..

ملفات

الكُتَّــاب

أرسل مشاركة


الى الثورة

التحديات الخطيرة أمام الثورة السورية

محمد عبد الله عايض الغبان

١٧ ٢٠١٣ م

تصدير المادة

pdf word print

المشاهدات : 6941

التحديات الخطيرة أمام الثورة السورية
0200.jpeg

شـــــارك المادة

الحمد لله القائل وما النصر إلا من عند الله وبعد: بعض المتابعين كان يتصور انهيار نظام الأسد في وقت وجيز أسوة بأنظمة تونس ومصر وليبيا التي لم تصمد طويلا، لكن الواقع أثبت عسر مخاض الثورة وبطش آلات النظام بكل متحرك على الأرض وبصورة جنونية تذكرنا بهجمات التتار في القرون الوسطى على بلاد المسلمين التي أهلكت الحرث والنسل في كل بلد وطأ ته.


ولم تقف هذه الهجمات الخبيثة إلا بعد أن توحدت الكلمة، وعاد الناس إلى دينهم الذي هو مصدر قوتهم وعزتهم ، حينها اندحر التتار مهزومين منكسرين بعد عبث رهيب طال كل شيء، وتتار اليوم ينهجون نفس المنهج ويقومون بالدور نفسه مع فارق الأسماء والتستر بالشعارات المضللة والتلبيس والتدليس على البسطاء والمهزومين من أصحاب الضمائر الميتة أو التي في طريقها إلى الموت، لكن الحق أبلج صاف، ولا يبصره إلا أهل الضمائر الحية، وأما الأموات فقد حكم الله عليهم في محكم التنزيل بأنهم لا يسمعون فقال:"إنك لا تسمع الموتى" وقد عانت الثورة السورية منذ ولادتها معانات مريرة تنوء عنها الجبال، وتغلبت بفضل الله تعالى ثم بجهود أبناء أهل الشام المؤمنين الأحرار على كثير من هذه المعاناة، وهي في طريقها بمشيئة الله إلى القضاء التام على هذا الطاغوت الجاثم بكل وحشية على الأرض المباركة.
وقد تأخر اكتمال النصر نظرا للعقبات الجمة التي واجهت ووقفت أمام هذه الثورة الباسلة ومنها:
1- أنها بدأت من الصفر دون أي مقومات ، بل لم يكن النقد متاحا ولو في أبسط صوره ، بل حتى الهمس بالنقد لا يكاد يوجد .
2- أن هذه سنة الله في الابتلاء تمحيصاً للمؤمنين وفضحا لأعداء الله المندسين " وليمحص الله الذين آمنوا ويمحق الكافرين"
3-  أن الشهادة في سبيل الله مطلب شرعي يتمناها كل مؤمن صادق فهي كرامة لعباد الله "وليعلم الله الذين آمنوا ويتخذ منكم شهداء"
4- عاشت بلاد الشام تحت سلطة جائرة فاسدة مفسدة ، نشرت الرذيلة وحاربت الفضيلة بكل الوسائل الدنيئة حتى تربى أجيال بعدوا عن الله بفعل هؤلاء الأوغاد ،وهذه الأحداث بمثابة الملهم ، وهي تربية وتأديب "أولما أصابتكم مصيبة قد أصبتم مثليها قلتم أنى هذا قل هو من عند أنفسكم" بسبب مخالفة واحدة من أفراد وباجتهاد أصابهم ما أصابهم فكيف بحالنا ومخالفاتنا الجسمية لكثير من أمور ديننا طافحة.
5-  وجود المندسين العملاء الذين باعوا ضمائرهم بدراهم معدودات لأعداء الله وأعداء أمتهم، إضافة إلى وجود بسطاء متبلدين تربوا على الاستعباد واستمراء الذل والمهانة ، فقلوبهم لا تفقه غير الطاعة العمياء والرضا بالموجود ولو كان شرا محضا ، فلا وقت لديهم لتشغيل عقولهم وتحرير أرواحهم الميتة.
6- فصائل الثورة المباركة يشوبها شيء من التمزق وعدم التنسيق التام وهو خطر قاتل ما لم يتم تداركه.
7-  بعض الفصائل متهمة بتعاونها مع تنظيم القاعدة، وكان النفي القاطع لهذا التعاون هو السائد، لكنا تفاجأنا في هذه الأيام بمبايعة هذه الفصائل للظواهري، وإقامة تحالف مع تنظيم العراق، وإعلان قيام دولة إسلامية تشمل القطرين، وهذا ما يتمناه النظام ويركز عليه حتى يكسب ود الغرب والجيران وأن القضية لا تعدوا أن تكون محاربة للإرهاب الذي يحاربه الغرب، وظهور التنظيم وبروزه بهذا الشكل يشكل أكبر التحديات للثورة، ويظهر أنه مخترق من الأعداء بدرجة واسعة، وما دخل هذا التنظيم في أمر إلا أفسده، وهو يبني خططه على أو هام وأحلام لا أساس لها من الواقع، وكم جنت أمتنا من ويلات ومحن جراء تهوره وافتآته على الأمة كلها بمشاريع فاشلة وبأفكار غير صحيحة وبحماس غير مدروس في منظومة يراد من خلالها نصرة الدين، لكنها مع الأسف ترتد على أمتنا وتؤخر مشروعها في كل مرة مراحل عديدة.
والمتحتم على العقلاء منهم أن يضعوا حدا لهذه المهازل ، وأن يكفوا أيديهم عن بلاد الشام ، وإن كانوا مصرين على المناصرة فليدخلوا فيما دخل الناس فيه ، وليلتزموا بمنهج الثورة ، وألا يخرجوا على الأمة بأفعال وأفكار تخدم أعداء الله وتصب في مصالح الطغاة ، وإلا فإن عليهم أن يتحملوا كل الأوزار والتبعات ، وسيضيفون إلى رصيدهم مزيدا من البغض والنفرة إن هم تمادوا في ذلك .
8- تكالب أعداء الله الروافض ضد الثورة ومناصرتهم العلنية للنظام ووقوفهم المستميت معه بالمال والسلاح والمقاتلين رغم أن النصيرية في دين الاثنا عشرية كفار، لكن لبغضهم الشديد لأهل السنة وعدائهم القديم لهم بحكم كونهم نواصب في عقيدتهم انحازوا مع هؤلاء الطغاة لجامع التشيع بينهم، ولكون سوريا تشكل منطلقا لنشر دينهم ،وقد فتح النظام لهم الأبواب على مصاريعها لاستباحة الأرض المباركة والقضاء على أهل السنة بطرق الترغيب والترهيب لإقامة هلال شيعي يحيط بمناطق أهل السنة، وذراعهم الدنس لنشر هذا المخطط هو ما يسمى بحزب اللات في لبنان وأعوانه من المعممين الآكلين للمال الحرام والسذج والبسطاء من الناس ممن لا هم لهم سوى إشباع غرائزهم ولو على حساب دينهم.
9- وقوف اليهود الخفي مع النظام لأنه يشكل عامل استقرار لحدودهم الآمنة من قبله ،فلم يتعرض اليهود لأي أذى من جانبهم طوال عقود من الزمن علما بأن موقف الممانعة من قبل النظام هو الشعار الخادع الذي يستميل به عامة الناس، وهذا الرضا اليهودي التام عن هذا النظام تبعه سكوت مريب من المجتمع الغربي وحكوماته لأنها تدور في فلك اليهود وتحقق استراجياتهم ولو على حساب بلدانهم، والجرائم البشعة التي ترتكب ضد أهل الشام تضمحل معها جرائم القذافي ضد شعبه ومع هذا فقد هب الغرب للقضاء على النظام الليبي بأسرع وقت، فتم القضاء عليه في أسابيع معدودة ؛ لأن ذلك يصب في مصلحتهم .
10- الموقف المخزي لروسيا تضامنا مع حليفه القديم ودعما لموقف إيران المرتبطة مع الروس بمصالح اقتصادية كبيرة ونكاية بالمسلمين الذين ينكل بهم الروس أشد التنكيل في المستعمرات الروسية لبلدانهم في بلاد الشيشان والداغستان وغيرها.
11- تخاذل المسلمين وتخوفهم من دعم هذه الثورة وتقصيرهم الحاد في مدهم بما يحتاجون إليه من سلاح ومال، ولو أنهم كسروا هذه الحواجز وتبنوا مواقف مستقلة بعيدا عن ما يسمى بالنظام الدولي، وأنفقوا من فتات أموالهم لتغير الحال ولاندحر الطغيان بأقل التكاليف.
12- هذه عقبات من وجهة نظري ساهمت في تماسك النظام وتأخر سقوطه، وجعلته طليقا يبطش بالأطفال والنساء والعجزة وبكل موجود على الأرض غير مكترث بأي نقد أو عتاب، وكأنه على اتفاق مع الأعداء على تدمير سوريا لتظل خمسين سنة بعد ذلك تحاول بناء ما دمرته الحرب وليسلم اليهود من أي خطر يهددهم على امتداد عقود مقبلة، وبالطبع هذا لا يتنافى مع أصوات الإدانة الجوفاء التي نسمعها بين الحين والآخر كنوع من النفاق والمتاجرة بأرواح البشر. وندائي لأهل الشام كافة المعنيين قبل غيرهم بهذه القضية بأن يهبوا هبة رجل واحد ضد الطغيان ،وألا يدعوا فرصة لأحد يخلخل صفوفهم ، وأن يكونوا يدا واحدة مع الثورة ، ويربوا أطفالهم على العزة والإباء ، وأن يعودوا إلى الله مقبلين مخبتين.
ثم وصيتي للمقاتلين المجاهدين بالصبر والمصابرة وردم الفجوات والتوحد التام ضمن قيادة واحدة ،وأن يكونوا على يقظة تامة من المندسين ، وألا يثقوا ثقة عمياء بكل من ينضم إليهم من جنود النظام حتى يختبر بعناية ودقة تحسبا لأي اختراق ، وأن يكون قتالهم وفق برنامج موحد، وعليهم أن يترفعوا عن الانتقام والتشفي والعشوائية في التخطيط ، وألا يسيطروا على منطقة حتى يضمنوا قدرتهم على المحافظة عليها، وأن تكون خالية من الكمائن ، ومن المسلم به ألا يستحق قيادة المقاتلين إلا من كان أهلا لذلك.
وأما العرب والمسلمون فأخاطبهم بخطاب الحق سبحانه " وإن استنصروكم في الدين فعليكم النصر" فماذا تنتظرون وقد سفكت الدماء في كل شبر ،وانتهكت كافة الحرمات ،وسيكون الدور عليكم قاسيا، وحينها لن ينفعكم الندم "وإن تتولوا يستبدل قوما غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم" اللهم عجل بنصرك وتأييدك لأهلنا في الشام ، واجعل طواغيتهم عبرة وعظة لمن خلفهم. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.

تعليقات الزوار

لم يتم العثور على نتائج

أضف تعليقًا

جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع