سفينة الأحزان

الكاتب : محمد الفاضل
التاريخ : ٢٣ ٢٠١١ م

المشاهدات : 3528


سفينة الأحزان

تبحر بنا سفينة الأحزان على وقع دقات القلوب المتسارعة وإيقاعات نبضها الجريحة، والتنهيدات الموجعة وأدعية الأمهات وصلواتها، لا تلوي على شيء. تمخر عباب الغربة وتتقاذفها الأمواج، أشرعتها أسمال مرقعة وبقايا صور قديمة في حقيبة مهترئة، وجهتها كل مرافئ التيه. نسير على غير هدى خلف الأسوار البعيدة علنا نجد ضالتنا في المدن الغريبة! ربانها شديد الصرامة ترتسم على محياه علامات الضيق والحيرة ويمطرنا بوابل من الأسئلة، مستنكراً: كيف تركت الوطن أيها الغريب؟ سؤال فجر في مكامن ذاتي وأعماق روحي الدفينة بركاناً من الشوق والشجن.. سأكتب حكاية وطني بمداد دموع الأمهات وآهات الثكالى فوق البحور البعيدة، وفي ظلال الغابات الموحشة وليالي الشتاء القارسة، حكاية وطني الجريح وكل الطيور التي هجرت الوطن.
طيور بلا أجنحة تجتر الأحزان والحنين في الغربة، تتجرع مرارة كؤوس الأوجاع المترعة. سأبحث في ثنايا الذاكرة عن أجمل لحظات عمري وملاعب الصبا علها تهدهد أوجاعي المزمنة!! سقى الله تلك الأيام الغابرة حيث القلوب تشع دفئاً وألقاً، تعب النسمات في رياض الأفنان الساحرة.
سنرجع يوماً يا وطني الحبيب الذي أثخنته الجراحات، وألهبت ظهره سياط الجلادين، وعهر المتملقين، وقوافل المتفرجين، وهواة المهل العربية!!! هي طغمة من وحوش كاسرة، في غيها، سادرة صبغت ربوع بلادي بلون أحمر قان، وأزهقت أنفساً طاهرة! سنرجع مهما طال الزمان، وسينفض شجر الحور والجوز عنه غبار الحقد والبارود لتعود أوراقه خضراء يانعة. سنكتب فوق أرصفة الأحزان ودروب الغربة ومرافئ التيه حكاية وطن لا تسعه الكلمات، ويهيم في حبه العشاق، ويتلذذ بذكره السمار، ستروي الأرض حكاية أبنائها الطيبين الذين رووا بدمائهم ثراها فأنبتت شقائق النعمان.

المصدر: موقع أرفلون نت

المصادر: