مصور بريطاني يروي تجربته: إنهم ينتظرون الموت في حمص

الكاتب :
التاريخ : ٥ ٢٠١٢ م

المشاهدات : 9651


مصور بريطاني يروي تجربته: إنهم ينتظرون الموت في حمص

مصور بريطاني يروي تجربته: إنهم ينتظرون الموت في حمص.. والله وحده يعلم ما سيحدث عندما لا تكون هناك كاميرات


وصف المصور البريطاني الذي يعمل لصحيفة «صنداي تايمز» البريطانية، والذي أصيب في حمص في حي بابا عمرو مع الصحافيين الغربيين الآخرين وجرى تهريبه بواسطة النشطاء السوريين ما يحدث هناك بأنه مجزرة وليس حربا، وقال في لقاء تلفزيوني مع شبكة «سكاي نيوز» البريطانية من المستشفى في بريطانيا حيث يعالج من إصابته، كما قال في مقابلة أخرى مع برنامج «نيوز نايت» في «بي بي سي»: إن التاريخ سيحكم على قصف النظام السوري محافظة حمص على أنه مذبحة تضاهى بما حدث في رواندا أو سربرينيتسا.

وقال بول كونروي (47 عاما) لبرنامج «نيوز نايت» الذي تذيعه هيئة الإذاعة إنه شهد بعينيه «عملية ذبح منهجية للمدنيين». ونقل تقرير أورده الموقع الإلكتروني لـ«بي بي سي» عن كونروي أنه على الرغم من خبرته الصحافية في مناطق الحروب فإنه لم يشهد «أي شيء بهذا المستوى». كان كونروي قد تم تهريبه إلى لبنان بمساعدة معارضين سوريين. وأضاف: «ليست هناك أهداف عسكرية، إنه ذبح منهجي بحت للمدنيين. إن الهدف الوحيد لإطلاق تلك القذائف هو القضاء على الناس والمباني في بابا عمرو».

وقال المصور البريطاني في اللقاء مع «سكاي نيوز» حول حالته الآن: «أشعر بتحسن كبير، لقد تم وضع كل شيء في الاعتبار، فقد قاموا بعمل ثقبين كبيرين في قدمي، ثم قاموا ليلة الأمس بإخراج شظية بطول 3 بوصات من ظهري، لم أكن أعلم بوجودها في ذاك المكان، لكن سارت الأمور على ما يرام. وتلقيت العلاج كما ينبغي وأنا في خير حال». وبشأن الظروف والوضع في حمص وقت وجوده هناك وكيف ساءت الأمور، قال: لقد وصلنا إلى حمص في المساء، وعادة ما تكون الأوضاع هادئة في الليل بشكل عام؛ حيث إن الليل هو الوقت الوحيد المناسب للقيام بأي شيء. عادة ما يشن الهجوم كل صباح في الساعة 6:30 لأسباب نفسية ومعنوية، وفي الساعة 6 بدأ القصف. لقد عملت في الكثير من مناطق الحرب، ولكني لم أرَ ولم أوجد أبدا في مكان يتعرض للقصف بهذه الصورة؛ فهو قصف منهجي. لقد كنت أعمل في الماضي في سلاح المدفعية؛ لذا أستطيع تمييز نمط القصف. إنهم يتنقلون بأسلوب منهجي في الأحياء ومعهم الذخائر التي تستخدم في ساحات الحرب. لقد تم استخدام هذا الأسلوب في مساحة تصل إلى عدة كيلومترات مربعة. والشيء العصي على الفهم هو كيف يمكنهم إطلاق هذا الوابل من النيران. نحن صحافيون ونفهم مثل هذه الأمور ورأينا ذلك من قبل، لكن هناك رجالا ونساء وأطفالا يرتعدون خوفا في منازلهم. لقد تجاوز الأمر مرحلة الصدمة من القصف. ولا توجد أهداف للقصف في حي بابا عمرو؛ فهم يطلقون القذائف بشكل عشوائي. ويوجد الجيش السوري الحر هناك فقط لجلب الخبز والتصدي للهجوم البري. لقد ازدادت كثافة القصف الأسبوع الماضي؛ حيث لم يمر يوم من دون أن يعاني الحي القصف. وتحاول القوات الحكومية دفع الناس إلى داخل الحي، وهي محاولة لارتكاب مجزرة. مجرد التفكير في أن هذا هو فقط ما تراه يثير الرعب داخل النفوس.

الله وحده يعلم ماذا يحدث عندما لا تكون هناك كاميرات في هذا المكان - كما هو الحال الآن. لقد فات الأوان على أي كلام من الممكن أن يقال. لقد انتهى وقت الحديث تماما. تحدث الآن أعمال قتل ومجازر على نطاق واسع. مع الأسف لقد كانوا يأتون إلي ويسألونني: «أين المساعدة؟».

لقد أتى إلي الناس بنصف جسد طفل وقالوا لي: «أنقذوا أطفالنا، أين العون؟»، لكني لم أجد الجواب. لا أعلم كيف نستطيع الانتظار ومشاهدة هذه الأحداث المؤسفة. هذه ليست حربا بل مجزرة. إنها مجزرة تتم بعشوائية للرجال والنساء والأطفال.

* ماذا عن الوضع الإنساني في ما يخص الطاقة والطعام وغيرهما من الأشياء؟

- لا توجد طاقة أو مياه. لا توجد مياه في المستشفيات، والطعام هناك شحيح جدا، وما تبقى للأكل هو البسكويت فقط. إن الوضع هناك أشبه بكارثة؛ حيث تتساقط الثلوج هناك الآن ولا يستطيع هؤلاء الناس إشعال النار؛ حيث إن القوات موجودة هناك على الأرض. إنه فشل ذريع. ستمر الأعوام المقبلة، ونفنى في يوم ما. كيف نترك هذا يحدث تحت أسماعنا وأبصارنا؟ تكمن المشكلة الكبرى الآن في أن مدينة حمص كانت منظمة بطريقة جيدة في ما يخص وسائل الإعلام. لقد كان باستطاعتنا دخول المدينة وإخراج بعض المقاطع المصورة التي نشرت على الـ«يوتيوب» عنها. وما إن سقطت حمص لم أستطع التواصل مع مدينة حماه، التي تقع على مرمى حجر من حمص. ولم يستطع حتى الجيش السوري الحر إجراء اتصالات.

* في رأيك، ما الشيء الذي يريد مواطنو حمص أن تقوله نيابة عنهم؟

- لا أود أن أتوجه بالكلام لشخص ما، من فضلكم انسوا أمر الجغرافيا السياسية، انسوا أمر الاجتماعات، انسوا أمر تلك الأشياء كلها، وقوموا بعمل شيء ما؛ لأنه بينما أتحدث إليك الآن، هناك أناس يموتون هناك. يود المواطنون هناك أن يقولوا: من فضلكم أمدونا بالعون؛ لأنهم بحاجة إليه. يتجاوز هذا الأمر نطاق الاجتماعات، هم يريدون حدوث شيء على الأرض.

* هل لديك أي معلومات عن عدد الناس الذين قتلوا أو أصيبوا في حمص أو أولئك الذين يحتاجون العون من المجتمع الدولي؟

- لا يزال هناك آلاف الأشخاص في حمص. ويعتقد الناس أن السوريين قد فروا جميعهم من حمص، لكن ذلك غير صحيح. إنهم يعيشون وسط حطام المواقع التي يتم قصفها. وهناك سرير واحد لكل 6 أطفال، وهناك غرف مليئة بالأشخاص الذين ينتظرون الموت، إنهم ينتظرون الموت، ولا يرون أي عون أو مدد في الطريق. هم فقط ينتظرون اللحظة التي يقتحم فيها الجنود الأماكن التي يوجدون فيها ليقتلوهم. هذه ليست أوهاما، لقد كنا هناك وكانوا يقدمون لنا تقارير يومية لما يحدث. لقد مكثنا 5 أيام في غرفة في بناية ما؛ حيث كان يتم قصف تلك البناية بصورة مباشرة. خرجت إلى الشارع فوجدت أن الشارع قد اختفى. إنها تشبه غروزني في الشيشان. لقد كان هناك ناس في المنازل كلها.

* ماذا تريد أن تقول كتأبين لزميلتك ماري كولفن التي لقيت حتفها للأسف هناك؟

- لقد كانت إنسانة مميزة، وكان العمل معها فقط فرصة كبيرة لي. كانت تتسم بالعناد وواحدة من أكثر الناس الذين عرفتهم شجاعة. وتقتضي مني الأمانة القول إنه لم يكن بمقدورنا اختيار طريقة موتنا، لكن ماري قضت وهي تقوم بشيء كانت متحمسة له تماما. لقد كانت تواجه واحدا من أخطر المواقف في العالم حاليا، وكل ما كانت تبتغيه هو أن تقول الحقيقة. لقد كانت مرعوبة، ولهذا السبب أشعر بأنني لا أريد التحدث عن نفسي.

عندما يمضي الزمن، سوف ننظر للوراء ونشعر بالخزي لأننا جلسنا نتفرج على هذه المذابح وهي تتكرر، مثلما كان الوضع في سربرينيتسا ورواندا. لم يفت الأوان بعد، لكننا بحاجة إلى شخص ما يسارع بعمل شيء ما، وإلا فلتنسوا هذا الأمر؛ لأننا سوف نتحدث عن مجزرة غير مسبوقة. وختم المصور المقابلة مع «سكاي نيوز» قائلا: افعلوا شيئا ما

المصادر: