كارثتان إضافيتان لإدارة أوباما قبل رحيلها

الكاتب : علي حسين باكير
التاريخ : ٩ ٢٠١٦ م

المشاهدات : 4481


كارثتان إضافيتان لإدارة أوباما قبل رحيلها

وكأن ما تسببت به إدارة أوباما من كوارث لمنطقة الشرق الأوسط خلال الأعوام الماضية بسبب سياساتها التي وصفت بالحمقاء والمترددة والساذجة لم يكن كافيا حتى نراها الآن تعدّ لكارثتين محتملتين قبل رحيلها بأشهر قليلة.

المتابع للتصريحات التي صدرت عن مسؤوليين أمريكيين خلال الأسبوع الماضي لا سيما تصريحات وزير الخارجية جون كيري يستطيع أن يستنتج أنّ الإدارة تحضّر لخطوات إضافية سيكون لها إنعكاسات سلبية على منطقتنا لا سيما في ما يتعلّق بالاتفاق النووي مع إيران من جهة، وفي ما يتعلّق بالأزمة السورية التي ما تزال مفتوحة من جهة أخرى.

في الملف الإيراني، تبيّن خلال الأسبوع الماضي أنّ إدارة أوباما تحاول تخفيف القيود التي تعيق استخدام إيران للدولار في تعاملاتها التجارية عبر النظام المالي الأمريكي وذلك بهدف تسهيل التجارة بين إيران وغيرها من بلدان العالم ولاسيما الدول الأوروبية والسماح لها باستخدام الدولار في تعاملاتها التجارية على نطاق واسع وهو أمر لم تصرّح عنه الإدارة الأمريكية سابقا عندما تمّ التوصل إلى الاتفاق النووي بل على العكس، فقد شددت الإدارة على تمسكها بمزيد من العقوبات المتعلّقة بالجانب الأمريكية لإلزام إيران بالاتفاق والتأكد من أنها لن تخرقه.

ما يحصل الآن مخالف لما طرحته إدارة أوباما عندما كانت تسوّق للإتفاق، إذ تتمادى إيران اليوم في خرق الاتفاق والقوانين الدولية في وقت تتراخى فيه الإدارة إلى الحد الأقصى الذي يجعلها تذهب حتى باتجاه اتخاذ إجراءات تعمل من خلالها على تسهيل تجارة إيران بالدولار الأمريكي.

هذا الأمر دفع الكونغرس إلى التحقيق في ما إذا كانت إدارة أوباما قد المشرّعين سابقا بخصوص التنازلات التي قدّمتها للتوصل إلى الاتفاق النووي وعمّا إذا كانت إدارة أوباما تحاول بشكل صامت الآن تقديم المزيد بموجب إلتزامات مرتبطة بهذه التنازلات، خاصّة أنّ الحديث عن نيّة إدارة أوباما تقديم تنازلات إضافية في ما يتعلق بتسهيل التجارة الإيرانية بالدولار كان قد ترافق مع إعلان الأخيرة عن صفقات تسلّح مع روسيا وقرب استلامها للشحنة الأولى من نظام الدفاع الصاروخي (أس-300) وهي أمور كانت الإدارة الأمريكية قد قالت سابقا بأنّها لن تسمح بحصولها طالما أنّها موجودة.

كما قام كل من السناتور ماركو روبيو والسناتور مارك كيرك بمعارضة طرح مشروع قانون لإدارة أوباما لتأمين مثل هذه التسهيلات المالية لإيران في وقت تقوم فيه الأخيرة بشكل مستمر بالتأكيد على خرقها للقوانين الدولية لاسيما من خلال تكثيفها لإجراءات تجاربها الصاروخية البالستيّة البعيدة، وزيادة دعمها العسكري والمالي للأسد، وتدريب المزيد من المليشيات العراقية الطائفية وإرسال المزيد من الأسلحة لجماعة الحوثي واختطاف لبنان وتهديد السعودية والكويت والبحرين بشبكات عملائها ومجموعاتها الإرهابية.

المثير للسخرية أنّه وفي ظل هذه الحقائق، إعتبر وزير الخارجية جون كيري في تصريح له قبل أيام فقط أنّ إيران أصبحت أقل خطرا ممّا كانت عليه، أنّها تستحق الحصول على مكافآت ومنافع نتيجة التزامها بالاتفاق في وقت صرّح فيه أوباما نفسه بأنّ إيران لم تلتزم بروح الاتفاق. كما أعلن كيري أنّ بلاده مستعدة لمناقشة ما سماه "ترتيبات جديدة" مع إيران بخصوص التجارب الصاروخية، وهو مؤشّر سلبي على خضوع الإدارة للابتزاز الإيراني الواضح واستعدادها تقديم المزيد من التنازلات في إطار صفقات أخرى لضمان عدم انهيار الاتفاق قبل رحيلها.

أمّا في ما يتعلّق بالكارثة الأخرى لإدارة أوباما فهي ستكون على ما يبدو في الملف السوري. إذ نشرت خلال الأسبوع الماضي سلسلة من التصريحات والتصريحات المضادة الأمريكية والروسية بخصوص موضوع "مصير الأسد"، وعلى الرغم من أنّ التصريحات الأمريكية جاءت لتنفي ما قيل على لسان الروس إزاء تأجيل البحث بمصير الأسد، إلا أنّها أكّدت من حيث لا تعلم صحّة ما يقال عن تراجع أمريكي إضافي في الملف السوري لايسما بعد زيارة جون كيري الأخيرة إلى موسكو ولقائه وزير الخارجية الروسية سيرجي لافروف.

التصريحات الأمريكية تشير إلى أنّ هناك قبولا غير معلن للإدارة الأمريكية في أن يبقى الأسد في السلطة خلال العملية الانتخابية وحتى 18 شهرا إلى حين إجراء الانتخابات الرئاسية وهو المطلب الذي تتمسك به موسكو منذ انخراطها في الملف السوري، ليس هذا فقط، بل إنّ الادارة الأمريكية تريد من المسار السياسي الذي من المفترض أن يتعارض مع بقاء الأسد أن ينجح في ظل هذا التناقض وفي ظل رفض المعارضة السورية مثل هذا الأمر.

ولأنّ الإدارة الأمريكية لا تريد التصريح عن هذه النوايا، فإنها تريد أن تدفع المعارضة السورية بشكل غير مباشر إلى قبول ما لا يقبل بحجّة أنّ السوريين اتفقوا عليه مع تهديدها في المقابل بأنّ  انسحابها من المفاوضات السياسية سيؤدي إلى خسائر فادحة للمعارضة سياسيا وعسكريا، وهو الأمر الذي يفهم منه على أنّه تهديد مبطّن للمعارضة السورية بعدم مغادرة المفاوضات، ولي لذراعها.

مثل هذه التصورات إن صحّت في النهاية لا يمكن وصفها بأقل من كارثة جديدة، والمشكلة الأكبر أنّ المشاكل الحقيقة التي ستخلّفها هذه الإدارة ستنفجر حتما على نطاق أوسع بعد مغادرتها.

 

 

عربى21
 

المصادر: