..

ملفات

الكُتَّــاب

أرسل مشاركة


الى الثورة

مداراة السطلة أمر طبيعي

وليد الهويريني

١٠ ٢٠١٦ م

تصدير المادة

pdf word print

المشاهدات : 2986

مداراة السطلة أمر طبيعي
_WgR7hvZ.jpg

شـــــارك المادة

مداراة السلطة وتفادي الصدام المباشر معها حفاظاً على السلامة الشخصية أو حفاظاً على المهمة الرسالية لفكرة يعتنقها الإنسان أمر سائغ وهذا له شواهده من سير الأنبياء عليهم السلام والصحابة رضوان الله عليهم، وفي تاريخ البشرية عموماً، وفي الجهة المقابلة فقد وصف النبي عليه السلام من قال كلمة الحق متحملاً ما يلقاه حتى يُقتل بأنه سيد الشهداء ، ولكن خاطرتي هذه لا تتناول هذا الموضوع.

في واقعنا المعاصر ستلحظ عامة الخائضين  ( أيا كان صلاحهم وفسادهم ) في الشأن العام ونوازل الأمة لا يخلو خطابهم من وجود حد أدنى من مداراة السلطة وهذا أمر طبيعي جداً وإنما قد يختلفون في مستوى المداراة طبقاً للسقف المتاح في المكان الذي يتواجدون فيه .

فالقاعدي والداعشي الذي يعيش في السويد أو فرنسا أو كندا يجد لنفسه أعذاراً شرعية وأخلاقية في عدم إعلان قناعته الكاملة حفاظاً على سلامته أو تأولاً لمصلحة يظنها ، والليبرالي في الرقة أو الموصل يمارس الأمر ذاته وهو تحت سلطة داعش
وبين هذين النموذجين المتطرفين نماذج مختلفة ومتفاوتة تراعي الشئ ذاته بحسب السقف المتاح لها .

الصورة المؤذية التي بت أشمئز منها تبني البعض خاصة ممن يرفع راية الإصلاح السياسي الثوري لما أسميه  " بالمزايدة السياسية"  على الآخرين في شجاعتهم لمداراتهم للسلطة بينما هو يمارس الأمر ذاته في مكانه الذي يعيش فيه ولكنه يزايد على الآخرين لأنه يعيش في ظروف بلد يتمتع بظروف أفضل من جهة الحريات .

الجميع يعرف جيداً مثلاً الفرق بين الكويت والإمارات وبين مصر والأردن وبين سوريا ولبنان من حيث هامش الحرية فتجد هذا الثوري الحنجوري  الذي يسكن في بلد سقف حريته أعلى  يصبّح الناس ويمسيهم بالحديث عن الثورة ويصف المصلح في هذا البلد أو ذاك بالجبن أو الخور لمداراته وليس مداهنته للسلطة مع كون الثوري الحنجوري يمارس نفس المداراة التي يمارسها الآخرون الذين يهجوهم ولكن بحسب مقتضيات السقف المتاح في بلده .

فالثوري الحنجوري  لا يستطيع أن يتكلم بوضوح عن موقفه من سلطة بلده على وجه التفصيل وبموقفه الشرعي تجاه رأس السلطة ولكنه لا يخجل من رمي الآخرين بالخور والجبن ومطالبتهم بما عجز هو أن يفعله في بلده الصغير ...والصورة نفسها تتكرر لدى منظر القاعدة والسلفية الجهادية الذي يمارس المزايدة نفسها...ومثلهم الثوري والتكفيري الذي يرسل قصائده وتغريداته الثورية وهو يتجول بين غابات كندا ومنتجعات الريفيرا الفرنسية  .

بعيداً عن تقييم صحة أو انحراف أطروحاتهم، هذه العينة الحنجورية من الثائرين والمعارضين تفتقد لأدنى أرضية أخلاقية تقف عليها، في داخل كل واحد من هؤلاء "بذرة جموح استبدادي واستعلائي" ومن كان هذا حاله فلن يجني من مزايداته إلا هتاف مدرج عاطفي وقتي سرعان ما سيغادر المكان إذا تبين له هشاشة أطروحاته وغثائية مزايداته. 

 

 

قناة الكاتب على تليغرام 

تعليقات الزوار

لم يتم العثور على نتائج

أضف تعليقًا

جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع