..

ملفات

الكُتَّــاب

أرسل مشاركة


الى الثورة

خطورة التسليح الخفيف للجيش السوري الحر

أمل عبد العزيز الهزاني

٥ ٢٠١٢ م

تصدير المادة

pdf word print

المشاهدات : 7790

خطورة التسليح الخفيف للجيش السوري الحر
الحر.jpg

شـــــارك المادة

انتظرت القوى الكبرى أن يقضي النظام السوري على الثوار السوريين، ولم يسعه ذلك. منحوه عاما كاملا ليفعل فتطوى هذه الصفحة، لكنه فشل. إصرار الثوار وشجاعتهم فاجأت الكل، الكل بلا استثناء، حتى النظام نفسه لم يكن ليتصور أن 45 عاما من القمع والترهيب لم تطفئ جذوة الشجاعة في نفوس السوريين، وأن النار كانت ساكنة تحت الرماد، خلع السوريون لباس الجوع والخوف وخرجوا لا يلوون على شيء.

 

لم يتوقف الثوار يوما منذ سنة وأربعة أشهر، بل ازدادوا إصرارا وارتفع عدد المظاهرات اليومية بالتزامن مع ارتفاع عدد الضحايا. حتى إسرائيل الدولة الآثمة أنطقها بطش نظام بشار الأسد بالسوريين، فقد تعجب الإسرائيليون كيف لأحد أن ينكل بأهله وقومه ويذبحهم بدم بارد؟ الإسرائيليون الذين يعدون آخر من يفقه في حقوق الإنسان، الذين امتهنوا التنكيل بالفلسطينيين المدنيين 70 عاما، استنكروا أن ينظر بشار الأسد للشعب السوري - صغارهم وكبارهم - على أنهم أعداء وخصوم.

سفن إغاثة النظام السوري العابرة من روسيا وإيران والمحملة بالأسلحة والعناصر المدربة تمر منذ يناير (كانون الثاني) الفائت تحت أعين الأقمار الاصطناعية وأجهزة الرصد الأميركية والأوروبية حتى تفريغها في ميناء طرطوس. الغرب يغض النظر عنها لأنه لا يتحمل تداعيات الاعتراف بحقيقتها، لكنه جهور الصوت برفض تسليح الجيش الحر. في النهاية، لا نستطيع أن نلوم الروس وحدهم، لأنهم ليسوا أسوأ من الشياطين الخرس.

حسابات سوريا معقدة على دفتر الدول الكبرى، فالرئيس الروسي العائد فلاديمير بوتين يريد أن تستعيد بلاده دورها المحوري وتستعيد مقعدها كأحد القطبين اللذين يحكمان العالم. أما الرئيس الناعم باراك أوباما فهو يعمل وكأنه رئيس لدولة نامية صغيرة، هدفها لملمة أبنائها العسكر المنتشرين في مناطق النزاع الساخنة وإعادتهم لحضن أمهاتهم. وميركل القوية، ولية أمر الاتحاد الأوروبي، مهمومة من انهيار اقتصاديات دول اليورو.

الثوار السوريون ليسوا أولوية لأحد، بل هم إشكالية معقدة، صلت لربها الدول الغربية أن تصحو يوما لتجدها قد حلت. من يصدق أن الثوار السوريين لم يقرروا حمل السلاح الخفيف وحماية أنفسهم من شراسة النظام الحاكم إلا في منتصف مارس (آذار) الماضي؟ أي بعد مرور عام كامل على انطلاقة ثورتهم في مارس 2011! ليس عجيبا أن تكون هذه الثورة عصية على الهزيمة.

صحيح أنه لو لم يحمل الثوار السوريون السلاح لكان عدد الضحايا متجاوزا بأضعاف 14 ألف ضحية المعلنة، خاصة مع احتماء التحدي، ولكان الموقف الدولي كما هو؛ روسيا تدعي وجود عصابات مسلحة كما يردد النظام، وبقية الدول الغربية حائرة بين الانتصار للسوريين أو مراعاة مصالحها. ولكن مشكلة تسلح الجيش السوري الحر أنه تسلح خفيف، وبعضه من رجيع أفراد الجيش الذين انشقوا عن النظام أو باعوا أسلحتهم. ولأن هذا المستوى البسيط من التسلح كشف سوأة الجيش السوري وضعفه وأظهر حقيقة أنه جيش البزة العسكرية وليس جيش آلة الحرب العسكرية، اضطر النظام إلى تكثيف استجلاب الإمدادات اللوجيستية من آلات عسكرية وأفراد مدربين من روسيا وإيران، فظل توازن القوى كما هو؛ لصالح جيش النظام وشبيحته.

أشاع نظام بشار الأسد أن الجيش الحر مدجج بالسلاح ليبرر للعالم جرم أفعاله بحق المتظاهرين وقصفه العشوائي للأحياء السكنية، واستهداف الجنائز، والخطف والاعتقالات اليومية.

ما سيغير موقف الدول الكبرى من القضية السورية هو استمرار فشل النظام في القضاء على الثورة، ولكن هذا الوقت الذي تحتاجه هذه الدول لتفقد الأمل وتيأس من فاعلية النظام في قمع المظاهرات وصد الجيش الحر سيأتي على حساب المدنيين، وبمرور هذا الوقت بلا حسم ستتكرر مجزرة الحولة حتى يصبح خبر ارتكاب المجازر خبرا اعتياديا، كما أصبح عدد القتلى اليومي خبرا اعتياديا.

التسليح الجاد لعناصر الجيش الحر وفرض مناطق عازلة سيحمي المدنيين، خاصة النساء والأطفال، وسيوصل الثوار للقصر الرئاسي خلال أسابيع قليلة، وسينتهي هذا الفصل الدامي والمؤلم من حياة السوريين بأضرار أقل، وكل من يماطل أو يؤخر الحسم هو شريك في مسؤولية الدم، لأنه يفعل ذلك عمدا وليس اضطرارا.

 

المصدر : الشرق الأوسط

تعليقات الزوار

لم يتم العثور على نتائج

أضف تعليقًا

جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع