سورية بعد كل هذا الدم?

الكاتب : غسان المفلح
التاريخ : ٢٩ ٢٠١٢ م

المشاهدات : 6381


سورية بعد كل هذا الدم?

بعد قرار الجامعة العربية الأخير، والذي رغم ما فيه من نقاط تستدعي التحفظ، إلا أنها وضعت بند تنحي الأسد على الطاولة، وهذه قضية في الواقع أثارت حفيظة المافيا الروسية الحاكمة، ولذلك هي الآن تحاول أن تعرقل صدور قرار من مجلس الأمن بتنحي الرئيس ووقف القتل. كنت قبل أسبوع قد كتبت مقالة أقول فيها أن سورية ستشهد مجازر جديدة ووحشية، وهذا ما تم خلال الأيام الماضية حيث وصل عدد الشهداء في يومين إلى أكثر من 200 شهيد بينهم 11 طفلاً في حمص وغيرها، إضافة إلى مجزرة عين البياضة، والنظام يخطط لأكثر من ذلك، إنه يرمي بسهمه الأخير في القتل المعمم حيث أطلق الجيش كله في كل المحافظات والمدن وأطلق "شبيحته"، ككلاب مسعورة، معتقداً ومعتمداً على تغطية روسية كما طالبها من قبل بأنه إذا قتل 30 ألف سوري يمكن أن يعود بالوضع إلى ما قبل انطلاق الثورة في حوران.


النظام يرتكب المجازر وسيرتكب المزيد منها لأنه ليس لديه حل سياسي، ولن يكون وهذا جزء من تكوينه وطبيعته، والتي كنا ننبه لها مع غيرنا من المعارضين منذ زمن بعيد، ورغم ذلك لا تزال هناك جهات في هذه المعارضة، رغم كل ما حدث تتحدث عن حل سياسي النظام طرف فيه، فرغم مجازر عين البياضة وقتل الأطفال يومي الأربعاء والخميس الماضيين، فقد خرجت أول من أمس التظاهرات بمعدل مرتفع "أحصت لجان التنسيق المحلية في سورية 588 تظاهرة خرجت في عموم البلاد هذه الجمعة، خرجت هذه التظاهرات من 470 نقطة، و جاء الترتيب كالتالي: إدلب 133 نقطة تظاهر، خرجت فيها 139 تظاهرة، حمص 57 نقطة تظاهر، و77 مظاهرة، درعا، 57 نقطة تظاهر و68 مظاهرة، حماه 54 نقطة تظاهر و 60 مظاهرة، حلب 51 نقطة تظاهر و 65 مظاهرة، ريف دمشق 42 نقطة تظاهر و57 مظاهرة، الحسكة 20 نقطة تظاهر و 31 مظاهرة، دير الزور 18 نقطة تظاهر و32 مظاهرة، اللاذقية 16 نقطة تظاهر و 22 مظاهرة، دمشق 14 نقطة تظاهر و22 مظاهرة، الرقة 5 نقاط تظاهر و7 مظاهرات، طرطوس نقطة تظاهر واحدة و6 مظاهرات، السويداء والقنيطرة مظاهرة واحدة في كل منهما". إضافة إلى أن هذه الجمعة حملت مفاجأتين للنظام، الأولى تمثلت بخروج واضح لمدينة حلب، في أحياء عدة منها في الصاخور والمرجة وسيف الدولة، مما استدعى قوات الأمن والشبيحة للتدخل لمنع جماهير حلب من الانضمام للثورة بقتل العشرات من المتظاهرين وجرح العشرات، حيث استشهد 12 مدنيا في مدينة حلب، والمفاجأة الأخرى هي خروج مدينة عفرين الكردية السورية، وهي المدينة الوحيدة في ريف حلب كانت مساهمتها في الثورة محدودة جداً بحكم تواجد الفرع السوري لحزب العمال الكردستاني التركي، وما يمارسه من وصاية على هذه المدينة، بكل الطرق، ولأن موقفه بشكل أو بآخر مساند للنظام وهو العضو الوحيد ذو وزن في هيئة التنسيق الوطنية بزعامة حسن عبد العظيم الذي انشقت كوادر حزبه عنه.
عفرين خرجت بقضها وقضيضها، تحت رعاية اتحاد تنسيقيات شباب الكرد السوريين الذين يعملون في ظروف قمعية قاسية في تلك المدينة..ما حدث في حلب وعفرين، يؤكد مدى تهافت من يتحدث عن أن النظام لا يزال يتمتع بحضور شعبي أو من دون خجل ولا ذمة يخرج أحد المعارضين ليقول أن كل تعداد المتظاهرين في شوارع سورية لا يتجاوز 100 ألف. من يحصي التظاهرات في ريف حلب فقط، يجد أن العدد لوحده يفوق هذا التبجح، حماة التي تتعرض لمجزرة منذ أيام خرجت فيها أكثر من ستين تظاهرة.
كيف يمكن للروس ومن معهم من إيرانيين أن يقتنعوا بحلول النظام، وأنه قادر على البقاء في السلطة بعد كل هذا الدم، وبعد كل هذا الشعب الذي لن يعود لبيوته، ولن يعود إلى ما قبل مارس حوران، والأهم لن يعود بعد كل هذا الدم.
إذاً لا اعتقد أن الروس يجهلون هذه الحقيقة لكنهم كمافيا يفكر قادتهم، إما باستمرار القتل بالشعب السوري أو يعطيهم الغرب والعرب ثمنا لتخليهم عن الأسد، وهو في النهاية لا يساوي أكثر من مبالغ مالية لدى هذه المافيا. واعتقد أنه لم يعد لديه القدرة لتغطية طلبات المافيا الروسية حتى لو بقي في السلطة، ووقفت الثورة، وهذا لن يحدث بالطبع، لكن الروس يعلمون أنه ساقط لا محالة ولم يعد لديهم طريقة في ابتزاز الغرب سوى بأن يستمر هذا النظام بقتل السوريين.. هم يدركون أيضاً، أن هذه العائلة انتهت من تاريخ الحكم في سورية، ويعلمون أكثر كما قلت أنه مهما كانت الخيارات السياسية السورية لم تعد سورية في وضع يعطي هذه المافيا الثلاثية بوتين ولافروف ومديفيديف، ما يريدونه. أو ما يتمنونه، لهذا هم الآن في أروقة مجلس الأمن يساومون الغرب والعرب على المعادلة التالية، إما أن تعطونا ما نريد، أو نترك الأسد مستمراً في قتل الشعب السوري.
ونحن نقول لهم، مهما كانت التغيرات، فالشعب السوري لن يغفر لكم هذا الموقف، هذا هو التاريخ ببساطة، ولتتذكر ذلك كل النخب السياسية الروسية، لهذا على شعبنا الثائر أن يتوقع مزيداً من المجازر، لأنه يبدو أن الروس لا يريدون تغطيته فقط بل هم يساهمون مباشرة بالقتل، عبر هذا الموقف، الروس ليسوا أغبياء ليراهنوا على استمرار هذه العائلة في حكم سورية، لكنهم يراهنون على تحقيق مطالبهم عبر زيادة القتل في شعبنا، فإما أن يستمر القتل أو يعطيهم الغرب والعرب ما يريدون، فهم يتعاملون مع الوضع، كالتالي هم خاسرون، فلماذا لا يربحون بقدر المستطاع! عبر استمرار القتل، وما تحفظهم على مطلب التنحي إلا دليلاً على ما نقول وليس العكس كما يتوهم بعض أنصار النظام، الروس يعرفون أن الثورة والشعب السوري قد أسقط النظام كخيار إستراتيجي بالنسبة للروس، هو وبمنطقهم المافيوزي الآن لم يعد بالنسبة لهم هو وجيشه وشبيحته سوى قاتل مأجور يريدون ثمن إيقافه عن القتل لهذا هم لا يقدمون حلاً سياسياً أيضاً لأنهم لا يريدون حلاً سياسياً أصلاً.

المصدر: سوريون نت 

المصادر: