..

ملفات

الكُتَّــاب

أرسل مشاركة


الى الثورة

فيتو عربي..لا روسي

خالد عبد العزيز الحماد

١٨ ٢٠١٢ م

تصدير المادة

pdf word print

المشاهدات : 3010

فيتو عربي..لا روسي
70059.jpeg

شـــــارك المادة

أمريكا والاتّحاد الأوروبي وروسيا والصين، كلّ هؤلاء يتحرّكون لمصالحهم ولأهدافهم. صحيح أنّ أمريكا وأوروبا تحرّكت ضمائرهم، ووقفوا مع الشّعوب العربيّة في ثوراتهم ضدّ الاستبداد، وروسيا والصين فضّلتا الأنظمة على الشّعوب؛ بحكم أنهما من الدّول القمعيّة ميتة العاطفة والضّمير، ومنافستان للغرب في تقاسم الكعكة؛ لكن مهما استماتت روسيا وكذلك الصّين في الدّفاع عن إجرام النّظام السّوريّ، وعطّلتا أيّ قرار يصدر من مجلس الأمن ضد الجزّار بشار الأسد؛ فإنّنا لا نتفاجأ، ولا يحزننا هذا الموقف مثلما يحزننا ويؤلمنا موقف الدّول العربيّة!!


والشّعوب العربيّة والحكومات العربيّة المنتخبة عليها أن لا تغتفر لروسيا والصّين هذا الموقف؛ باتّخاذ قرارات سياسيّة ودبلوماسيّة واقتصاديّة حاسمة تعزل روسيا والصّين، وتقطع أيّ تواصل ومنافع وامتدادات لهاتين الدّولتين عبر ديار العرب.
وروسيا تعدّ سوريا داخلة تحت ولائها منذ عصر النّفوذ السّوفيتي، ولها معها علاقات وتعاون اقتصاديّ كبير، فطبيعي أن تدافع عن نظام الجزّار الأسد؛ لأنّها مستفيدة منه، لكنّ هذا المجرم فضحها، وكشف عن عدم إنسانيّتها وموت عاطفتها. تشاهد هذا الجزّار يبيد أمّة كاملة، ولا يتحرّك ضميرها وشفقتها لإنقاذ الأبرياء، وإنما تقدّم المادّة والمصلحة.
ووِقفتها مع الأنظمة المستبدّة ودعمها لها، هذا ليس جديدًا، بل ومعروف منذ زمن، وهذه الثّورات أبرزتهم بصورة واضحة للعالم، وبالأمس رأينا كيف وقفوا ضدّ أي قرار يصدر من مجلس الأمن للتدخّل في ليبيا، وبالأخير بعد عدّة جلسات متواصلة لا يصوّتون مع قرار الحظر الجويّ؛ لكنّهم لم يعترضوا عليه.
والذي دعم استصدار القرار اللّيبيّ؛ هي الجامعة العربيّة، فوِقفتها كانت سريعة واتّخاذها للقرار كان حاسمًا، فلم تتململ وتبعث مراقبين، وتكثر من عقد الجلسات، وتبعث بالبروتوكولات، بل طالبت مجلس الأمن باستصدار قرار حظر جوّيّ دون تدخّل عسكريّ. هذا الموقف يُحفظ لها ولعمرو موسى؛ لكن في سوريا تغيّر الأمر، ومع رئيسها العربيّ مُيّعت القضيّة وزادت المهل، ومُنِح النّظام شرعيّة، على الرغم من القتل المستمرّ والمجازر البشعة، وأعطي مزيدًا من الوقت لاسترداد الأنفاس، وعندما رفعت القضيّة لمجلس الأمن رُفِعت ضعيفة هزيلة تُبقي النّظام، وتُطالب بتنحّي الأسد. قرى وأحياء كاملة تُهدّم على ساكنيها، ولا يُسمح بإنقاذهم، والمبادرة تطالب بحصانة وتنحٍّ للأسد، أمّا نظامه وحاشيته، ومن تلطّخت أيديهم بالدّماء فهم باقون كي يبقى نظام القمع والاستبداد!!
موقف العربيّ وجامعته الهزيل من القضيّة السّوريّة؛ هو الذي آلمنا، وليس الفيتو الرّوسيّ؛ فالفيتو العربيّ هو من عطّل استصدار قرار حاسم ضدّ الأسد؛ لأنّهم من البداية تعاملوا مع مجازر هذا النّظام بميوعة، والنّظام يمارس المجازر منذ الشّرارة الأولى للثّورة. لماذا أضيّع الوقت وأكسبه شرعيّة، وأنا أعرف النّظام ووحشيّته، وأعرف إمكانيّاتي وقدراتي، وأعرف ضعفي وهزلي؟ لماذا لم أطبّق عليه الحالة اللّيبيّة؛ مع أنّ وحشيّته وقمعه وتهديده وتأجيجه للمنطقة وخيانته للعرب وولاءه لإيران أشدّ من ظلم وقمع القذافي؟
ثم بعد كلّ هذا التّململ، وكلّ هذا الضّعف، وكلّ هذا الفشل؛ نذهب لمجلس الأمن لا لنطالبه باستصدار قرار يحمي الأبرياء، وإنّما نطالبه بقرار يحمي الأسد وعائلته، ويُعطى الحصانة، ويُسكّن في القصور بعد كلّ هذه الإبادة لشعبه.
الحقيقة موقف الجامعة لا يشرّفنا كعرب بل يخذلنا، والتّاريخ لن ينساه، وسيخطّه بمداد الدّم السّوريّ الطّاهر الذي ما برح ينزف. الشّعب السّوريّ نُسي في مجلس الأمن..
جثث الشهداء.. أنين الضحايا.. صراخ الأطفال، وعويل النّساء؛ كل هذا لا يهمّ، المهمّ أن يقتنع الأسد بالتنحّي، ويُترك نظامه المجرم يواصل المِشوار في قتل الأبرياء.
بئست المبادرة، وبئست الرّؤية العقيمة التي تعرضها الجامعة أمام مجلس الأمن. ولذلك هذا الضعف والهزل؛ هو الذي جعل قرار مجلس الأمن هزيلاً؛ لأنّ الجامعة لو وضعت أوراقها على طاولة مجلس الأمن، وطالبت العالم بالتصويت وبالتحرّك الفوريّ لإنقاذ أرواح الأبرياء؛ لتغيّرت خطابات المشاركين، وفتحنا المجال للدّول الكبرى أمريكا، وأوروبا كي تتحدّث بقوّة وتحثّ على استصدار قرار، وتصفع الصين وروسيا؛ بأنّ هذا قرار ورأي عربيّ قبل أن يكون رأيًا أمريكيًّا؛ لأنّ حوار المجلس هو حوار تنافس الأقوياء على الممالك والنفوذ؛ فروسيا لا تريد تدخّل أمريكا والغرب في مناطق نفوذها القديمة؛ لكنّهما يلقمونها حجرًا عندما يبنون على قرار عربيّ يطالب المجلس بإنقاذ أرواح الأبرياء من القتل الوحشيّ الذي يمارسه عليهم الجزّار الأسد.
فكيف نريد من المجلس أن يستصدر قرارًا يخصّنا ونحن أنفسنا فشلنا وضعفنا في اتّخاذ قرار حاسم يردع نظام الجزّار، ويجتثّه من الحكم هو وزبانيته؟!
إذًا لا أحد مسؤول عن قضايانا ومشاكلنا سوانا، فاللّوم علينا نحن العرب وجامعة العرب التي وقفت في صفّ النّظام، وحاورت النّظام، ولانت معه، واعترفت بالجماعات المنشقّة المخترقة من قبل الأسد، وشتّت المعارضة، وفتحت بابًا كبيرًا للإشكالات والخلافات حتى أوصلتنا إلى هذه المرحلة؛ لكن بعد هذه المجازر أتصوّر أنّ الجامعة ستزيد من قوّتها ومن حسمها للقضيّة، وستحفظ ماء وجهها بقرار تدخّل دوليّ عاجل ينقذ الإخوة والأمّة المنكوبة في سوريا، وموقف دول الخليج بطرد السّفراء مفرح، ولعلّ مرحلة الحسم قربت -إن شاء الله- لرفع الكرب عن الشّعب السّوريّ المضطهد، وكذلك لإنقاذ المنطقة من مزالق خطيرة لا تُحمد عُقباها.
أسأل الله أن يفرّج عن إخواننا هناك، وأن يرفع عنهم ما حلّ بهم من قتل وقصف وهدم، وأن ينقذهم من براثن هذا الأسد المخبول وأن ينتقم منه.
اللهمّ أرِنا فيه يومًا حالكًا أسود، اللهمّ اجعلْه عبرة لكل متغطرس متكبّر جبّار، وصلّى الله على نبيّنا محمد.
سطور أخيرة:
السعوديّة لها نفوذ وقدرة على تحريك الرأي الدّوليّ وحثّ الدّول الكبرى ومجلس الأمن على استصدار قرار يحمي المدنيّين في سوريا، وإسقاط هذا المجرم الخائن، وكما أنّ إيران تدعم الأسد بقوّة، فإنّ على السعودية أن تعادل الكفّة، وأن تحمي الشّعب المظلوم في سوريا بشتّى الوسائل..
آمل ذلك..

المصدر: الإسلام اليوم

تعليقات الزوار

لم يتم العثور على نتائج

أضف تعليقًا

جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع