هل يمكن أن تتغير إيران

الكاتب : عادل الجبير
التاريخ : ٢٠ ٢٠١٦ م

المشاهدات : 5614


هل يمكن أن تتغير إيران

إن العالم يقف مراقبا إيران، بحثا عن أي مؤشرات تدل على وجود تغيير، لتتحول من كونها دولة مارقة وثورية إلى عضو محترم في المجتمع الدولي، إلا أن قيادة إيران عوضا عن مواجهة العزلة التي تسببت في حدوثها لدولتها، لجأت إلى تعتيم سياساتها الطائفية والتوسعية الخطيرة، إضافة إلى دعمها للإرهاب، خلال كيل الاتهامات إلى المملكة العربية السعودية بلا دليل يدعم هذه الاتهامات.
من الأهمية بمكان، أن نفهم الأسباب التي دفعت المملكة العربية السعودية وحلفاءها من دول الخليج العربي إلى الالتزام بمقاومة التوسع الإيراني، وانتهاج أسلوب الرد القوي لمواجهة أي تحركات عدوانية تقوم بها إيران.
فظاهريا، ربما يبدو وكأن هناك تغييرا في إيران، فنحن نعلم بالخطوات الأولية التي اتخذتها إيران فيما يتعلق بموافقتها على وقف برنامجها النووي بهدف تطوير سلاح نووي.
كما أننا، وبكل تأكيد، على يقين من أن شريحة كبيرة من الشعب الإيراني تسعى إلى تحقيق انفتاح أكبر على الصعيد الداخلي، وتكوين علاقات أفضل مع دول الجوار ودول العالم، إلا أن الحكومة الإيرانية لا تريد ذلك.
إن نهج إيران كان ثابتا منذ ثورة عام 1979، إذ ينص دستورها على تصدير هذه الثورة، فعمدت إلى دعم الجماعات المتطرفة والعنيفة، بما في ذلك "حزب الله" في لبنان، و"الحوثيون" في اليمن، والمليشيات الطائفية في العراق.
كما أنها أو عملاءها متهمون بارتكاب الهجمات الإرهابية التي نفذت في العالم، بما فيها التفجيرات التي استهدفت ثكنات مشاة البحرية الأميركية في لبنان عام 1983، وأبراج الخبر في المملكة العربية السعودية عام 1996، والاغتيالات التي نفذت في مطعم "ميكونوس" في برلين عام 1992.
وتشير بعض التقديرات إلى أن القوات التي تدعمها إيران قد قتلت ما يزيد على 1100 من القوات الأميركية في العراق منذ عام 2003.
إيران تلجأ إلى استهداف المواقع الدبلوماسية، لتستخدم ذلك كإحدى أدوات سياستها الخارجية، وما اقتحام إيران لمبنى السفارة الأميركية عام 1979، وسيطرتها عليه، إلا بداية لهذا النهج.
فمنذ ذلك الحين، تعرضت السفارة البريطانية، والدنمركية، والكويتية، والفرنسية، والروسية وسفارة المملكة العربية السعودية، للهجوم، سواء كان ذلك الهجوم داخل إيران أوفي الخارج على أيدي عملائها، كما تعرض الدبلوماسيون الأجانب والناشطون السياسيون المحليون لعمليات اغتيال في مختلف مناطق العالم.
إن المملكة العربية السعودية لن تسمح لإيران بالعبث بأمننا، أو بأمن حلفائنا، وسنتصدى لكل المحاولات التي تسعى إلى العبث به وتهديده، وفي كذب سافر، تقوم إيران بتوجيه الإساءات والإهانة لكل السعوديين بقولها إن موطني -موطن الحرمين الشريفين- يقوم بغسل أدمغة الشعوب، ويعمل على نشر التطرف. فلسنا نحن الدولة التي وصفت بأنها الراعية للإرهاب، بل هي إيران، ولسنا نحن من يخضع لعقوبات دولية بسبب دعمها للإرهاب، وإنما هي إيران. ولسنا نحن الدولة التي تندرج أسماء مسؤوليها ضمن قوائم الإرهاب، بل هي إيران.

لا يوجد لدينا عميل صدر بحقه حكم محكمة نيويورك الفيدرالية بالسجن 25 عاما، لضلوعه في التدبير لعملية اغتيال سفير لدى واشنطن عام 2011، بل هي إيران.
لقد كانت المملكة العربية السعودية ضحية للإرهاب وللعمليات التي يقوم بها في الغالب حلفاء إيران.
فدولتنا هي خط الدفاع الأول لمحاربة الإرهاب، وتعمل على مواجهته بالعمل الوثيق مع حلفائنا، كما قامت المملكة العربية السعودية بعمليات اعتقال للمتورطين في عمليات إرهابية كان عددهم بالآلاف، ونفذت القصاص في المئات منهم، ونحن مستمرون في محاربتنا للإرهاب.
فها هي المملكة تقود جهودا متعددة الجنسيات لملاحقة كل من يتورط في أنشطة إرهابية، ومن يقوم بتمويلها، وكل من يتبنى الفكر الذي يحرض على الإرهاب.
إلا أن السؤال الحقيقي هو: ما إذا كانت إيران تريد العمل وفقا للقوانين والأنظمة الدولية، أو تريد أن تبقى دولة ثورية تسعى إلى التوسع والاستخفاف بالقانون الدولي؟.
ففي نهاية المطاف، نريد إيران تعمل على معالجة المشكلات بما يمكن الشعوب من العيش بسلام. إلا أن تحقيق ذلك يتطلب حدوث تغييرات كبيرة في سياسة إيران ونهجها. وهو أمر ما زلنا في انتظار حدوثه.

 

 

 نيويورك تايمز  - ترجمة الشرق الأوسط

المصادر: