغوا كلمة الأنا .. ونقبل جميعاً على الله تعالى ، بقلوب صافية خالصة .. وإلا سنُعتبر نحن المسؤولون الأول عن الهزيمة .. وعن المذابح ..وسنحظى بلعنة الله والتاريخ والناس ..
*  *  *
يقول الرسول صلى الله عليه وسلم فيما يرويه أبو هريرة رضي الله عنه (تجدون الناس معادن . فخيارهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام إذا فقهوا . وتجدون من خير الناس في هذا الأمر ، أكرههم له . قبل أن يقع فيه . )
إن أعظم ميزة يتمتع بها الناس ، ويتفاضلون على أساسها ، هي فقه الحياة ..فقه أولوياتها ، وأهدافها ، ومراميها ، ومغزاها ، وسر الوجود فيها ...وكلما زاد الفقه ، والوعي ، والإدراك لحقيقة الحياة ، لدى الناس ، كلما زاد التقارب بينهم ، والتلاحم ، والتفاهم ، والعكس صحيح ..ومن هنا يأتي دور الطاغوت ، الدكتاتور المستبد في القضاء على هذا الفقه ، وترك الناس يعيشون في جهالة وضلالة .. وبالتالي في تمزق وتفرق وتشتت ..
وحالما تنطلق الثورة ، ضد هذا الطاغوت ..يبدأ الناس في استعادة الوعي ، والفقه ، لما يقومون به .. ويبدأ التقارب ، والتواصل ، والتوافق بينهم ...غير أن هذا لا يحصل فورا ، بين كل الناس .. وإنما يحتاج إلى زمن ..وكلما كان الطاغوت شديدا ..واستمر لفترة طويلة يهيمن على عقول الناس ..كلما احتاج الأمر إلى وقت أطول ..
وهذا سر تطاول فترة الثورة السورية ...وسر تأخر التوافق بين أبنائها ..وتأخر الإنضمام إليها ، وتأييدها ، ودعمها ..
ومن هنا نجد ، أن العاملين فيها ، ليسوا كلهم سواء .. وليسوا على درجة واحدة من المساهمة ، والمشاركة ، والتضحية ، والفداء ..
ولمجرد التوصيف ، والتصنيف ، نجد أن أبناء الثورة على أقسام :
القسم الأول : الثوار في أرض الميدان ، الذين يواجهون الرصاص بصدورهم العارية ، وهذا يشمل المتظاهرين ، والإعلاميين ، والعاملين في القطاع الطبي ، والإغاثي ،  فمنهم من يُستشهد ، ومنهم من ينتظر ، ويواصل ، ويقاوم ، ويتحدى ، وما بدلوا تبديلا ..
القسم الثاني : جنود الجيش الحر ، الذين خرجوا على الطاغوت الأسدي ، وانحازوا إلى شعبهم ، وأخذوا يدافعون عنه ، فيَقتلون ويُقتلون ، دفاعاً عن الحق ..
القسم الثالث : الذين يقدمون الدعم المالي ، والإغاثي الطبي ، والإعاشي ، من خارج الميدان ، ويوصلونه إلى داخله ..
القسم الرابع : العاملون في الحقل السياسي ، ويقومون بعرض القضية وشرحها ، والدعوة إلى تأييدها ومناصرتها في المحافل الدولية ..
القسم الخامس : العاملون من الخارج في الحقل الإعلامي ، والذين يسخرون أقلامهم ، وفكرهم ، وعقولهم ، للدفاع عن الثورة ، ويوصلونها إلى كل العالم ، عبر شبكات التواصل الإجتماعي ..
إلا أن هناك صنفاً من الناس ، لا أستطيع أن أضعه تحت صنف الثوار ، وإن كانوا يحسبون ، ويزعمون ، أنهم من أنصار الثورة والداعمين لها .. ولكنهم هم العدو ، بل أشد أعدائها ، يسخرون أقلامهم ، وفكرهم ، للتثبيط ، والتوهين ، ويعملون على تمزيق الصف ، وتشتيته ، بلوثات عقلهم المأفون ، وليس لهم همٌ ، إلا نشر الأكاذيب ، والأراجيف ، والأباطيل ، وتصيد الأخطاء ، والهفوات ، وتضخيمها ، والتهويل منها ، وتسفيه أحلام الأشخاص والجماعات ، وتصويرهم  بصور مزرية مهينة ، وتوصيفهم بأوصاف أشد سوءً من النظام الأسدي .. وزيادة في السوء والضلال ، يدعون إلى محاربتهم قبل محاربة النظام الأسدي ، وإسقاطهم قبل إسقاطه..
وكل الذي أرجوه من إخواني جميعا ، المذكورين ضمن الأصناف الخمسة ، أن يحذروا من الصنف الآنف الذكر ، واعتباره مريضا عقليا ، وفكريا ، ونفسيا ، وتجنب محاورته ومناقشته ، وتهميشه وتطنيشه ، لأنه سليط اللسان ، وأحد من السيف الصارم ، ولا يتورع عن الجرح بل القطع والبتر ، وهو لا يعرف له صديقا ، إلا من يوافق هواه ..
وما أقول هذا الكلام إلا عن تجربة مع بعض عناصره .. الذين وجدتهم في منتهى السفاهة والفجور على مبدأ ( إذا خاصم فجر ).

 

المصدر : موقع المختصر

المصادر: