سوريا ما بين الموقف الروسي والأمريكي آلام وآلام!!

الكاتب : حامد الخليفة
التاريخ : ١٣ ٢٠١٢ م

المشاهدات : 3012


سوريا ما بين الموقف الروسي والأمريكي آلام وآلام!!

موقف الدب الروسي في مجلس الأمن بدا لكل عاقل أنه موقف أهوج أسقط جميع القيم والأخلاق والمصالح، وتبين أنه موقف عدواني ضد الشعب السوري لا مسوغ له، يركب الحماقة بأبشع صورها؛ مغروراً ببعض ما لديه من قوة عسكرية من غير أن يعلم أن البشرية كلها تعلم أن روسيا متهاوية من داخلها وأن هذه التهويشات لن تؤثر على معنويات الشعب السوري وأنّ المواقف الروسية على الغالب لا قيمة لها فكثير من مواقفهم تجارية تبيع الكرامة والوفاء، وهذا القذافي وقبله صدام فأين كانت هذه الحمية الروسية على حلفائها؟!


إن سياسة تسيرها المافيا الحزبية لن يكتب لها التاريخ موقفاً نبيلاً ولا مشهداً حضارياً، وهذه آثار الروس في البلدان التي كان لأفكارهم أثر فيها ما بين بلاد ممزقة وبلاد متخلفة يسودها الفقر والتحزب الأعمى والرشوة والغش والتزوير، وأما آثارهم العسكرية فذاك اليمن الجنوبي باعوه بلا ثمن! وتلك الشيشان وكيف علمتهم دروس في الأدب مع الجيران، وكيف فضحت بطولاتهم الزائفة وأن عامة مواقفهم معادية للإنسانية حتى بلغ بهم الحال أن قتلوا مواطنيهم حين كانوا أسرى في يد الثوار الشيشان! أما أفغانستان فقد أخرجتهم أذلاء يجرون ذيول الخيبة والهزيمة التي مزقت اتحاداتهم ودمرت قواتهم وأفرغت خزائنهم! ولو نظرنا فيمن أسهم وشارك في فعل ذلك كله في الروس فإنما هم أبناء العرب خاصة في أفغانستان وفي الشيشان وغيرها!!
فمتى كان الروس يظهرون مثل هذا التجبر؟ إلا أمام العزل من السوريين الذين لا زالوا ينادون سلمية سلمية؟ ومتى كان للروس موقفاً إنسانياً حازماً على مر تاريخ الأمم المتحدة في هذا العصر! وهذه القضية الفلسطينية وهم يزعمون أنهم من حلفائها فلماذا لم يتخذوا موقفاً يؤكد للعالم تحررهم عن الغرب وشجاعتهم الأدبية؟ فهم لم يفعلوا ذلك! إنما فعلوه اليوم ضد الشعب السوري لأنهم يعلمون أن الغرب غير جادين في مواجهتهم! فاغتنموها فرصة لعرض العضلات! وربما زادهم شهوة مغريات النفط في العراق خاصة! لكن الذي يعلمه الروس وخبروه جيداً هو أنّ شباب الأمة الذين هزموهم في أفغانستان وغيرها لا زالوا ينظرون إلى من يلوح لهم لإعلانها من جديد وفتح أبواب الجنة للشرفاء المؤمنين! وفتح أبواب الجحيم لقتلة أطفال ونساء السوريين!.
أما الموقف الصيني التابع للروس فإنه لا يستحق الوقوف عنده لأنه ظاهر لكل متابع بأنه موقف انتهازي يصطاد في الظلام كما هو الموقف الروسي الذي يصطاد في الوحل! وكل من يتخلى عن القيم النبيلة والأخلاق الحميدة يفعل ما فعله المندوب الروسي والصيني حين أصرّا على تغذية الفتنة في سوريا وإمداد القتلة بالنار والحديد تشفياً من المجتمع السوري لا لشيء! إلا لأنهم مسلمين! وهذا يعبر عن أحقاد تاريخية وأخلاق انتهازية يعلمها الكثير من العقلاء والنابهين!.
أما الموقف الأمريكي والغربي عامة وربما معه كثير من العرب فلا يبعد كثيراً عن الموقف الروسي وإن كان ظاهره مهذباً! ولا فرق بينهما إلا أنّ الموقف الروسي يعمل بحماقة ظاهرة ويشارك في القتل والتخريب والإرهاب والدمار علانية دون وازع من ضمير! والموقف الأمريكي يشارك في ذلك من خلال التوافق مع جماعة "الفيتو" بأن يبقى الشعب السوري أعزلاً لا يملك ما يدافع به عن نفسه، وقد أكد سفير أمريكا في دمشق هذا المنهج اليوم 11-2-2012م، وأنهم لن يأذنوا للسوريين بالدفاع عن أنفسهم، ولن يشاركوا في وقف آلة الموت الحربية التي يمتلكها النظام! فالروس يحكمون على الشعب السوري بالموت السريع والأمريكان بالموت البطيء! أما ما يسمى بالحراك السياسي خارج مجلس الأمن فهذا لا يبعد عن منهج ذرّ الرماد في العيون! وهذا لن يأتي للسوريين بما يدفع عنهم الموت الزؤام ولا الحصار المطبق! لهذا لا يعلق السوريون الأحرار كثير أمل على المواقف الغربية ولا المواقف الشرقية ولا الجامعة العربية! فكل موقف لا يقول نمد الشعب السوري الأعزل بما يدفع به عن نفسه الموت فهو موقف هلامي وهمي في أحسن أحواله! أو موقف متواطئ وشريك في توفير مُدد جديدة وحجج عديدة لقتل السوريين العزل! فكثير ممن يقود الحراك السياسي باسم المسألة السورية يتحرك في دائرة مفرغة! لم يدفع شراً ولم يُقدم خيراً! فما هي الفائدة من مواقف تعددت أطرافها وكثرت أيامها وانتشرت أماكنها ولكنها لم تقدم شيئاً للسوريين منذ بداية ثورتهم وإلى هذا اليوم! لا في الجانب الإنساني ولا في ما يدفعون به عن أنفسهم!! ومَن مِن أهل الغرب والشرق لم يشاهد الصواريخ بالأمس تنزل على رؤوس أطفال حمص والزبداني ومضايا والقورية والرستن وغيرها من المدن الحرة السورية! نعم الصواريخ والراجمات وأحياناً الغازات! بعد أن صار سلاح الدبابات والهاونات والآربيجيات من الأسلحة المعتادة بيد قوى الشبيحة وفرق الموت وميليشيا الطاغية الطائفية المحلية والمستوردة، فهذه هي حقيقة المواقف الدولية على الأرض، كما هي حقيقة الموت الذي يزحف على البيوت الآمنة والنفوس البريئة في عامة المدن السورية!.
فماذا يقول الشعب السوري بعد كل هذا؟ وكيف يمكن أن يأمن موقفاً دولياً أو اجتماعاً إقليمياً؟ بعد أن دفع ثمن انتظاره لنتائج تلك المواقف من كرامته وحريته ومن دمه وعرضه! نعم الشعب السوري الذي يحيط به الموت من كل جانب صار ينظر شزراً لكل دعوة تنادي إلى اجتماع دولي لا تكون نتائجه معلنة قبل عقده، وثماره يانعة قبل أوانه، فقد شبع السوريون من الاجتماعات العربية والدولية، ولم يعد يقنعهم غير الفعل الذي يدفع الموت عن أبنائهم، ويقتص ممن اغتالهم ودمر بلادهم، ويحقق لهم الحرية تامة غير منقوصة! فهل يرى السوريون بعد كل هذا الشر الذي أحاط بهم خيراً في المواقف الدولية؟ وهل هناك من يسعى لتسجيل موقف إنساني خالد يشارك السوريين آلامهم ويجدد لهم آمالهم وثقتهم بأخلاقيات الأمم والسياسات في هذا العصر؟! قبل أن ينفرط العقد وتجري الرياح بما لا تشتهي السفن؟!.

المصدر: أرفلون نت 

المصادر: