..

ملفات

الكُتَّــاب

أرسل مشاركة


سوريا المعاصرة

فتح دمشق

فتحي حمادة

١٤ ٢٠١٣ م

تصدير المادة

pdf word print

المشاهدات : 8308

فتح دمشق
دمشق00.jpeg

شـــــارك المادة

لما انتصر المسلمون في موقعة اليرموك أمر أبو عبيدة بن الجراح - رضي الله عنه - الجنود بالتحرك إلى دمشق، وكان قائدَ الجيوش بعد أن ولاَّه أمير المؤمنين عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - بدلاً من خالد بن الوليد - رضي الله عنه - فنزلوا على مكانٍ يسمَّى مَرْج الصُّفَّر، وقد أتاه الخبر بقدوم مددِهم من حمص، وجاءه الخبر بأنه قد اجتمع طائفة كبيرة من الروم بفحل من أرض فلسطين، وهو لا يدري بأي الأمرين يبدأُ.

 

 

فكتب إلى عمر في ذلك فجاء الجواب: (أن ابدأ بدمشق؛ فإنها حصن الشام، وبيت مملكتهم، فانهد لها، واشغلوا عنكم أهل (فحل) بخيول تكون تلقاءهم، فإن فتحها الله قبل دمشق، فذلك الذي نحب، وإن فتحت دمشق قبلها فسِرْ أنت ومَن معك، واستخلف على دمشق، فإذا فتح الله عليكم (فحل)، فسِرْ أنت وخالد إلى حمص، واتركْ عمرًا وشُرَحْبيل على الأردن وفلسطين)، فسرَّح أبو عبيدة إلى (فحل) عشرة أمراء، مع كل أمير خمسة أمراء، وعلى الجميع عمارةُ بن مخشي الصحابي، فساروا من (مرج الصفر) إلى (فحل)، فوجدوا الروم هنالك قريبًا من ثمانين ألفًا، وقد أرسلوا المياه حولهم حتى أردغت الأرض، فسمَّوا ذلك الموضع الرَّدْغة، وفتَحَها الله على المسلمين. فكانت أول حصن فُتح قبل دمشق.

وبعث أبو عبيدة جيشًا يكون بين دمشق وبين فلسطين، وبعث ذا الكلاع في جيش يكون بين دمشق وبين حمص؛ ليردَّ مَن يرد إليهم من المددِ من جهة هرقل، ثم سار أبو عبيدة من مرج الصُّفَّر، قاصدًا دمشق، وقد جعل خالدَ بن الوليد في القلب، وركب أبو عبيدة وعمرو بن العاص في المجنبتين، وعلى الخيل عياض بن غنم، وعلى الرجالة شُرَحْبيل بن حسنة، فقَدِموا دمشق، وكان أميرهم نسطاس بن نسطوس، فنزل خالد بن الوليد على الباب الشرقي واليه كيسان أيضًا، ونزل أبو عبيدة على بابِ الجابية الكبير، ونزل يزيد بن أبي سفيان على باب الجابية الصغير، ونزل عمرو بن العاص وشُرَحْبيل بن حسنة على بقية أبواب البلد، ونصبوا المجانيق والدبابات، وقد أرصد أبو عبيدة أبا الدرداء على جيش ببرزة يكونون رِدْءًا له، وكذا الذي بينه وبين حمص، وحاصروها حصارًا شديدًا سبعين ليلة، وقيل أربعة أشهر، وقيل ستة أشهر، وقيل أربعة عشر شهرًا، فالله أعلم،
وأهل دمشق ممتنعون منهم غاية الامتناع، ويرسلون إلى ملكِهم هرقل - وهو مقيم بحمص - يطلبون منه المددَ، فلا يمكن وصول المدد إليهم من ذي الكلاع الذي قد أرصده أبو عبيدة -رضي الله عنه- بين دمشق وبين وحمص - عن دمشق ليلة - فلما أيقن أهل دمشق أنه لا يصل إليهم مدد أبلسوا وفَشِلوا وضَعُفوا وقَوي المسلمون، واشتدَّ حصارهم، وجاء فصل الشتاء، واشتدَّ البرد، وعسر الحال، وعَسُر القتال، فقدَّر الله الكبير المتعال ذو العزة والجلال أن وُلِد لبطريق دمشق مولودٌ في تلك الليالي، فصنع لهم طعامًا، وسقاهم بعده شرابًا، وباتوا عنده في وليمته، قد أكلوا وشربوا، وتعبوا فناموا عن مواقفهم، واشتغلوا عن أماكنهم، وفطن لذلك أمير الحرب خالد بن الوليد؛ فإنه كان لا ينام، ولا يترك أحدًا ينام، بل مُرَاصدٌ لهم ليلاً ونهارًا، وله عيون وقصَّاد يرفعون إليه أحوال المقاتلة صباحًا ومساءً، فلما رأى خمدة تلك الليلة، وأنه لا يقاتل على السور أحدٌ، كان قد أعدَّ سلاليم من حبالٍ، فجاء هو وأصحابه من الصناديد الأبطال؛ مثل: القعقاع بن عمرو، ومذعور بن عدي، وقد أحضر جيشه عند الباب، وقال لهم: إذا سمعتم تكبيرَنا فوق السور فارْقَوْا إلينا، ثم نهد هو وأصحابه فقطعوا الخندق سباحة بقِرَب في أعناقهم، فنصبوا تلك السلالم، وأثبتوا أعاليَها بالشرفات، وأكدوا أسافلها خارج الخندق، وصَعِدوا فيها، فلما استَوَوا على السور رفعوا أصواتهم بالتكبير، وجاء المسلمون فصَعِدوا في تلك السلالم، وانحدر خالد وأصحابه الشجعان من السور إلى البوَّابين فقتلوهم، وقطع خالد وأصحابه أغاليق الباب بالسيوف، وفتحوا الباب عنوةً، فدخل الجيش الخالدي من الباب الشرقي، ولما سمع أهل البلد التكبير ثاروا وذهب كل فريق إلى أماكنِهم من السور، لا يَدْرُون ما الخبر؟
فجَعَل كلما قَدِم أحدٌ من أصحاب الباب الشرقي قتله أصحاب خالد، ودخل خالد البلدة عَنوة فقتل مَن وجده، وذهب أهل كل باب فسألوا مِن أميرهم الذي عند الباب من خارجٍ الصلحَ - وقد كان المسلمون دَعَوهم إلى المشاطرة، فيأبون عليهم - فلما دَعَوهم إلى ذلك أجابوهم، ولم يعلم بقيَّة الصحابة ما صنع خالد، ودخل المسلمون من كل جانب وباب، فوجدوا خالدًا وهو يقتل مَن وجده، فقالوا له: إنَّا قد أمنَّاهم، فقال: إني فتحتُها عَنوة، والتقت الأمراء في وسط البلد عند كنيسة المقسلاط بالقرب من درب الريحان اليوم.

 

 

 

الألوكة

تعليقات الزوار

لم يتم العثور على نتائج

أضف تعليقًا

جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع