ما الذي يمنع واشنطن من التدخّل العسكري في سوريا؟

الكاتب : زمان الوصل
التاريخ : ٨ ٢٠١٢ م

المشاهدات : 6774


ما الذي يمنع واشنطن من التدخّل العسكري في سوريا؟

غادر مساعد وزيرة الخارجيّة الأميركية لشؤون الشرق الأدنى جيفري فيلتمان ورئيس لجنة القوّات المسلّحة في الكونغرس الأميركي جوزف ليبرمان بيروت وسط تفسيرات عدّة. لكن ما أجمعت عليه القيادات اللبنانية أن لا قرار أميركيّاً بالقيام بأيّ عمل عسكريّ ضدّ سوريا، فما الذي يمنع ذلك إلى اليوم؟

 


قبل أن تطأ أقدام المسؤولين الأميركيّين بيروت الأسبوع الماضي كان عدد قليل من القيادات اللبنانية يناقشون في معلومات دقيقة وموثّقة تتحدّث عن الظروف التي دفعت الولايات المتحدة الأميركية لتأجيل البحث إلى اليوم في أيّ عمل عسكري ضدّ سوريا عبر مجلس الأمن الدولي أو عبر حلف شمال الأطلسي.
وتشرح بالتفصيل الظروف التي حكمت الموقف الأميركي الذي لم يجارِ أيّاً من الذين وجّهوا الدعوة إلى التدخل العسكري في سوريا على مستوى أعضاء الكونغرس والمشرّعين الأميركيّين. بل على العكس، فقد ردّت عليها الإدارة الأميركية في المناقشات السرّية والعلنية بالكثير من البرودة التي لا توحي بإعطاء الضوء الأخضر إلى أيّ من الداعين إلى الخيار العسكري.
ويسارع المُطّلعون إلى القول أن ليس في خلفيّات الموقف الأميركي ما ينفي وجود مثل هذه الخيارات الموضوعة منذ سنوات عدّة. لكن هنالك حسابات أخرى دفعت باتّجاه التريّث حيال أيّ عمل عسكريّ في المنطقة في ظلّ التوازنات الدولية القائمة التي تتحكّم بالعلاقات بين الولايات المتّحدة وروسيا بشكل خاص.
وفي الدوافع، تقول المعلومات إنّ الإدارة الأميركية استندت في موقفها إلى سلسلة من العناصر التي تبعد هذا الخيار من التداول منعاً لـ "تداعيات إقليمية كبيرة من مثل هذا العمل".
ومرَدّ هذه القراءة الأميركيّة إلى النظرة المغايرة الموجودة لديها تجاه الوضع في سوريا. فهي لم تشبّهها بأيّ بلد آخر من دول المنطقة التي شهدت أحداثاً مماثلة. فالمعارضة السوريّة لم تنجح إلى اليوم في بناء موطئ قدم يشبه ما حدث في ليبيا في تجربة استنسخت الشريط الذي قام في شمال العراق وكردستان العراق قبل العام 2003.
وفي المعلومات أيضاً أنّ الإدارة الأميركية تخشى من أن تنزلق إلى عمل عسكريّ بالاستناد إلى الشهادة التي أعطاها قائد القيادة الوسطى الأميركية الجنرال جيمس ماتيس أمام مجلس الشيوخ الأميركي ولجنة القوّات المسلّحة في 6 آذار الماضي، عندما قال: "إنّ أيّ عمل عسكري في هذا البلد لن يكون سهلاً..."، وقال ما معناه: "إنّ عدم وجود أيّ مناطق آمنة في سوريا يعني صعوبة في نشر عدد كبير من القوّات البرّية لإنشائها". كما حذّر من معلومات موثّقة تقول بـ"امتلاك الحكومة السوريّة لأسلحة كيماويّة وبيولوجية". وعندما سئل عن احتمال فرض منطقة حظر للطيران فوق سوريا، كما فعلت قوّات حلف شمال الأطلسي في ليبيا، أجاب: "إنّ من الأخطار المحتملة وجود أنظمة دفاع متطوّرة لدى السوريّين تلقّوها مؤخّراً من روسيا".
وفي القراءة الأميركية لمعلومات ماتيس أنّ هذه المعطيات شكّلت نقضاً للكثير من الخطط الأميركية التي تحدّث عنها أميركيّون، فتقدّمت على ما عداها من الآراء الأخرى. وناقش المسؤولون الأميركيّون معلومات دقيقة عن حجم الأسلحة التي نقلها الروس مطلع العام الجاري في آخر زيارة قامت بها بوارج من الأسطول الروسي إلى ميناء طرطوس. وهي تتّصل بأنظمة الدفاع الجوّية المتقدّمة لمواجهة حركة الطيران بما فيها صورايخ أرض جوّ متطوّرة للغاية
(اس 300) نصبتها روسيا على الأراضي السوريّة بإشراف الخبراء الروس والذين قيل إنّهم ما زالوا فيها للإشراف عليها إذا كان هناك خطر داهم، وبالتالي تدريب السوريّين على استخدامها في وقت لاحق.
وبناءً على ما تقدّم يعتقد الأميركيّون أنّ هذه العوامل ستؤدّي إلى مواجهة ستتحوّل بأسرع وقت ممكن إلى حرب كبرى ينأى عنها الأميركيّون والروس في آن. وبعيداً من التفاصيل الإضافيّة التي تصبّ في الإطار عينه، قالت المراجع الدبلوماسية: إنّ رفض الولايات المتّحدة الخيار العسكري لا يعني أنّها تحمي النظام. لا بل هي تراهن على وسائل أخرى لسقوطه من الداخل على المستويات الاقتصادية من جهة أو فقدان الدعم الخارجي عندما تتقدّم أية مفاوضات تجري في الخفاء مع قوى مؤثّرة في الساحة السوريّة ويعزّزها ضعف النظام يوماً بعد يوم من جهة أخرى.
وإلى تلك المرحلة يمكن فهم الحديث الأميركي والتوقعات بشأن سقوط النظام السوري ولو بعد وقت طويل. فالأحداث تنهك النظام ومؤسّساته الأمنية والعسكرية، فيما العقوبات الدوليّة تركّز على الجوانب الاقتصادية والمالية الأخرى وصولاً إلى مرحلة قد تطول لإسقاطه، ولكن لا مواعيد محتملة تشير إلى نهاياتها على الإطلاق.

المصادر: