لا تكونوا حالقة الثورة الشامية

الكاتب : أحمد موفق زيدان
التاريخ : ٩ ٢٠١٦ م

المشاهدات : 3620


لا تكونوا حالقة الثورة الشامية

قال عليه الصلاة والسلام: «دب إليكم داء الأمم قبلكم: الحسد، والبغضاء، هي الحالقة، حالقة الدين، لا حالقة الشعر، ألا أخبركم بما هو خير لكم من الصوم والصلاة؟ صلاح ذات البين، صلاح ذات البين».

اليوم نعيش الخطر الداهم الذي يهدد الثورة الشامية، وهو زراعة الخلاف بين المجاهدين والثوار، فبعد أن عجز التآمر الكوني عن ثورة الشام عسكرياً، ها هو يسعى إلى تغذية الخلاف والحسد والبغضاء وحتى الاقتتال بين فصائل المجاهدين، وذلك لإذهاب ريحهم أولاً، وزرع التشاؤم واليأس والقنوط في صفوف الشعوب حاضنة الثورة، تجاه البديل، أملاً أن يتم الاحتفاظ بالباطل والاستبداد والإجرام والاحتلال.
نكتب هذا والقلوب تتفطر على ما يجري بالغوطة وغيرها من خلافات بين فصائل المجاهدين، وكأن ما يتعرض له الشعب المسلم الثائر لا يكفي لتأتي هذه الفصائل فتصب زيتها على نار جرائم الاستبداد والاحتلال الأجنبي، وهنا لا بد أن نكون واضحين فلم يعد من المقبول أن تضع هذه الفصائل الشعب بين ثنائية مانوية، طائفة منصورة، وغيرها مهزومة مخذولة، ولم يعد مقبولاً رفع شعار معاداة السامية الجديدة، فهذا من الغلاة وذاك من البغاة وآخر من الطغاة، وحينها ربما لن يسلم أحد من أهل السنة في الشام إلا من كان على عهد المصنفين، وهنا أستذكر التصنيفات التي حصلت بالعراق فصنف أهل السنة بين تكفيريين وزرقاويين وقاعديين وصداميين وبعثيين، في حين لم نعثر في الصف الآخر على تصنيف واحد لعصاباتهم، «هو سماكم المسلمين».
الشعب السوري انتفض منذ البداية على الطاغية والطائفيين، واليوم ينتفض على الاحتلال الإيراني والروسي ومليشياتهم الطائفية، ولا نريد حرف البوصلة عن هؤلاء القتلة المجرمين، ولا يمكن للشعب السوري أن يقبل بتحول هذا الفصيل أو ذاك إلى جيوش أنطوان لحد أو كلاب صيد ضد هذا الفصيل أو ذاك، إلا إذا اصطف ذاك الفصيل مع الطاغية والاستبداد والإجرام.
لم يعد من السهولة بمكان خديعة الشعب السوري بتهييجه على فصيل ضد آخر، فالشعب أذكى من كل من يظن أنه بمقدوره خديعته، ووسائط التواصل الاجتماعي المجانية كسرت كل احتكار المؤسسات الكبرى، وبإمكان المرء أن يختار ما يراه صحيحا.
إن حلب الشهباء التي غدت حلب الشهداء كانت تستصرخكم، وكذلك الغوطة المحاصرة استصرختكم لسنوات، وعلى بعد ربما أمتار منكم سجون أخواتكم وبناتكم وزوجاتكم تستصرخكم وهنّ في أسر الفرس وحثالاتهم، وأنتم لم تحركوا دباباتكم ومدفعياتكم إلا على بعضكم، فرأينا الخطب الرنانة والتهديدات بالويل والثبور وعظائم الأمور لبعضكم بعضا، وللأسف انجرّ خلف هذا الخطاب القميء بعض الشخصيات بين مؤيد لهذا الفصيل أو ذاك الفصيل، ولم يدر هؤلاء المساكين البعيدون عن الواقع أن هذه الفصائل تتقاتل ثم قد تتصالح فيما بينها لتبوء هذه الشخصيات بإثم الانحياز شبه الأعمى لهذا دون ذاك، وإن لم يتصالحوا فإن التحريض على دم مسلم عاقبته أشد وأخزى في الآخرة.
إن أكبر مهمة يقوم بها القادة والرموز احترام بعضهم، ليضمنوا احترام العوام لهم، وحين يظن أحدهم أنه أسقط خصمه فإنما أسقط نفسه، ومن تطاول على خصمه سيتطاول الآخرون عليه، لننظر كيف يُعظم السفلة رموزهم، فنشر وإشاعة ثقافة التفاؤل هي القادرة على هزيمة الطغاة والاستبداد، والتيئيس هو في نشر ثقافة التشاؤم وهو سلاح الطغاة والاحتلال، فالمعركة بالحقيقة معركة كسر الإرادات، وكسر المعنويات، وهذه الأمة منصورة مهما استنسر البغاث عليها بإذن الله.
إن الثورة الشامية انتصرت يوم هزمت العصابة الطائفية، ثم هزمت استنجادها بالحثالات الطائفية والصفويين، ثم انتصرت يوم أضيف إليهم القتلة الروس، والآن يضاف إليهم الخبث الأميركي، لكن ثورة ثبتت وصمدت بوجه كل هؤلاء فهي منصورة بإذن الله، ورسول السماء وعدها بذلك، وما عليك أخي المسلم الممول أو المجاهد أو المناصر إلا أن تكون مع المجاهدين لا أن تكون عليهم.

 

 

العرب القطرية

المصادر: