الدور الروسي أولاً وأخيراً

الكاتب : سمير عطا الله
التاريخ : ١٣ ٢٠١٢ م

المشاهدات : 3283


الدور الروسي أولاً وأخيراً

التدخل العسكري في سوريا موضع خلاف ومخاوف، لكن «اللا» الروسية السوفياتية جعلت الحل السياسي مستحيلا، أغرت النظام بأن يدمر سوريا ويدمر نفسه ويتمادى في الاثنين، خدعت موسكو بشار الأسد كما خدعت جمال عبد الناصر في مايو (أيار) 1967. ليس بالضرورة عن سوء نية، ولكن بالتأكيد عن سوء رؤية ونقص في الإدراك وقصور مزمن في قراءة التاريخ والمستقبل.


اعتمد ضعيفان بعضهما على البعض، واستقوى كلاهما بضعف الآخر. أراد بشار الأسد الخائف على موقعه أن يستند إلى دعم فلم يجد سوى فلاديمير بوتين الذي بدأ يفقد مواقعه كزعيم شعبي ويعود إلى أساليبه القديمة كضابط «كي جي بي» لم يحسب أي منهما الثمن الذي يدفعه بلده.
لو تعدت الرؤية الأفق المخابراتي إلى الأفق السياسي والإنساني، لحاولت موسكو إنقاذ بشار الأسد بإقناعه أن العصر السوفياتي سقط بالردم تحت جدار برلين، لربما كانت أوضحت له أن ألف متظاهر صادق أقوى من مليون متظاهر يتظاهرون بالولاء. لكانت أعطت الرئيس السوري ملف مظاهرات رومانيا يتمعن فيه، وبناء عليه يرسم خطة الخروج من الأزمة والنزول إلى الناس.
قد تطول مأساة سوريا فيما يعتقد النظام أن الحسم قريب، ويعتقد الروس أن النجاة الثنائية ممكنة، كلاهما يخدع نفسه ويخون الآخر، إذا مزق النظام سوريا فلن يبقى لروسيا ذرة رمل في الشرق العربي والعالم الإسلامي، وسوف ترى أن مسلمي الهند يبعدون دلهي عن موسكو ويفصلون العقد التاريخي بينهما، وسوف يرى النظام السوري بعد تبين حجم الخسائر أنه أصغى إلى حليف تقوم دبلوماسيته على خواء العتاد، الذي هو مراوحة في الطريق المسدود وبرك الدم المفتوحة.
يقال إن روسيا تساند دمشق لكي تحمي قرضا قدره 14 مليار دولار، هذا كلام صبياني. الاتحاد الأوروبي أقرض بنوك إسبانيا وحدها 125 مليار دولار، لم تعد فلسفة الأرقام كما كانت أيام فقر العرب ومجاعة السوفيات، لكن لا سوريا خرجت من فكر الماضي وآيديولوجيات الثقافة المنتهية المفعول، ولا روسيا تخلت عن مفاهيم بدايات القرن الماضي وعقلية بطرس الأكبر.
سوف تكون ساعة المواجهة والمحاسبة شديدة الصعوبة بين فلاديمير بوتين وبشار الأسد. وأيضا بين «سيرغي»، كما ناداه وليد المعلم تحببا، و«وليد». ولكن بعد فوات الأوان على الفريقين، وسوف يتذكر الرئيس السوري ماذا حدث للذين اعتمدوا على موسكو: من مصر الناصرية إلى الثورة الفلسطينية إلى صدام حسين إلى معمر القذافي إلى اليمن الجنوبي إلى سياد بري.. إلى آخره.

 

المصدر: أخبار الثورة السورية

المصادر: