الشهيد البطل معاذ الفضلي

الكاتب :
التاريخ : ١٢ ٢٠١٢ م

المشاهدات : 3377


الشهيد البطل معاذ الفضلي

ود قلبه لو ينطق ليقول لهم : لعنكم الله أنا قوي بهمة صاحبي بروحه التي تغذي قوتي ليلا ونهارا بعزيمته التي تزيد من دقاتي التي تمدني وتمده بالحياه
تدعون بأني سكت عن النبض ، توقفت عن الضخ ، فليوقف الله قلوبكم يا مجرمون !!
أسكتموني بأفعالكم القذرة المجردة من الرحمة ..
لا تقولوا عني ضعيفا أنا قوي حتى آخر نبضة حتى آخر صوت حتى آخر ضخة دم ..


أول شهيد في مدينة الكسوة،، صاحب ذلك القلب القوي ،، القلب (الحديدي) ،، الذي بقي 38 عاما يضج له الدم عزيزا قويا شامخا ليبقى معاذ 38 عاما لا يشبه أحدا بحبه للكرامة والحرية.
رفض كل ما يجري من ظلم وقتل واستبداد .. فخرج وتظاهر مع أهل مدينته الكسوة يوما بعد يوم لم يمل ولم يكل وكالمعتاد كان مصير كل من يخرج في تلك الأيام إما القتل برصاصهم الشيطاني العشوائي أو الاعتقال ليكون موته بطيــئا مؤلما بحق
فتربصته عيونهم لتقتنص فرصة اعتقاله لم يكونوا ليتحملوا فكرة وجود حر عزيز في هذا البلد فكانوا يصطادونهم بكل خبث ووحشية ظنا منهم أنهم سيتخلصون من أبطالنا !!
يا لغبائهم ما علموا أن كل قطرة يسقطونها أرضا ستنبت الآلاف من الأبطال من الأشبال من الحرائر
لم تكن والدة معاذ ، وهي محامية ومعلمة ستينية من أوائل النساء المتعلمات في الكسوة ، تظن أن خروجها إلى صلاة الصبح قد يتمخّض عن اعتقال أوسط أولادها ومعه أخويه ، خرجت من باب المنزل دون أن تنتبه إلى التواجد الأمني المكثّف أمام بيتها ، فقد كانت الثكنة العسكرية المقابلة لبيتهم موجودة دوماً ، ولكن عشرات الجنود والعناصر الأمنية كانوا يقفون أمامها فانتبهت وأرادت الرجوع إلى البيت من فورها
- تعالي معنا..
- لا.. لا.. سأعود إلى البيت لن أزعجكم.. سأعود إلى البيت.
- سيطلقون النار عليك إن عدت.. تعالي معنا.
لم يسمحوا لها بالعودة إلى البيت ، وأخذوها إلى المفرزة القريبة من البيت بحجة الحفاظ على سلامتها، ولكنهم في هذه اللحظة كانوا يقتحمون بيتها ويعتقلون أبنائها الثلاثة: محمد و معاذ و نِداء
حين عادت إلى البيت كان ضوء الصباح ساطعاً ، دخلت بهدوء معتقدة أن أبنائها ما زالوا نائمين، ولم يشعروا بغيابها لكنها فوجئت ببناتها الثلاث وكنّاتها واقفات في صالة المنزل ليخبروها بأن الأمن أتى وأخذ الشباب.
لم يكن أحد من الشباب يشترك بشكل فاعل في المظاهرات كـ معاذ، وربما كان هذا السبب الذي جعل محمد ونِدا يخرجان بعد يومين من المعتقل، وآثار الضرب والتعذيب تغطي جسديهما، فيما بقي معاذ هناك في غياهب الاعتقال يذوق مرارة الألم والتعذيب الوحشي، هذا ما جعل أخويه يقضيان الأيام يبحثان عنه في كل فروع الأمن المنتشرة على مساحة دمشق.
كل يوم كانت والدة معاذ تنتظر وعيناها معلقتان بساعة الحائط ، حينما تدق الساعة الثانية ظهراً تفقد الأمل بخروج معاذ وتنتظر طلوع صباح اليوم التالي.
و أخيراً قيل لهم إن معاذ في فرع أمن الدولة بكفرسوسة كما قيل لهم إن معاذ ومعه أربعة شباب من رفاقه سيخرجون اليوم 9/5/2011 إلى المحكمة ومن ثم سيطلق سراحهم.
هذا ما جعل البيت يتحول إلى ساحة عيد وصارت أخواته وزوجته يجهزن البيت للاحتفال بخروجه.
في ذاك اليوم المنشود خرج رفاقه الأربعة ولم يكن معاذ معهم! وبعد ساعات أتاهم اتصال إلى البيت فأجابت أخته..
ثم صارت تبكي وتضرب على رأسها سألتها الأم:حكموه؟
لتقول لها: يا ليت..
فردت الأم متسائلة: قوّصوه؟
قالت الابنة: مات !!!
فقد أخبروهم بأن معاذ في المستشفى وقد تعرض لأزمة قلبية !!!!!
طيلة الطريق إلى المستشفى والأم تفكر بأن قلب معاذ كان قوياً طيلة حياته، وعمله العضلي المجهد في معمل مدار للمنظفات يدلّ على ذلك كما كانت تأمل، فهي في طريقها لإنقاذ معاذ ، لأنها تعرف أن ثمة الكثير نجا من الأزمات أو السكتات القلبية
حينما وصلت الأم وابنتها إلى مستشفى المجتهد كان ولداها هناك وصار عناصر الأمن يصرخون عليهما: لماذا جلبتوها إلى هنا؟
ردّ الشابان إنها أمٌ وأتت لتطمئن على ابنها !!
فيما كانت الأم تفكر بأنها يجب ألا تنهار لأنه على ما يبدو أصبح واضحاً أن معاذ مات ..
أعطوهم الجثة مكفّنة، وكانت الأوراق معدّة سابقاً وفيها أن معاذ قد مات بسكتة قلبية, ورافقهم عناصر الأمن إلى البيت، وظلوا معهم حتى خرجت جنازته ودفن في مقبرة الكسوة.
هذا ما جعل أهله غير قادرين على رؤية جثته جيداً أو تفحصها ، كما تم منع الحديث عن تفاصيل مقتل معاذ، بل صار يشاع بأن معاذ بقي طيلة حياته مريضاً بالقلب.
لم يعرف أحد ماذا حدث بالتفصيل في فروع الموت تلك، لكن ما هو معروف أن معاذا لم يكن مريضاً أبداً، بل كان شاباً موفور الصحة والكرامة، وهذا ما جعله يدفع حياته ثمناً لخروجه في مظاهرات الكسوة من أجل الحرية المنشودة.
رحمك الله يا معاذ .. ليتنا نملك قلبا كقلبك القوي الذي ارتاعوا من مدى قوته وشموخه فحاولوا بطرقهم القذرة قتله، إذلاله
ووالله لم ينجحوا بذلك فقد استشهدت يا معاذ وأنت عزيز النفس شامخ القلب وستبقى كذلك مدى الحياة رغما عن أنوفهم المتعفنة.

 

 

قصص شهداء الثورة السورية

المصادر: