إيران تجنس الأفغان لخوض حروبها

الكاتب : مركز البيان للبحوث والدراسات
التاريخ : ١٣ ٢٠١٥ م

المشاهدات : 4920


إيران تجنس الأفغان لخوض حروبها

هل تريد أن تصبح مواطناً إيرانياً؟ لا بأس فهناك قانون جديد يلوح في الأفق من شأنه أن يمهد الطريق بشكل كامل أمامك وتصبح الأمور أكثر سهولة عما سبق، ولكن بالمعنى الحرفي عليك أن تحارب من أجل ذلك.

إن أحد الانتقادات الأساسية الموجهة للاتفاق الإيراني الذي صنعه الرئيس الأمريكي باراك أوباما تمحور حول تخفيف العقوبات عن أكثر من مائة مليار دولار أمريكي والذي من شأنه أن يعمل على تدفق الأموال للجمهورية الإسلامية من أجل مساعدتها في مواصلة حروبها الخفية التي تقودها في الشرق الأوسط، وذلك بالرغم من أن الرئيس أوباما كان قد أشار خلال مؤتمر صحفي عقده مؤخراً في البيت الأبيض إلى دعم إيران للإرهاب واستخدامها لعملائها ووكلائها من أجل زعزعة الاستقرار في بعض الدول في الشرق الأوسط.

إن الجمهورية الإسلامية الإيرانية ومنذ أن ولدت في عام 1979 سعت إلى ما يسمى "تصدير الثورة الإسلامية" وهو الأمر الذي يراه قادة الثورة على أنه ما زال ظاهراً للعيان.

وفي واقع الأمر لم تبدِ إيران أي إشارات تعكس العودة للتواصل بشأن تلك الجهود في المنطقة والتي ظهرت منذ الإعلان عن الاتفاق النووي.

والآن نرى كيف أن البرلمان الإيراني أصبح بصدد الحديث عن قانون جديد من شانه أن يقدم لإيران المزيد من المقاتلين الذين سيقومون بنشاطات عسكرية تدور حولها دائرة الشك.

وما سنتحدث عنه فيما يلي في هذا المقال مشتق من إحدى المقالات التي كتبتها مراسلة الشؤون القانونية والمستشارة نركس توسليان والتي تم نشرها في موقع إيران واير.
لقد اتخذ أعضاء البرلمان الإيراني عدة خطوات من أجل مكافأة أصحاب الجنسيات الأجنبية بمنحهم الجنسية الإيرانية وذلك مقابل التضحية البسيطة التي يقدمونها كونهم يقاتلون من أجل إيران.

إن التعديلات المقترحة على القانون المدني الإيراني والتي تأتي تحت مسمى "عملية منح الجنسية وحقوق مدنية لقدامى المحاربين والنخبة من المقاتلين من غير الإيرانيين" سوف تعطي حق المواطنة للأجانب الذين التحقوا بالوحدات العسكرية الإيرانية ويكونوا بمثابة حرس الحدود للجمهورية الإيرانية ومليشيات تقف في مواجهة ما يسمى "بالدولة الإسلامية" في العراق وسوريا، وهي جماعات تشارك في عمليات النظام العام أو أي مبادرات عسكرية إيرانية تبدو أقل رسمية وتتضمن الدعم لحزب الله في لبنان.

وبموجب هذه التعديلات فإن ما يسمون "بالأبطال الثوريين" من الممكن أن يصبحوا مواطنين إيرانيين دون أن يجتازوا المتطلبات الحالية للحصول على الجنسية.
وبالنسبة للبرلمانيين الذين وقعوا على مشروع القانون الجديد والذين يقولون بأن أولئك الذين "خدموا الثورة" بما فيهم الذين ساهموا في التقدم العلمي الذي أحرزته إيران سوف يكون لهم الحق للحصول على الجنسية الإيرانية التي يستحقونها.

وعلاوة على ذلك يقول بعض الناشطين في حقوق الإنسان والمحامين ورجال القانون بأن هذه التعديلات تعتبر جزءاً من استراتيجية سياسية وعسكرية لجذب المهاجرين الغير شرعيين الذين مازالوا يقيمون في البلاد منذ عام 1979 لخوض حرب بالوكالة نيابة عن إيران.

وفي حال تم تمرير مشروع القانون هذا فإن التعديل على المادة رقم 980 سوف يسمح للجنة منح الجنسية لغير الإيرانيين من المحاربين القدامى والنخب أن تقرر فيما إذا كان سيتم منح الجنسية الإيرانية لأي ثوري من غير الإيرانيين.

إن النواب الذين وضعوا مشروع القانون هذا على الطاولة في الثاني عشر من كانون الثاني يناير ومن بينهم نواب برلمانيون محافظون ينتظرون حالياً أن يتم مراجعة التعديلات التي وضعوها.
على من سيؤثر القانون الجديد وماذا يحاول أن يحقق على أرض الواقع؟
تقول المحامية الإيرانية شرين عبادي الحائزة على جائزة نوبل للسلام: "بعد أن قام الاتحاد السوفييتي بغزو أفغانستان في عام 1979 فتحت الحكومة الإيرانية ذراعيها للأفغان بحجة أن الدين الإسلامي لا يعترف بأي حدود "وتضيف: "في ذلك الوقت جاء إلى إيران ما يقارب أربعة ملايين أفغاني ولكن 10 بالمائة منهم فقط تمكن من الحصول على إذن بالإقامة فيها "أما ما تبقى منهم فظل مهاجراً غير شرعي وبالتالي لا يحصل على أية حقوق أساسية يتمتع بها المواطنون الإيرانيون.
وتضيف عبادي قائلةً: "لقد بدأت إيران في ذلك الوقت حرب الثماني سنوات مع العراق ومن الطبيعي أن تكون بحاجة إلى عمالة بأجور زهيدة.

لقد استفادت إيران من العمال الأفغان المهاجرين بطريقة غير شرعية وذلك من أجل إرضاء رغباتها. "ولكن عندما وضعت الحرب أوزارها بقيت السياسة كما هي.
لقد اندمجت الحكومة الإيرانية من رأسها إلى أخمص قدميها في بعض المحاولات التي تهدف للوصول إلى حالة من الاستقرار في العراق وسوريا وذلك في وقت لاحق من بدء ثورات الربيع العربي التي تمر بها المنطقة هذه الأيام.

وتوضح شيرين عبادي أنه وبالرغم من ذلك يبدو من المهم بالنسبة لإيران أن لا تظهر بمظهر الشخص الذي يتدخل في شؤون الآخرين، ولكي تبتعد عن هذه الصورة اختارت أن تستخدم الأفغانيين، الذين يقيمون بشكل غير شرعي في إيران، في حروب الوكالة التي تثيرها، حيث تقدم لهم الإقامة الشرعية على طبق من ذهب على أنها حافز يشجعهم على العمل معها.

ولمزيد من التشجيع لهم تقول عبادي: "قدم النواب الإيرانيون مشروع قانون جديد من شأنه أن يمنح الجنسية لغير الإيرانيين ممن قاتلوا في تلك الحروب التي تعتبر حروباً بالوكالة نيابة عن الجمهورية الإيرانية."
وبموجب القانون الحالي فإن الأفراد "الذين يقدمون خدمات أو مساعدات جديرة بالذكر من شأنها أن تخدم المصالح العامة في إيران "ربما يتقدمون للحصول على الجنسية الإيرانية.

كما تعتبر الجنسية أمراً متاحاً لأولئك المتزوجين من نساء إيرانيات ولديهم أطفال نتيجة هذا الزواج، أو الذين لديهم تميز فكري أو المتخصصون في شؤون المصلحة العامة في إيران".
وبالنسبة لهؤلاء المتقدمين فهم ليسوا بحاجة إلى الإقامة قبل تقديم الطلبات، ولكنهم مازالوا بحاجة لموافقة مجلس الوزراء.

أما الآن ووفقاً للمقترحات الجديدة فإن ما لا يحتاجه المحاربون القدامى والنخبة لم يقتصر فقط على الإقامة ولكنهم أيضاً لم يعودوا بحاجة إلى انتظار موافقة مجلس الوزراء على منحهم الجنسية الإيرانية. وتقول عبادي بأن ما يتضمنه مصطلح النخبة في مشروع القانون المقترح يعتبر في الحقيقة مجرد محاولة لإخفاء الهدف الحقيقي للقانون والأجندة التي يسعى أولئك الذين قاموا بصياغة هذا القانون لتحقيقها والتي تتلخص في: تأجيج حروب الوكالة.

وبحسب عبادي فإنه وعند النظر لهوية الذين ستضمهم اللجنة فإنه سيكون من الواضح أن أي طلبات كتلك من غير المرجح أن يكتب لها النجاح، وذلك مشروط بحالة اللجنة وطبيعة الغالبية من أعضائها وخاصة عندما لا يمثلون اللجنة العلمية الإيرانية وبالتالي يكونون أشخاصاً غير مؤهلين لاتخاذ قرار يتعلق بأي من تلك القضايا."
إن العديد من أعضاء ما يسمى بالنخبة قد وجدوا البيئة العلمية والسياسية في إيران قد أوصلتهم إلى حالة الفقر، وبالتالي قرروا أن يغادروا إيران مما قد نتج عن ذلك الانتقال إلى عملية تجفيف كبيرة للأدمغة. وقالت عبادي: "إنه فعلاً لأمر مثير للشفقة أن تجد البعض ممن يحملون لقب نواب ويجلسون في البرلمان يهتمون بشكل كبير بخلق حروب في المنطقة بدلاً من أن يفكروا بمصلحة إيران الوطنية وسمعتها."
ويوافق الخبير القانوني موسى بارزين خالي فيلو بأنه وفي حال تم الاتفاق على مشروع القانون هذا فسيكون له نتائج سلبية تنعكس على الجمهورية الإيرانية.

وبالنسبة لبارزين فإن الدول التي تحاول أن تزيد من رأس المال البشري لبلادها "تقوم بتسهيل عملية منح الجنسية لرجال وسيدات الأعمال من دول أخرى".

أما بعض الدول ومن أجل أن تجذب الخبرات البشرية تقوم بمنح امتيازات للعلماء والطبقات الراقية الأجنبية.

ولكن يبدو من الواضح أنه وبالنظر إلى مسودة مشروع قانون منح الجنسية فإننا نرى أن الحكومة الإيرانية ترغب "بإعطاء امتيازات لغير الإيرانيين ممن يخدمون بالجيش الإيراني أو يتعاونون بتقديم خدماتهم للحكومة الإيرانية في قضايا استخباراتية".

ويتحدث بارزين عن أن هذه الاستراتيجية قد أصبحت أكثر وضوحاً عندما نأخذ بعين الاعتبار "العدد الكبير لغير الإيرانيين الذين يعملون لدى الحرس الثوري الإيراني."
وبحسب ما تقترحه عبادي فإن هذا القانون سوف يعمل ضد البعض ممن يمكن وصفهم على أنهم الأكثر عرضة للنقد والهجوم في إيران، حيث سيرسل العديد منهم مباشرة إلى أرض المعركة، وفي نفس الوقت فإن هناك سياسات متصلبة أخرى تستمر من أجل نقل أولئك الذين يملكون المهارات والخبرات وممن لديهم ميول إبداعية خارج البلاد للبحث عن مستقبل أفضل؛ بالرغم من الحقيقة القائلة بأن تلك النخبة الفكرية تعتبر بمثابة النشطاء المفكرين الذين تحتاجهم الجمهورية الإسلامية.
 

 

المقال على صحيفة "ديلي بيست"

المصادر: