..

ملفات

الكُتَّــاب

أرسل مشاركة


الى الثورة

جماعة التفجير

أبو عبيدة الغريب

١٩ ٢٠١٢ م

تصدير المادة

pdf word print

المشاهدات : 6787

جماعة التفجير
4.jpeg

شـــــارك المادة

لم أستطع أن أتمالك نفسي أمام مشاهد الدم والجثث المتفحمة وأعمدة الدخان المتصاعدة أمام فرع فلسطين وفرع الدوريات وعلى الرغم أننا اعتدنا رؤية مثل هذه المناظر التي ينتجها النظام كل يوم إلا أنها أثارت في نفسي الكثير من مشاهد الحزن والأسى، لأن مثل هذا العمل لا يقوم به إنسان يحمل بين ضلوعه قلباً ولا يفعله إنسان في رأسه عقل أو في نفسه ذرة ضمير.


ولعل نظام الأسد يتفوق بإجرامه على كل شياطين الإنس والجن وعلى كل دكتاتوريات الأرض، بل ويتفوق حتى على الجريمة نفسها.
فقد أعاد إلى ذاكرتي هذا العمل ما حصل في سنة 2008 في نفس المكان ومع نفس الفرعين المشؤمين، فقد قابلت في فترة حبسي المتهمين بذلك التفجير، وبعد مشاهدتي لهذا التفجير الأخير رأيت أن من واجبي أن أنقل شهادتي عن تفجير 2008، وأن أقدم مقارنة بسيطة بين التفجيرين.
بداية لا بدّ لي أن أذكر محاولة التفجير والمخططين له، ففي سنة 2008 قامت جماعة فتح الإسلام بمحاولة لتفجير فرع فلسطين، هذه الجماعة التي تشتت وتمزقت كل ممزق بعد عملية نهر البارد في لبنان، فبعد خروج شاكر العبسي من المخيم دخل الأراضي السورية وتنقل في العديد من المحافظات السورية؛ "دمشق وريفها حلب وريفها إدلب حماة القنيطرة"، ليتم أخيراً قتله في إحدى الاشتباكات مع المخابرات الجوية في دمشق.
وبعد مقتل شاكر العبسي هام تنظيمه على وجهه وانقسم أتباعه إلى ثلاث مجموعات تتنافس على إمارة التنظيم، وكل مجموعة تدعي أحقيتها بالإمارة، فكانت كل مجموعة تريد أن تثبت نفسها وقدراتها لنظيرتها فقامت مجموعة من هذه المجموعات بالتخطيط لضرب فرع فلسطين، وتمت العملية في 27/ 9 - 2008 يوم السبت، واستهدفت فرع الدوريات الملاصق لفرع فلسطين.
ففي كل يوم تخرج باصات المبيت من فرع الدوريات الساعة 5 صباحاً وتعود في تمام الساعة 7 حاملة الموظفين إلى الفرع سارت السيارة المفخخة خلف باص المبيت، وعندما دخل الباص إلى الفرع دخلت خلفه السيارة المفخخة لكنها لم تستطع الدخول إلى أكثر من البوابة، وتم تفجير البوابة وباص المبيت.
ترتب على هذا التفجير أن كل من خطط لهذا العمل؛ إما قتل بالاشتباكات مع الأمن، أو قام بتفجير نفسه بالأحزمة الناسفة.
وعجزت الدولة عن إلقاء القبض على أي شخص ذو صلة مباشرة بالتفجير.
هنا وقع الأمن في موقف محرج وهو الذي عود السوريين أن يُخرج بعد كل عمل إرهابي اعترافات أشخاص تم القبض عليهم تتبنى العمل. وبما أن كل الذين خططوا قتلوا كانت العصا السحرية التي ستنقذ النظام هي تنظيم القاعدة، فقد كان لديهم في قبو الفرع مجموعة تابعة لتنظيم القاعدة في العراق تقدم بعض الدعم للمجاهدين؛ "إسعافات، معدات طبية، حتى بعض المتفجرات الخفيفة لصناعة الأحزمة الناسفة".
وكان قائد هذه المجموعة هو عبد الباقي الحسين من إدلب معه مجموعة من الفلسطينيين والسوريين، فقام رئيس الفرع واسمه حسن دياب من القصير في حمص بإحضار والدة عبد الباقي وزوجته وقال له وأمام أمه وزوجته: سنفعل كذا وكذا بأمك وزوجتك إن لم تفعل ما نقوله لك، فقالت الأم لابنها بعد سماع هذه الكلمات البذيئة: "داخلة على الله يا عبد الباقي لا تفضحنا آخر عمرنا".
وافق الرجل على تنفيذ طلبات رئيس الفرع ولكي يظهر الفلم بصورة واقعية يقتنع بها الناس؛ قام رئيس الفرع بإحضار المخرج نجدت إسماعيل أنزور وبحضور آصف شوكت تم تسجيل الاعترافات.
لقد كان أنزور محققاً من محققي الفرع.
قال آصف لأحد الشباب: اعترافاتك كلها فارغة، فيتدخل أنزور قائلاً: اتركها علي يا سيدي.
فقام بتقطيع كلام الشباب وقصٌ هنا وتركيب هناك.
ولعلكم شاهدتم ما يتخلل الاعترافات من عرض لصور الأسلحة المصادرة وهو مشهد مكرر في كل الاعترافات التي تظهر وهم يأتون بها من مستودعات الفرع وتظهر بين اعترافات الشباب ليغطوا على المشاهد التي يقومون بقصها من كلام الشباب، وأتحداهم أن يخرجوا اعترافات الشباب دون وضع هذه المشاهد.
أعود الآن إلى التفجير الأخير:
تنظيم فتح الإسلام وعلى غفلة أمنية من النظام وبدون وجود أزمة لم يستطع الحصول على أكثر من 100 كيلو من مادة السيفور لتفجير الفرع ومع هذه الغفلة الأمنية لم يستطع الوصول أكثر من البوابة وبدون وجود حواجز أمنية تقطع شوارع العاصمة وفي منطقة أمنية بامتياز، والآن وبعد أكثر من سنة على الأزمة البعثية ومع استعداد النظام الكامل لمثل هذه التفجيرات المزعومة التي حصلت في كل من دمشق وحلب يحصل تفجير مخلفاً وراءه حفرة قطرها 10 أمتار وعمقها 5 أمتار.
إذن: شبيح يحكي وعاقل يسمع.
الشيء الآخر: منذ أكثر من سنة وإلى الآن نسمع بتنظيم القاعدة وهو قد يكون موجوداً في سوريا فكرياً لكنه يستحيل أن يكون له وجود الآن عملياً لماذا؟
تنظيم فتح الإسلام بعد قيامه بالتفجير بأربعة أيام كان هناك 350 شخصاً من أتباعه داخل السجون السورية وعلى رقعة الأرض السورية من القامشلي إلى القنيطرة مع غفلة النظام عنهم، فكيف اليوم وهو يأخذ كامل حذره يعجز عن القبض عليهم وهو الذي قطع سوريا بدباباته شرقاً وغرباً، وهو الذي زرع عام 2010على كل 250 متر على الحدود العراقية مخافر للهجانة لمنع تسلل المجاهدين من العراق بأمر من رئيس فرع الأمن العسكري جامع جامع حتى استطاعوا أن يمنعوا علبة السجائر من المرور عبر الحدود.
أخيراً وليس آخراً: لأن مسلسلات النظام لا تنتهي أقول: إن هذا العمل لا يقوم به فرد أو مجموعة لن يفعله إلا إنسان مجنون يظن أن طريقة القمع التي حصلت في الثمانينات تصلح لعام 2012، وأعتقد أن هذه الصفات من السذاجة والغباء لن نجدها إلا عند رئيس مجنون واحد لأجهزة استخبارات معتوهة..

المصدر: رابطة العلماء السوريين 

تعليقات الزوار

لم يتم العثور على نتائج

أضف تعليقًا

جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع