أفظع أسلوب للتعذيب في سجون النظام: تقطيع أجساد المعتقلين و حرقها بـ(آلة اللحام)

الكاتب : وائل زهراوي
التاريخ : ٩ ٢٠١٧ م

المشاهدات : 4924


أفظع أسلوب للتعذيب في سجون النظام: تقطيع أجساد المعتقلين و حرقها بـ(آلة اللحام)

لم يكن الموت هو ما ينتظر ذاك المقدم الطيار المنشق، لقد كان أفظع عذاب عرفته البشرية كلها، في قسم التحقق في مطار المزة العسكري المخابرات الجوية، يضحكـ الموت حين كنا نراه أمنيةً ما على وجه الأرض أجمل منها، ورغم أن المساعد بصق في الخبزة الصغيرة وصفعني عشر مرات قبل أن يعطيني إياها إلا أنني التهمتها كما لو أنها أطيب ما ذقته في حياتي، مضى يومان وأنا مشبوح في غرفة الموت والأصفاد كانت قد دخلت في لحم يدي عندما أدخلوا ذاك الرجل الأربعيني بالأمس فجراً عارياً من كل شيء، علقوه بالسقف من رجليه على غير عادتهم، كان يرتعد بشدة، لقد أدرك بحكم أنه ضابط ما الذي سيفعلونه به، بعد قليل دخل اثنان منهم يحملان كبلين للدبابات وتبعهم واحد منهم يحمل قطعة من سلك معدني شائك، من النوع الذي نراه على الحدود بين الدول، أمسكه أحدهم من شعره وقال له :
-شو سيادة المقدم بحياتك شفتو لـ الله …. هلق بدك تشوفوا شخصي.


كانت عيونه تبكي دون أن يحركَ ملامح وجه يبكي بكبرياء لم أرَ مثله في كل لحظات اللقاء مع الموت، كنت عاجزاً لدرجة أني لم أستطعع حتى البكاء معه، أمسك المساعد السلك الشائك وبدأ يلفهُ حول كبل الدبابة حتى غطى كامل الكبل، فصار شكل الكبل مع الأسلاك الشائكة كوجه الموت الزؤام.
وكنت قد سمعت عن آلة لِحام الحديد ورأيت أناساً أحرقوهم بماكينة لحام الحديد، لكني لم أكن قد رأيتها أبداً قبل تلك الليلة، دخل أحدهم وأدخل معه آلة اللِحام ، وصلها بالكهرباء، بدأت أرتجف، وكانت حركتي تزيد ألمي لأن الأصفاد كانت تحتك بلحم يديَّ، كبلوا له يديه للخلف،
كانت أولـ ضربةٍ هوت على جسده العاري بالكبل الذي كانوا قد وضعوا عليه السلك الشائك فصرخ صوتاً كأن الأرض قد صرخت معه، و في كل ضربة كانت تقع على ظهره كانت الأشواك الحديدية تنغرس بجسده فيشدها المساعد المسخ مقتلعاً بها كل ما تحمله معها من لحمه الطاهر.
وعندما كان الكبل ذو الأسلاك الشائكة يصادف معدته كانت الأشواك الحديدية تغوص بلحمه، لدرجة أن المساعد كان يشدها مرتين لتخرج وو لتأخذ معها قطعاً من جسده الذين كان كالوطن يعطيهم دمه وأجزاءه وهم يقطّعونه بأيديهم.
اقترب المساعد الثاني وطعنه بآلة لحام الحديد فثقب له كتفه كله فبدأ يتقيأ دماً، وكأن مشهد الدم كان يغريهم فزادوا عليه بالكبال على كلل أنحاء جسده وهو يصرخ يا الله يا الله مالي سواك يا الله يا الله ساعدني يارب، ولازلت أسمع صوته حتى هذه اللحظة.
اقترب المسخ بآلة اللِحام وطعنه بكتفه الثاني بقضيب اللحام فثقب له كتفه الأخر، فأغمي عليه وصمت تماماً، ذهب أحدهم وعاد ومعه عصاا الكهرباء، كان المسؤول عن التعذيب هو المساعد أول _ نصر أسبر _ قالـ لهم يلا صَحوه بدنا نلعن “ر..” اليوم ، ما بيطلع من هون غير عالقبر، بدي صوتوا يوصل لعند الله.
_ بدي جربها على هادا سيدي .. كنت أقرب معتقل له .. نظر في عيني وقال:
إذا بتراجع وبتوسخ الأرض بعدمك هون فهمت ولا كلب لسا بروح وبرجع بشوفك بخلقتي ما بقى تموت ولا حيوان.
_ كنت أنتفض وأنا معلق وأرجوه ألا يفعل، لم أترك شيئاً لم أتوسل به له لكن القدر أبى إلا أن أواجه مصيري في ذاك اليوم، ضحك و اقتربب مني وصعقني بها في ركبتيّ، أردت أن أصرخ لكن شيئاً ما شَلَّ فمي، شعرت كأن أحداً ما أدخل سكيناً في نقي عظامي، وكأن قلبي قد انفجر وتجمدت عيناي ولم أعد أرى بهما، كانت الثواني تمر كأنها سنوات، و الألم جاء أقسى من الجوع وأعمق من الطعن وأبعد بكثير من قدرة البكاء، يا وطناً يحكمه الغرباء.


شهقت ولم أعد أقوى على التنفس، فبدأ يصفعني على وجهي، حتى عدت وشهقت من جديد، سمعته يقول لي: "طلع فيني هون ولاكك طلع فيني هون"، لم أكن أراه حتى أنظر إليه كنت ألتفت إلى الجهة الخطأً فيصحح لي جهة رأسي بالكبل الذي أمسكه بيده الأخرى، سألني شو اسمك شو اسمك ولاك عرصا قلت له: أنا الرقم 1646 سيدي، قال:" بعرف بس شو اسمك ولاك احكي"
قلت له وائل سيدي وائل الزهراوي سيدي، فقال أيوه وهي لساك متذكر اسمك، أنا أصلاً كل الدارسين حقوق بحبن والله لألعن “ر..” لسا.. ثم أمسك الكبل الذي يقطر من دم المقدم ومسحه برأسي يريد أن ينظفه وقال لي : أصلاً كلكن دمكن متل بعض دم وسخ.
وكم كان ما فعله عظيما وكم كان فعلاً جميلاً من مسخ قبيح لا يعي كل ما أشعر به ابداً، وكم فرحت أني أحمل بعضاً من دم ذاك الضابطط الشهيد، فقطرات الدم تلك تساويهم جميعاً عندي، و في عمق ذاك الألم كنت أتساءل عما يشعر به و ربع لحم جسده قد وقع تحت رأسه، سكبوا على المقدم وعاءً من الماء، وما إن بدأ يصحو حتى صعقه المسخ بعصا الكهرباء في ظهره الذي لم يبق فيه جلد يغطي عموده الفقري، وزادوا عليه بكبل الدبابة، وبدأوا يضربونه على رأسه والكبل الملفوف بالأسلاك الشائكه اقتلع نصف فروة جمجمته، يا كل بقع الدم اصرخي، يا أيتها الجدران تكلمي أخبري كل هذا العالم ماذا جرى هناك وماذا فعلوا بنا، يا وطناً سقيتك من دمي وأعطيتك من لحمي وتقاسموك كالغنيمة، يا هتافاتنا التي كنت أرى فيها الحرية والإباء أين اختفيت أين .. أين؟
وما لن أنساه حتى ما بعد الموت، كيف حاول في آخر لحظات حياته أن يثني جسده ويصل للأصفاد التي كان معلقاً بها كانت عيناه قد عميتاا ، وورمتا لدرجة لا توصف ومع ذاك يريد أن ينجو، بصق نصف أضراسه تحت رأسه، يحاول أن يقاوم الموت القادم لا محالة، ولكن هيهات هيهات، ولات حين مناص.


ثقبوا له فخذه وانغرس قضيب اللحام في عظامه، وأثقلوه بالكبل ذي السلك الشائك في أماكن الثقوب و على رأسه حتى غابت كل ملامحهه كما يغيب الوطن خلف أحقاب القهر، وكما يغيب الضوء عندما ينتصر الظلام، وكما كنت أستسلم للموت وأدعوه أن يأخذني من هناك ويأبى، ورأيته كيف كان ُيمطر الأرض دماً كأنه ينتقم من ظلمهم بنزفه، وشعرت أن الكون كله يمطر دماً، كان صوت تساقط دمه يشبه صوت ارتطام أكداس الجثث حين كانوا يرمونها فوق بعضها، جثث أبناء الوطن.
المقدم الطيار 20/31 هذا رقمه و اسمه وتاريخه وبطولاته وأطفاله وحياته، صرخ بكل قوته ثم أسلم الروح هناك، هناك حين كنا نحب بعضناا لدرجة أننا ندفن معاً في مقابر جماعية، بعد ساعه كان دمه قد ملأ الغرفة، فكوا أصفاده فوقع على الأرض جثة لا يتحرك، وسحبوه من رجليه ليكون رقماً بين مئات الأرقام التي هي جبين الوطن وعزته وشرفه ورائحته.
في صباح اليوم التالي أنزلوني، لم أكن أشعر بيدي ولا أستطيع التحكم بكتفيّ مطلقاً، لبست سروالي الداخلي بعد سبعة عشر يوماًً قضيتها عارياً، أدخلوني للجماعية الرابعة زنزانة المرضى، عندما دخلت لغرفة المرضى كان عددنا 98 شاباً سورياً، بعد عشرة أيام أصبحنا 62
البقية قدموا أرواحهم لكم ورحلوا، تركوا لكم كل أحلامهم وصرخاتهم ورسائلهم ودماءهم ونظراتهم قبل الموت، وهبوكم أغلى ما لديهمم واستشهدوا تحت التعذيب، لعل الأمل فيكم لا يخيب.


ومن كان صاحب حقل فلا يتسول حفنة طحين، وبعد كل تلك الأرواح كيف يمكن أن نتخيل أن هناك سورياً حراً يمكن أن يساوم على الدم أو يقايض على العذاب، وبعد أن كنت هناك مالذي يمكن أن يبقى من حياتي سوى أن أخلص لأولئك الأحرار في أغلالهم، سأرتدي ملامحكم يا رفاق العذاب، سلاماً عليكم أيها الشهداء الأحياء، سلاماً أيها السوريون الشرفاء.

 

بعد سنتين من اعتقاله أرسل النظام هويته المدنية إلى أهله، وهذا ما يعني أنه توفي، كان لديه زوجة لا تزال شابة و لديه منها طفل صغير لم يعايشه طويلاً، فتحت عائلة المعتقل خيمة عزاء ثلاثة أيام بعد استلامهم هوية ابنهم، وقرروا بعدها تزويج امرأته لأخيه حتى لا يخسروا حفيدهم أو يربى عند ناس آخرين أو يُظلم، حملت زوجة المعتقل من أخيه " زوجها الجديد " وقبل أن تضع مولودها أطلق النظام العاهر سراح المعتقل الذي كان قد أوهم أهله بأنه مات!!

أيّ عذاب غادره المعتقل وأيّ عذاب عاد إليه !! زوجته لم تعد زوجته بل زوجة أخيه، وتحمل طفلاً منه، لم يحتمل البقاء بين أهله أكثر من أيام وهجر دمشق بصمت إلى أوروبا بروح مدمّرة ونفس مقتولة.
لكل معتقل حكاية لو سقطت على جبل لصدّعته، نعرف القليل من هذه القصص ونجهل معظمها، ولكن هناك من يعيش ألمها وعذابها، نظام بشار الأسد تفنن في تعذيب السوريين، وما زال له مؤيدون في سوريا !!

المصدر: شبكة شام الإخبارية

 

المصادر: