كلا لست قائدي..

الكاتب : محمد مغربي
التاريخ : ١٧ ٢٠١٦ م

المشاهدات : 2538


كلا لست قائدي..

كلا لست قائدي..
فإني لا أحب الخطابات التي تنسجها مكسوة بالعجز والغبار، ولم أعد أثق بالوعود التي قتلت الجوع قبل أن يزحف، وردت البرد قبل أن يأتي، وقضت على العدو قبل أن يظهر، وفكت قبل الحصار الحصار..


كلا لست قائدي..
ما عدت أومن بهذا السيف الذي باعوك إياه بالذهب، ما عدت مقتنعا أنه في يديك مفتاح نصر وأنه السلاح اﻷخير في حلب، اسمح لي أن أقول لك : ضحكوا عليك يا قائد هذه اﻷلوف، إن سيفك من خشب..


كلا لست قائدي..
ﻷنك لا تجوع، ولأنك لم تشعر بالبرد منذ أكثر من شتاء، وﻷنك لا ترى اﻷطفال الذين يشعلون أعواد الثقاب الحزينة قبل أن يستسلموا للنعاس ويلتحفوا العراء، وﻷنك عندما تستلقي على فراشك الوثير يموت على أعتاب أذنيك النداء.


كلا لست قائدي..
فالقائد لا يقاتل من بعيد، ويظل في ساح القتال بين البنادق والجنود، يمسح الجبين المتعب،
يعود المصاب والمريض، يخيط ثوبه للمرة العاشرة، يمسح بكفه رأس أبناء الشهيد، يبيع نفسه فداء أمته، ويبقى حتى آخر عمره يضرب عدوه بالنار والحديد..


كلا لست قائدي..
يا من بعت حناجر الأطفال بزهيد الثمن، وأحرقت الرايات وسرقت نجومها، وشربت من عرق المتعبين نخب الانتصار ونخب الوطن، وصنعت في كل شارع صنما أو وثن ..


كلا لست قائدي..
فالمدينة المحاصرة ما زالت تسجل في دفترها، وترفض أن تذكرك في صفحة من صفحاتها، ففي دفترها صفحة للمتعبين الذين قدموا لها نفوسهم والدماء، وصفحة للبطولات التي تباركها وتبتسم لها السماء، وصفحة للجائعين الذين يبحثون عن الجائعين لملاقاتهم بابتسامة أو رغيف، وصفحة للأمهات اللواتي ينتظرن أولادهن ويقسمن من أعمارهن لطرد الموت ووقف النزيف، وصفحة للأطفال الذين يحبون مدينتهم ويعتقدون أن لا مكان آخر غيرها، وصفحة للشهداء الذين يرقدون في سلام..
 

 

 

نور سورية

المصادر: