تطورات لافتة في الملف السوري

الكاتب : ياسر سعد الدين
التاريخ : ١٩ ٢٠١١ م

المشاهدات : 3029


تطورات لافتة في الملف السوري

هل أصبح تدويل الملف السوري قاب قوسين أو أدنى؟
في خلال ساعات قليلة خرجت إشارات قوية من موسكو والدوحة تشير إلى هذا المنحى، وتدلل على هذا التوجه. فموسكو الحليف الأوثق للنظام السوري والذي أعتد به إعلام النظام ورفعت أعلامه في مظاهرات التأييد المبرمجة بأسلوب ينتقص من السيادة ويرهن الدولة ومستقبلها لقرار الكرملين، قدمت مشروع قرار مفاجئ لمجلس الأمن. وإذا كان هناك من يرى أن الهدف الرئيسي من المشروع الروسي قطع الطريق على المواقف الدولية الضاغطة ورفع الحرج الأخلاقي والإنساني عن القيادة الروسية، خصوصاً بعد الشهادات الدولية الموثقة عن انتهاكات الأسد الصارخة والقاسية لحقوق الإنسان، غير أن النقاط التي حواها المشروع الروسي تحرج النظام السوري وإعلامه وتبريراته بشكل بليغ.
فبالرغم من محاولة الروس اتخاذ مواقف تجامل النظام السوري، فإن الحديث عن عنف من الطرفين يدين الحكومة السورية -وهي الطرف المعروف في المعادلة-، في حين يعجز الروس كما الحكومة السورية عن وصف الطرف الآخر وعن تحديد حجمه وغاياته والأطراف الخارجية الداعمة له. كما إن الإشارة إلى "الاستخدام غير المتكافئ للقوة من جانب السلطات السورية"، وحثها على "الكف عن قمع الذين يمارسون حقوقهم في حرية التعبير والتجمع السلمي وتكوين الجمعيات"، هي بمثابة اعترافات روسية قوية وواضحة تدين نظام الأسد وتثبت عليه تهمة القمع والقتل وتضعف مواقفه الأخلاقية والإعلامية داخلياً وخارجياً.
بعد إعلان مشروع القرار الروسي عقدت اللجنة العربية المختصة بالملف السوري في الدوحة اجتماعها وأعلن رئيسها الشيخ/ حمد بن جاسم آل ثاني، بأن الجامعة العربية تعتزم الطلب من مجلس الأمن الدولي تبني القرارات التي أصدرتها بشأن سوريا، قائلاً: "بما إن روسيا ذهبت إلى مجلس الأمن، فالجامعة العربية ستنظر أيضاً في التوجه إلى مجلس الأمن، وذلك خلال اجتماعها بالقاهرة". ووصف قرار اللجنة الوزارية إثر اجتماعها السبت لجهة عرض القرارات العربية بشأن سوريا على مجلس الأمن بأنه "قرار الغالبية في اللجنة حتى نضبط الإيقاع". واعتبر المسؤول القطري اجتماع مجلس الجامعة المقبل بأنه "حاسم، نأمل أن يوقعوا قبل هذا التاريخ فبعده لا نستطيع الاستمرار في هذا الموضوع، وسيخرج الأمر عن السيطرة العربية". وطلب الشيخ حمد من "الجانب السوري بأن يدرك ويرى ما حصل في دول كثيرة ويستنتج أنه من المهم الانصياع لإرادة الشعب، فالمراهنة على السيطرة الأمنية لم تنجح في أي مكان".
أسلوب المماطلة والذي يتخذه النظام السوري منهجاً وديدناً محاولاً كسب الوقت لإخماد الثورة بالأسلوب الأمني لم يعد مقبولاً من أعضاء فاعلين في الجامعة، وغدا مكشوفاً مع صمود السوريين وإصرارهم على استكمال مسيرتهم إلى الحرية والكرامة. وإذا كانت المبادرة العربية مقبولة روسيا وحتى إعلامياً من النظام السوري، فإن طرحها أمام مجلس الأمن -إذا حصل- لن يقابل على الأرجح بمعارضة أو بفيتو، بل إن الاعتراض عليها سيسبب حرجاً كبيراً للطرف المعترض سياسياً وأخلاقياً وإنسانياً. وعلى الرغم من تظاهر النظام السوري بقبول المبادرة ليقتلها بالدخول بالتفاصيل والاستفسارات، فإن دخول مراقبين وإعلاميين محايدين لسورية سيشجع على خروج مظاهرات حاشدة تسارع بإسقاط النظام سلمياً وشعبياً.
وصول الملف لمجلس الأمن أو التلويح به خصوصاً وأن روسيا سبقت الجامعة العربية بذلك، يصيب نظام الأسد برعب شديد، فقرار المجلس ملزم لأعضائه وهو بالتالي سيحرج الأطراف العربية والإقليمية والدولية المتآمرة على حرية الشعب السوري وكرامته.
تطورات الملف السوري الأخيرة تعطي زخماً لحراك الشارع الشعبي، فيما تضيق الخناق على نظام يريد أن يقاوم سنن التغيير ورياح الحرية العاصفة.

المصادر: